- خلال يومين فقط، شهدت البورصة الإيرانية سحب أكثر من 2800 مليار تومان بسبب القلق من احتمال اندلاع حرب، لكن الخبراء يرون أن التأثيرات السلبية قد تكون مؤقتة.
- يتوقع الخبراء أن تتجاوز الأسواق الإيرانية هذه الفترة الصعبة وقد تشهد تحسينات على المدى المتوسط والطويل، خاصة إذا لم ترد إسرائيل على الهجمات، مما قد يعزز موقف إيران دوليًا ويحسن اقتصادها.
تعرضت الأسواق الإيرانية إلى ارتباك واضح، على خلفية تصاعد احتمالات وقوع حرب مع إسرائيل بعد الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة الإيرانية، في وقت متأخر من مساء السبت، ثم بدأت تستعيد عافيتها بالتدرج، بعد تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الداعية إسرائيل إلى عدم الرد على الهجمات وتراجع نبرة التهديدات الإسرائيلية بالرد.
بدأت الأسواق الإيرانية تتأثر بالأجواء الساخنة قبل أن تباشر إيران هجماتها، حيث كانت البورصة أول سوق سجلت انتكاسة، يوم السبت، تحت تأثير تصاعد احتمالات الرد الإيراني على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري.
وبدأ نزيف بورصة طهران، السبت، بخسارة 54 ألف نقطة، ثم استمر الأحد لتسجل هبوطاً جديداً أكثر من 11 ألف نقطة بعد الهجمات.
لكن ما ساهم في تسجيل خسارة أقل من السبت هو تراجع احتمالات وقوع حرب من جراء الرد الإيراني، فضلا عن إجراءات اتخذتها سلطات البورصة للحد من نطاق تذبذب الأسعار.
وبالمجمل، وسط مخاوف شديدة، أخرج المستثمرون الإيرانيون أكثر من 2800 مليار تومان، ما يعادل أكثر من 43 مليون دولار، من البورصة خلال يومي السبت والأحد الماضيين.
ويرجع الخبراء في سوق المال الإيراني، نزيف الأسهم إلى "السلوك المنفعل" للمستثمرين، الذين سيطرت عليهم مخاوف من تصاعد التوتر في المنطقة واندلاع حرب، وهي كانت مشفوعة أيضا بخسارة كثير من المستثمرين الإيرانيين كثيراً من استثماراتهم في البورصة خلال السنوات الأربع الأخيرة، بعدما بدأ نزيف بورصة طهران الشديد من صيف 2020، قبل أن تتعافى قليلاً خلال الشهور الأخيرة.
أيضا كان سوق العملات في طهران هو السوق الثاني المتأثر بالأجواء الساخنة، إذ هبطت عملة الريال الإيراني منذ منتصف ليل الأحد نحو مستويات قياسية جديدة، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار من 660 ألف ريال إلى 720 ألف ريال.
لكن بعد تراجع احتمالات الحرب على خلفية التصريحات الأميركية، إثر الرد الإيراني، بدأ الريال الإيراني يتعافى، ليعود سعر الصرف إلى ما كان عليه قبل تنفيذ القوات الإيرانية هجماتها.
في الأثناء، أعلن الطيران المدني الإيراني تمديد إلغاء الرحلات في كثير من مطارات البلاد حتى السادسة صباحاً من يوم الغد الاثنين.
وتحدث مدير العلاقات العامة في شركة المطارات والأسطول الجوي الإيراني، رضا كارغر، في تصريحات لوسائل إعلام إيرانية عن إلغاء رحلات مطار "الإمام الخميني" الدولي بطهران، فضلاً عن مطار مهرأباد، إلى جانب مطارات أخرى في أصفهان وشيراز وبوشهر وسنندج وإيلام وكرمان وغربي البلاد.
كما تسبب الخوف من تداعيات الهجوم الإيراني في حدوث ازدحام على محطات الوقود في العديد من المدن الإيرانية في ساعات متأخرة من السبت، قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته صباح الأحد بعد انتهاء الهجمات الإيرانية والتصريحات الأميركية "الهادئة" والتي دعت إسرائيل إلى ضبط النفس وعدم الرد.
يقول الخبير الاقتصادي الإيراني محمد حسين أنصاري فرد لـ"العربي الجديد" إنه كان يُتوقع أن تترك التوترات الأخيرة، خاصة الهجمات الإيرانية على إسرائيل، "تأثيرات سلبية" على الأسواق الإيرانية.
ويضيف أن بلدانا مثل إيران لا تتمتع بـ"استقلال اقتصادي كامل، وبطبيعة الحال حوادث كهذه ستكون لها مفاعيلها بسبب تصاعد التوقعات التضخمية".
ويتابع أنصاري فرد أنه عندما تكون هناك اضطرابات ومخاوف فمن الطبيعي أن تراود المستثمرين والناس قلاقل تؤدي إلى سحب الأموال من البنوك وكذلك البورصة، ثم تزداد أسعار الذهب والعملات الأجنبية.
ويتوقع أن تكون التأثيرات السلبية لهذه التطورات على الأسواق الإيرانية "مؤقتة"، مضيفا: "أعتقد أنها لاحقا ستبدأ بتأثيراتها الإيجابية".
وعن هذه التأثيرات، يقول الخبير الإيراني، إنه عندما يثبت للعالم أن إيران "لديها قوة ردع عالية في مواجهة الهجمات ومؤامرات الأعداء ويمكنها الدفاع عن نفسها وأن أعداءها يخفقون في الرد، فذلك سيمنح هدوءا إلى الأسواق الإيرانية مع مرور الوقت على المديين المتوسط والبعيد".
وعليه، يرى أنصاري فرد أن المستثمرين الأجانب حينها ربما يتحمسون للاستثمار في إيران أكثر من السابق، داعيا في الوقت ذاته إلى التريث لمعرفة ما سيحصل خلال الأيام المقبلة ما إذا كانت إسرائيل سترد أم لا. لكن إذا لم ترد إسرائيل وانتهى الأمر بالهجمات الإيرانية فسيتعزز موقف إيران داخلياً ودولياً، حسب أنصاري فرد، الذي أكد أن من شأن ذلك أن تكون له مفاعيل إيجابية على الاقتصاد الإيراني.