احتيال لسحب الدولار: شركات عراقية تستغل السفر إلى بيروت

04 مارس 2023
 تفاوت سعر الدينار يزيد الأزمة (مرتجي لطيف/ فرانس برس)  
+ الخط -

بدأ البنك المركزي العراقي إجراءات متعلقة بتزويد الشركات والتجار بالعملة الصعبة انصياعاً لمتطلبات البنك الفيدرالي الأميركي، الذي فرض، مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، حزمة من الإجراءات الواسعة على العراق، للحد من تهريب الدولار الى إيران ونظام الأسد في دمشق.

واقع دفع العديد من الشركات ورجال الأعمال العراقيين إلى اللجوء لطرق أخرى للحصول على الدولار، خاصة الجهات المدرجة ضمن القائمة السوداء للبنك المركزي العراقي.

ومن خلال المنصة الإلكترونية التي بدأ العراق العمل بها وتتيح للبنك الفيدرالي الأميركي مراقبة الحوالات المالية والجهات المستفيدة من الدولار في العراق، أقرت بغداد حزمة من المعالجات لتوفير الدولار للمسافرين لأغراض العلاج أو الدراسة والسياحة، بقيمة 7 آلاف دولار للمسافر و3 آلاف دولار للمعتمر، لقاء تقديمه تذكرة سفر فاعلة وجوازاً نافذاً، ويحصل على المبلغ من داخل المطارات التي افتتح البنك المركزي العراقي فيها منافذ بيع الدولار بالسعر الرسمي، وهو 1310 دنانير للدولار الواحد.

إلا أن الأيام الماضية سجلت عمليات احتيال جديدة، تتورط فيها شركات استيراد وأخرى للصرافة ومكاتب تحويل مالي، وكذلك رجال أعمال، من خلال إرسال عشرات الشباب إلى لبنان والاستفادة من المبلغ الذي يتلقونه داخل المطار.

أما اختيار لبنان، فهو لسبب أن تذكرة السفر على متن الخطوط الجوية العراقية إلى بيروت تبلغ أقل من 100 دولار، حيث يقيم الشخص بضع ساعات أو يوم واحد، ثم يعود بالمبلغ الذي حصل عليه من البنك المركزي بالسعر الرسمي على اعتبار أنه مسافر، فيما الدولار ما زال في السوق العراقية عند عتبة 1520 ديناراً، ما يجعل الفارق يصل إلى 22 ألف دينار عراقي لكل مائة دولار. ولا يتطلب من العراقي تأشيرة دخول مسبقة للدخول إلى لبنان، إذ يكتفي بختم داخل مطار بيروت للدخول مقابل رسوم بسيطة.

ولفت عدد من المشاركين في هذه الرحلات إلى أن شركات للسفر تقدم لهم هذه الفرصة، بحيث يحصلون على المبلغ من منافذ البنك المركزي العراقي ويقدمونه لممثل الشركة، في مقابل السفر إلى بيروت لقضاء يوم سياحي مجاني.

كذا، تنشط عمليات احتيالية أخرى من حيث إصدار تذاكر سفر وهمية تؤهل للحصول على المبلغ المالي بالسعر الرسمي. وفي وقت سابق، حذرت هيئة السياحة العراقية شركات السفر والسياحة كافة من إصدار تذاكر سفر غير صحيحة أو قابلة للإلغاء، وأكدت أن مواطنين يقومون بإصدار تذاكر سفر غير صحيحة أو قابلة للإلغاء لتسلم المبلغ المخصص للمسافر بالدولار، وهذا نشاط يضر بالاقتصاد الوطني ويقوض جهود البنك المركزي لضمان استقرار أسعار الصرف.

وتعليقا على ذلك، قال مسؤول في جهاز الأمن الوطني العراقي، الذي جرى تكليفه رسميا من قبل حكومة السوداني بمتابعة ملف تهريب الدولار، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنهم يتابعون ما وصفه بـ"عمليات احتيال خبيثة". وأضاف المسؤول ذاته أن "هذه العمليات لا يمكن أن تشكل فارقا في سعر الدينار أو تؤثر على السوق، لكنها تبقى ضمن جرائم الاحتيال وتدخل في عمليات غسيل الأموال أيضا، كون الحصول على الدولار يجرى مقابل الدينار العراقي داخل المنافذ الرسمية".

وكشف المسؤول عن "عمل مضنٍ للحد من تلك الألاعيب، ومن ضمنها مراقبة قاعدة بيانات المسافرين لمنع سفر الشخص الواحد بشكل متكرر في الشهر الواحد، وكذلك التدقيق أمنيا بأنشطة الشركات ومعرفة آليات عملها". واعتبر أن هذه العمليات متوقعة، ومع مرور الوقت، يكون لدى السلطات الخبرة الكافية لكشفها نظرا لحداثة تجربة المنصة الإلكترونية والإجراءات الأخيرة المتعلقة بالدولار.

بدوره، قال الخبير بالشأن المالي العراقي رياض عباس، لـ"العربي الجديد"، إن السعي للحصول على الدولار بشكل أو بآخر في العراق يدفع الى الدخول في طرق احتيال مختلفة بالنسبة لشركات التحويل والتجار على حد سواء.

وأضاف عباس أن السبب الأول هو في استمرار فارق السعر الكبير بين قيمة الدينار في السوق المحلية وما حدده البنك المركزي، بمعنى أن الـ7 آلاف دولار تساوي في السوق المحلية 10 ملايين و640 ألف دينار، بينما وفق سعر البيع من قبل البنك المركزي تساوي 9 ملايين و170 ألف دينار، ويمكن حساب فارق السعرين، وفي حالة نجاح الشركة بتسفير 10 أشخاص كل يوم فإنها ستحصل على 70 ألف دولار، بالسعر الرسمي وليس بسعر سوق، ويمكن أيضا حساب ما تحصل عليه الشركة في الشهر الواحد من هذه العمليات، وهو مبلغ لا يستهان به.

وأكد عباس أن المسؤولية تقع على عاتق القوات الأمنية والاستخبارية منها على وجه التحديد، لأن الجهات المُعاقبة في العراق من قبل السلطات الأميركية كثيرة ومتعددة، وكلها جرى منعها من الحصول على الدولار، لذلك تلجأ لمثل هذه الأساليب، إلى جانب مسألة وجود شركات ومكاتب بالأساس تعمل على توفير نقد بالعملة الصعبة لتعظيم أرباحها من فارق السعر من جهة، ولتوفير الدولار من جهة أخرى.

المساهمون