توسعت رقعة أزمة غاز الطهي في تونس لتمتد إلى جل محافظات الجنوب بعد إغلاق المحتجين مصنعا لتعبئة قوارير الغاز المعد للاستعمال المنزلي في محافظة قابس جنوب شرقي البلاد، ما أجبر العائلات على العودة إلى استعمال الوسائل التقليدية من حطب وفحم حجري.
وتواجه أغلب محافظات الجنوب شحا في قوارير الغاز، حيث ينتظر المواطنون شاحنات التزويد لساعات أمام محطات البنزين ونقاط بيع أسطوانات الغاز، فيما اضطرت العائلات إلى البحث عن بدائل للطهي والتدفئة.
ومنذ 15 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، ينفذ معطلون عن العمل اعتصاما بمدخل المصنع الكيميائي التونسي الذي يوفر نحو 65% من حاجات البلاد من غاز الطهي، مطالبين بفتح باب التشغيل وتنفيذ اتفاقات سابقة تعهدت بمقتضاها الحكومة بتوفير مواطن رزق للعاطلين عن العمل صلب الشركات الناشطة في المنطقة الصناعية في قابس.
وقال عضو الاتحاد الجهوي للشغل في قابس، الأسعد بالغايب، إن الحراك الاجتماعي في الجهة تسبب في غلق محطة تعبئة أسطوانات الغاز، مشيرا إلى أن المعتصمين عن العمل عطّلوا الإنتاج بسبب مماطلة السلطات في تنفيذ اتفاقات تشغيل سابقة.
وأضاف بالغايب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المعطلين عن العمل يذهبون إلى الحلول القصوى لإجبار السلطة على التفاوض معهم وإيجاد حلول لمطالبهم المعلّقة منذ سنوات.
وأقرّ عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتأثير الاعتصام على تزويد محافظات الجنوب بمادة الغاز الحيوية، مرجّحا استمرار الأزمة نظرا لعدم قدرة مصانع الغاز الأخرى على توفير كافة حاجيات البلاد.
وأكد بالغايب أن شركات الغاز الثلاث التي تعمل في قابس توفر نحو 60 ألف أسطوانة غاز طهي يوميا، أي نحو 65% من الإنتاج الوطني ما يستدعي إيجاد حلول في ظل تنامي الطلب على هذه المادة الحيوية، وفق قوله.
ويمنع اعتصام العاطلين في قابس الغاز عن أكثر من 4.4 ملايين نسمة تقطن في محافظات صفاقس وقابس وقفصة، في الوقت الذي يتزايد فيه الإقبال على قوارير الغاز مع تزامن فصل الشتاء الذي يرتفع خلاله الاستهلاك المحلي بين 80 ألفاً و100 ألف قارورة يوميا.
وينسج معتصمو قابس على منوال اعتصام الكامور في محافظة تطاوين الذي دام نحو 4 أشهر، وأفضى إلى اتفاق بين الأهالي والحكومة بتشغيل 1500 عاطل عن العمل.
وأثار انقطاع الغاز امتعاض التونسيين وموجة من الاحتجاج والانتقاد على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس التي سجّلت خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، زيادة بنسبة 18% في عدد الاحتجاجات، مسجلة رقما قياسيا مقارنة بالأشهر الستة الماضية.
وبلغ عدد الاحتجاجات المسجلة الشهر الماضي، 871 تحركا احتجاجيا، بزيادة تناهز 16%، منها 86.6% تتسم بالاتجاه نحو العنف.
ومثلت الاحتجاجات العشوائية 756 تحرّكا من مجموع 871 احتجاجا، وهو ما يزيد من حدة المخاوف بخصوص مدى القدرة على تطويق الاحتقان الاجتماعي خلال الأسابيع القادمة، بحسب التقرير الشهري لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.