توقيع اتفاقية مقايضة عملات بين تركيا والإمارات.. ماذا يقول الخبراء؟

19 يناير 2022
تركيا تعزز علاقاتها التجارية (Getty)
+ الخط -

وقع البنكان المركزيان التركي والإماراتي، الأربعاء، اتفاقية مقايضة (سواب Swap) بالعملات المحلية، لمدة 3 أعوام. وقال البنك المركزي التركي في بيان، إن حجم القيمة الاسمية للاتفاقية يبلغ 64 مليار ليرة تركية و18 مليار درهم إماراتي.
وأضاف أن الاتفاقية تهدف لزيادة التعاون المالي بين البلدين من خلال تنمية التجارة الثنائية، وستكون سارية المفعول لمدة 3 أعوام. ووقع الاتفاقية محافظ البنك المركزي التركي شهاب كافجي أوغلو، ونظيره الإماراتي خالد محمد بالعمى، مع إمكانية تمديدها بالتوافق بين البلدين.
وتضمن البيان تصريحات للمسؤولين التركي والإماراتي، وأكد كافجي أوغلو على أن الاتفاقية تعتبر مؤشرا على إصرار البلدين على تعميق التجارة الثنائية بالعملات المحلية.
من جهته، أفاد بالعمى بأن الاتفاقية تعد دليلا على رغبة البلدين في زيادة التعاون الثنائي في الأمور المالية، خصوصًا في مجال التجارة والاستثمارات. 
ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو أن الاتفاق مع الإمارات اليوم، غايته تحييد التبادل التجاري بالعملات الأجنبية، وخاصة الدولار، إلى جانب تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية، بين أبوظبي وأنقرة.
ويضيف شعبو لـ"العربي الجديد" أن الاتفاقية مطلب تركي تم طرحه خلال زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد لأنقرة، في اغسطس/آب الماضي، ومن ثم تم الاتفاق عليها خلال زيارة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد لتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، حينما وقع الجانبان عددا من الاتفاقات الاقتصادية. 
ورغم أن المبلغ الموقع للتبادل التجاري، ليس بالكبير، ولكن أثره مهم برأي شعبو، لأنه بداية ستفتح المجال لزيادة تحسين العلاقات، والمالية خاصة، ما يعزز الثقة بالليرة التركية وزيادة الاستثمارات الإماراتية، بواقع المناخ المغري والتطور التقني والإنتاجي الذي تعيشه تركيا.

ويركز شعبو على أثر الاتفاق على زيادة الثقة بالليرة التركية التي فقدت أكثر من 45% من قيمتها العام الماضي، ولم يزل سعرها يتذبذب أمام العملات الرئيسية، مع استمرار المخاوف من الهبوط، إن تابع المصرف المركزي سياسة تخفيض سعر الفائدة، كما هو متوقع غداً.
ويقول الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو إن "الاتفاقية مهمة ببعديها الاقتصادي والاستراتيجي" لأن بلاده سبق أن وقعت مثيلتها مع الصين وكوريا الجنوبية وقطر، بحجم تبادل بالعملات المحلية، يزيد عن 23 مليار دولار، ما يعني التحرر من قيود العملة الأميركية وزيادة دعم للتبادل التجاري.
ويشير كاتب أوغلو بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أن تركيا تسعى لتعميم نظام "السواب" مع الدول غير المدينة من صندوق النقد وتمتلك حرية قرارها الاقتصادي، متوقعاً أن الخطوة المقبلة ستكون مع أذربيجان والمملكة العربية السعودية اللتين تسعى تركيا لتعزيز علاقاتها الاقتصادية معهما.
ويرى مراقبون أن العلاقات الإماراتية التركية "مرشحة للتطور" بعد زيارتين لمسؤولين إماراتيّين لتركيا "كسرتا الجمود والخلاف السابق" وفتحت الباب للاستثمار الإماراتي وتحييد الهجوم الذي قادته أبوظبي، خلال السنوات السابقة، على الاقتصاد والليرة التركية.
وقال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي، إن الإمارات "تراهن على تركيا كدولة ستفتح لنا أسواقاً جديدة من خلال الخدمات اللوجستية، وعبر سلسلة التوريد الخاصة بها" مضيفاً خلال تصريحات أخيراً، أن الإمارات تتطلع إلى الاستفادة من استثمارات تركيا الضخمة في القطاع الصناعي، والعمالة الماهرة، والشبكة اللوجستية القائمة، خاصة مع قارة أفريقيا.

ويبلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية، بين الإمارات وتركيا خلال العقد الماضي نحو 329 مليار درهم (89.6 مليار دولار). ونمت التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 21 بالمائة خلال عام 2020 لتصل إلى 32.7 مليار درهم (8.9 مليارات دولار)، مقارنة بما قيمته 26.8 مليار درهم (7.3 مليارات دولار) في 2019.
وبدأ التقارب التركي الإماراتي بعد المصالحة الخليجية مطلع العام الماضي، وإعلان الإمارات رغبتها في تطبيع العلاقات مع تركيا، وفق أول تصريح بهذا الشأن، لوزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، إذ قال في إبريل/نيسان الماضي، بعد اتصال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو ووزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد بمناسبة حلول شهر رمضان، إن بلاده "ترغب في تطبيع العلاقات مع تركيا، ولا يوجد لدينا أي سبب لكي نختلف مع تركيا، فلا توجد مشكلة، ونرى اليوم أن المؤشرات التركية الأخيرة مثل الانفتاح مع أوروبا مشجعة".
وتطبيع العلاقات برأي محللين، يخدم تركيا واقتصادها الذي يعاني من التضخم وعجز الميزان التجاري وارتفاع المديونية الخارجية، بحسب المحلل التركي، إسلام أوزجان، الذي يؤكد أن حكومة بلاده تسعى لتحسين العلاقات مع دول الخليج العربي ومصر، لخروج "حزب العدالة والتنمية" الحاكم من المأزق الاقتصادي الذي سيؤثر على شعبيته خلال الانتخابات المقبلة عام 2023.
ويضيف أوزجان خلال تصريح سابق لـ"العربي الجديد" أن الاستثمارات الخليجية، ومنها الإماراتية، يمكن أن "تخرج تركيا من المشاكل الاقتصادية"، وإلا فإن الوضع الاقتصادي مرشح للتأزم، بواقع تصاعد الأزمات السياسية التركية مع بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية واستمرار الضغط الاقتصادي الداخلي، وفي مقدّمته تراجع سعر الصرف والتضخم.

ماذا يعني مقايضة العملات Swap؟

تعني مقايضة العملات "سواب" Swap، تبادل التدفقات النقدية عبر أداتين ماليتين مختلفتين، وتشمل هذه التبادلات تدفقات نقدية بناء على مبلغ رئيسي افتراضي مثل القرض أو السند. وأكثر أنواع المقايضة شيوعًا هو مقايضة أسعار الفائدة.

المساهمون