عاد الاتحاد العام التونسي للشغل للمطالبة بمفاوضات جديدة حول الزيادة في رواتب موظفي القطاع الحكومي والعام، ملوّحاً باللجوء إلى التصعيد في حال مواصلة السلطة رفضها فتح باب الحوار بشأن تحسين الوضع المعيشي والمادي لما يزيد عن 670 ألف تونسي يعملون في القطاع الوظيفي.
وأدانت النقابة الأكثر تمثيلاً في تونس، في بيان أصدرته عقب اجتماع لهيئتها الإدارية التي عُقدت أمس الخميس، ما وصفته بـ"انتهاك السلطة التنفيذية للحق النقابي وسياسة رفض الحوار الاجتماعي وضرب التفاوض الجماعي بعدم تنفيذ الاتفاقيات المبرمة".
وطالب اتحاد الشغل بـ"استئناف المفاوضات في الوظيفة العمومية والقطاع العام فوراً والتنفيذ العاجل للاتفاقيات المبرمة، ومنها الرفع في الأجر الأدنى وعقد جلسة تقييمية بناء على مؤّشرات التضّخم وانزلاق الدينار وغيرها من المؤّشرات".
وعبّر الاتحاد عن "استعداد كل الهياكل النقابية لتنفيذ تحّركات نضالية قطاعية وجهوية ووطنية دفاعاً عن الحق النقابي وعن حّق التفاوض".
ويأتي تجديد المطالب النقابية بشأن الزيادة في الرواتب بعد أكثر من سنة على توقيع اتفاق أجور يغطي سنوات 2023 و2024 و2025.
وكشفت بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي أنّ معدل الرواتب الشهرية لنحو 670 ألف تونسي يعملون في القطاع الحكومي لا يتجاوز 1387 ديناراً، ما يعادل 450 دولاراً شهرياً.
ووأبرزت الدراسة الصادرة عن معهد الإحصاء أنّ حجم الزيادات في الرواتب التي حصل عليها الموظفون خلال الفترة الممتدة ما بين 2015 و2022 تقدر بقيمة 471 ديناراً، أي نحو 150 دولاراً.
وفي سبتمبر/ أيلول 2022، توصلت الحكومة التونسية والاتحاد العام للشغل إلى اتفاق لزيادة أجور القطاع العام بواقع 3.5%.
وعوّلت الحكومة على إقناع النقابة العمالية بتجميد المفاوضات للسنوات الثلاث المقبلة بهدف السيطرة على كتلة الرواتب وتقليصها إلى نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي.
غير أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل رأى أنّ الواقع المعيشي الصعب للموظفين بات يستدعي العودة الفورية إلى المفاوضات حول زيادات جديدة في الرواتب، منتقداً تواصل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدّني الخدمات الاجتماعية، ومنها التعليم والصّحة والنقل.
وحمّل اتحاد الشغل سلطات تونس اعتماد "سياسة اقتصادية غير واضحة وسيطرة رؤية قائمة على الخطاب المزدوج، وجهه الظاهر الترويج للمطالب الشعبية وحقيقته التفريط في المكاسب الاجتماعية والوطنية، كالدعم والمؤّسسات العمومية والمرافق العامة، وفق توصيات الدوائر المالية العالمية".
في الأثناء، تواصل الحكومة، وفق مشروع قانون الموازنة للعام المقبل، سياسات الضغط على كتلة الأجور عبر تقليص الوظائف، وتسقيف نسب التدرج الوظيفي سنوياً، إلى جانب التقليص من عدد الساعات الإضافية خالصة الأجر.
وتتوقع حكومة أحمد الحشاني، حسب مشروع الموازنة، إنفاق 23.7 مليار دينار لدفع رواتب الموظفين، ما يمثل 13.5% من الناتج الاجمالي المحلي، مقابل 14.4% عام 2023 و14.7% عام 2022.
ويتضمن مشروع قانون الموازنة للعام المقبل تفعيل القسط الثاني من برنامج الزيادة في الأجور في القطاع العام انطلاقاً من يناير/ كانون الثاني 2024 من جهة، وإجراءات جديدة لمزيد من التقليص في كتلة الأجور من جهة أخرى، منها حصر التوظيف في الحاجيات المتأكدة وذات الأولوية القصوى وعدم تعويض الشغور.
لكن اتحاد الشغل اعتبر قانون الموازنة المعروض للمصادقة "ضيّق الأفق ولا يسمح بأي سياسة تشاركية تدفع إلى رؤية وطنية موّحدة لإنقاذ الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في البلاد"، محمّلاً السلطة مسؤوليتها كاملة في آثار هذا القانون وارتداداته الاجتماعية.