يعيش التونسيون حالة من الترقب والقلق، بعدما بينت وثيقة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية توجهاً نحو إلغاء دعم المواد الأساسية تدريجياً وعلى مراحل خلال الأربع سنوات المقبلة. وستقدم الحكومة هذه الوثيقة عبر الوفد التونسي المفاوض، إلى صندوق النقد الدولي.
ويترأس وزير المالية علي الكعلي، الوفد التونسي الذي يزور واشنطن، خلال الأسبوع الحالي، للتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، وذلك بمشاركة محافظ البنك المركزي مروان العباسي.
وتسعى الحكومة التونسية إلى التفاوض مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 4 مليارات دولار، مقابل تقديمها لبرنامج اقتصادي جديد يتضمن جملة من الإصلاحات؛ من بينها توجيه الدعم إلى مستحقيه والتقليص من كتلة الأجور، وإصلاح الجباية والمؤسسات العمومية.
ويتضمّن برنامج إصلاح الدعم في مرحلة أولى إلغاء دعم المواد الغذائية وتوجيه مقابل مالي لكل التونسيين بغضّ النظر عن دخلهم، إلى جانب فتح منظومة لتسجيل الراغبين في الحصول على الدعم المالي (تعويض).
أزمات مالية
وتقع تونس تحت عجز مالي بلغ 11.5% لأول مرة بنهاية 2020، بينما انكمش الاقتصاد 8.8% بسبب تداعيات أزمة كورونا. فيما نفقات الدعم تقدر بـ 6.2 مليارات دينار في عام 2021، مقابل 4.1 مليارات دينار في عام 2020.
وتونس مطالبة هذا العام بسداد ديون بقيمة 16.3 مليار دينار (5.92 مليارات دولار)، فيما التخلف عن سداد هذه الديون يصنّف البلاد في خانة الدول المتعثرة.
وشهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعاً بنسبة 26% في 2020 لتصل إلى 1.83 مليار دينار، مقابل 2.47 مليار دينار في 2019، حسب بيانات لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي.
تحديات معيشية
كما سجلت البلاد عام 2020 زيادة في عدد العمال المتضررين من التسريح؛ بسبب جائحة كورونا بنسبة 783% مقارنة بعام 2019، وهي أعلى نسبة تسجلها البلاد. وأدرج صندوق النقد تونس ضمن البلدان المهددة بارتفاع نسب التضخم، متوقّعاً أن تزيد معدلات التضخم إلى 12.8% عام 2021.
وتبلغ نسبة التشغيل غير المنظم في تونس 36%، وتقدر نسبة التشغيل غير المنظم 52% لدى فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة. في المقابل، تقول بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، إنّ الأسواق الموازية تحوز على 44% من فرص العمل في البلاد، بما يوازي 1.5 مليون تونسي من مجموع 3,566 ملايين عامل في تونس .
وتخطط تونس لخفض كتلة الأجور إلى 15% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، مقابل 17.4% في العام 2020.
يأتي ذلك وسط ارتفاع نسبة الفقر إلى ما بين 18% و20%، لا بل كشف تقرير أنجز بالتعاون مع البنك الدولي، أنّ نسبة الفقر ترتفع في بعض المناطق إلى أكثر من 50%، ومنها قرى حاسي الفريد والعيون من محافظة القصرين التي يرتفع فيها الفقر إلى 53.1%، وهي أعلى نسب فقر في كل مناطق الجمهورية.
يأتي ذلك، بينما شهدت نسبة البطالة ارتفاعاً لتصل إلى 17.4% في الربع الرابع من 2020، مقابل 16.2% مسجلة في الربع الثالث من نفس العام، و14.9% في الربع الرابع من 2019.