إشارات إيجابية في أميركا عن التوظيف والتضخم

08 يناير 2022
وصل عدد الوظائف المضافة خلال عام 2021 إلى 6.4 ملايين وظيفة (Getty)
+ الخط -

على الرغم من البداية السيئة للعام الجديد في سوق الأسهم الأميركية، التي أنهت مؤشراتها الرئيسية تعاملات أسبوعه الأول على تراجع، شهد الأسبوع بعض البيانات الإيجابية في ما يخص أهم مستهدفات بنك الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي)، والمتعلقة بمعدلات التوظيف والتضخم، الأمر الذي يؤكد اقترابه من تقييد سياساته النقدية بعد تحقق الشرطين اللذين وضعهما لبدء تحركه. 
وأظهرت بيانات وزارة العمل أمس الجمعة، أن الشركات الأميركية أضافت 199 ألف وظيفة غير زراعية جديدة خلال شهر ديسمبر / كانون الأول المنتهي.

ورغم أن الأرقام جاءت بعيدة عن توقعات الاقتصاديين الذين انتظروا إضافة أكثر من أربعمائة وعشرين ألف وظيفة، إلا أن تفاصيل بيان الوزارة أوضحت ارتفاع متوسط أجر الساعة بنسبة 0.6%، وانخفاض معدل البطالة إلى 3.9% خلال الشهر المنتهي، محققاً أقل مستوى له منذ شهر فبراير / شباط من عام 2020، الذي شهد بداية انطلاق الفيروس في الأراضي الأميركية وصدور أوامر الإغلاق وتسريح العمالة في محاولة للحد من انتشاره. 
ومع إضافات الوظائف في آخر شهور العام، وصل عدد الوظائف المضافة خلال عام 2021 إلى 6.4 ملايين وظيفة، هو الأعلى في تاريخ الولايات المتحدة.

ورغم أن عدد الوظائف الحالية ما زال أقل من مستواه قبل ظهور الفيروس بنحو 3.6 ملايين وظيفة، إلا أن الاقتصاد الأميركي يبدو في أول أيام العام الجديد في وضع أفضل مما كان عليه في بداية العام الماضي، حيث ارتفع عدد الوظائف المتاحة في الأشهر الأخيرة لأعلى مستوياته، وترك عدد قياسي من الأميركيين وظائفهم، إلا أن الإحصاءات أظهرت أن أغلبهم فعل ذلك للانتقال إلى وظيفة أفضل.
وأظهرت بيانات من جهات أخرى استمرار ارتفاع الطلب على العمالة، على الرغم من ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس ومتحوراته، إذ أظهرت الأرقام الموجودة على موقع "إنديد Indeed" الخاص بالبحث عن الوظائف أن عدد فرص العمل المتاحة استمر في الارتفاع خلال الأسبوع الماضي.

وقالت وزارة العمل إن مطالبات الحصول على تعويضات البطالة ما زالت منخفضة للغاية، الأمر الذي يوضح تشبث الشركات بموظفيها رغم ظروف انتشار الفيروس.

انفراج أزمة سلاسل الإمداد

وعلى نحو متصل، وبعد شهور ارتفع فيها معدل التضخم الأميركي إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من أربعة عقود، وبعد أن خلت الأرفف في كبرى المحلات التجارية الأميركية من الكثير من البضائع، بدأت تظهر في الأفق علامات على اقتراب انفراج أزمة سلاسل الإمداد، التي بدأت في ربيع عام 2020، ثم لم تكد تنفرج حتى تعقدت مرة أخرى مع انتشار متحوري دلتا وأوميكرون، اللذين تسببا في ارتفاع حالات الإصابة لمستويات لم نعرفها من قبل، ومن ثم تعطيل السفن والشاحنات التي تنقل البضائع إلى الأراضي الأميركية. 
والأسبوع الماضي، أطلق بنك الاحتياط الفيدرالي بنيويورك مؤشراً جديداً لقياس تأزم سلاسل الإمداد العالمية، في محاولة لتوقع المدى الذي يمكن أن تستمر فيه الأزمة التي تسببت في تأخر وصول السلع وارتفاع معدل التضخم في مواجهة المستهلك الأميركي.

وقدّر اقتصاديو البنك قيم المؤشر منذ عام 1997 حتى الآن، فكانت النتيجة ثبوت دورانها حول متوسطها طوال تلك السنوات، وحتى عام 2020.
ومع ظهور الفيروس وانتشاره في مختلف بلدان العالم، بدأت قيم المؤشر في الارتفاع لتتجاوز أعلى مستوياتها السابقة، بما فيها مستويات عام 2011، الذي شهد تعطل سلاسل الإمداد الواردة من اليابان وتايلاند وبعض دول جنوب شرق آسيا، نتيجة لتسونامي وفيضانات ضربت المنطقة، وتسببت في تراجع إنتاج السيارات والأجهزة الإلكترونية وغيرها من السلع. وأطلق البنك على المؤشر اسم "مؤشر ضغط سلاسل الإمداد العالمية".
وبينما أظهر المؤشر أن الارتفاع في قيمه منذ ظهور الوباء القاتل لم يكن له نظير في أي من السنوات السابقة التي تم تقدير القيم فيها، وتقترب من ربع قرن، وأكد الباحثون الذين أطلقوا المؤشر في البنك الفيدرالي أن القفزة الكبرى كانت عند إعلان الصين تطبيق إغلاق كامل عند بدء انتشار حالات الإصابة فيها، قبل أن ينخفض المؤشر لفترة قصيرة مع بدء إعادة الفتح خلال صيف 2020، ثم ليرتفع بمعدل غير مسبوق مع دخول فصل الشتاء الماضي وبدء حالات الإصابة به في الارتفاع مرة أخرى. 
لكن المفاجأة السارة جاءت مع إعلان الباحثين في البنك، بقيادة الاقتصادي جيانلوكا بنينو، أنه "على الرغم من أن المؤشر الجديد يشير إلى أن اضطرابات سلاسل الإمداد تعد في الوقت الحالي عند أعلى مستوياتها على الإطلاق، إلا أنه يوضح أيضاً أنها في طريقها للانفراج بعض الشيء في المستقبل القريب". 
وتمثل التوقعات المتفائلة من البنك الفيدرالي طوق نجاة محتمل للإدارة الأميركية الحالية التي تستعد لاختبار قوي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقرر عقدها في شهر نوفمبر / تشرين الثاني القادم، بينما يستمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة لأسباب عدة، يأتي على رأسها اضطرابات سلاسل الإمداد.
وقرر البنك الفيدرالي الشهر الماضي تنحية كلمة "المؤقت" التي كان يصف بها التضخم بعد أن استمر ارتفاعه لفترة تجاوزت توقعات قادته قبل عدة أشهر، وصولاً إلى تسجيل مؤشر أسعار المستهلكين نسبة 6.8% في شهر نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، هي الأعلى منذ عام 1982.