إسرائيل... صادرات بلون الدم والاقتصاد في أزمة عميقة

22 سبتمبر 2024
بورصة تل أبيب تتعرض لخسائر فادحة جراء الحرب/ فرانس برس
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أزمة اقتصادية متعددة الأبعاد:** إسرائيل تواجه أزمة اقتصادية حادة مع هروب 40.4 مليار دولار منذ أكتوبر 2023، وتراجع ثقة المستثمرين، وتسريح العمالة من شركات كبرى مثل آبل وإنتل وغوغل، بالإضافة إلى أزمة في تمويل الإنفاق العسكري المتزايد.

- **تدهور قطاع التقنية وتكنولوجيا المعلومات:** قطاع التقنية، الذي يشكل 53% من الصادرات و18% من الناتج المحلي، يواجه تحديات كبيرة مع نقل الشركات عملياتها للخارج وتجميد الاستثمارات، وانسحاب المستثمرين الدوليين.

- **تأثير الحرب والصورة السلبية دولياً:** الحرب مع حزب الله زادت الإنفاق العسكري إلى 100 مليار دولار، مما يضغط على احتياطي النقد الأجنبي، وتواجه الصادرات الإسرائيلية رفضاً دولياً بسبب الجرائم العسكرية، مما يزيد من عزلة إسرائيل.

كل المؤشرات تقول إن إسرائيل باتت على موعد مع أزمة اقتصادية عنيفة قد تمتد لسنوات طوال، ومع تلك الأزمة تولدت أزمات أخرى كثيرة، أزمة ثقة من قبل المستثمرين الدوليين الذين أسقطوا السوق الإسرائيلي من حساباتهم الحالية والمستقبلية، في ظل زيادة المخاطر الجيوسياسية والأمنية وتشوه صورة إسرائيل في الخارج.

بل إن الشركات العالمية الكبرى بدأت موجة تسريح للعمالة الإسرائيلية العاملة في مصانعها داخل دولة الاحتلال كما جرى من قبل شركات: آبل وإنتل وغوغل وجنرال موتورز وسيسكو وشركة التكنولوجيا المالية (ميليو) وغيرها. والأرقام الحديثة تكشف عن أن 40.4 مليار دولار، أي ما يعادل 151 مليار شيكل، هربت من إسرائيل إلى الخارج منذ بداية شهر أكتوبر 2023، وأن المؤسسات المالية تواصل الهروب من بورصة تل أبيب وعملة الشيكل.

وهناك أزمة كبيرة في تمويل كلفة الإنفاق العسكري المتزايد بسرعة مع انفلات عجز الموازنة وصعوبة السيطرة، وأزمة أخرى في كل الأنشطة الاقتصادية التي باتت تتهاوى بسبب اتساع رقعة الحرب وعدم وجود أمد زمني لها، ونهايتها ليست في الأفق، وأزمة ثالثة تضرب أهم القطاعات الحيوية في اقتصاد دولة الاحتلال، وهو قطاع التقنية وتكنولوجيا المعلومات، حيث تتزايد عمليات انسحاب شركات التكنولوجيا من إسرائيل وتجميد خطط الاستثمارات الجديدة أو التوسع في المصانع القائمة كما حدث مع "إنتل" وغيرها، بل إن بعض الشركات الإسرائيلية بدأت بنقل عملياتها وأنشطتها وملكيتها الفكرية إلى الخارج من أجل البقاء.

الأرقام الحديثة تكشف عن أن 40.4 مليار دولار، أي ما يعادل 151 مليار شيكل، هربت من إسرائيل إلى الخارج منذ بداية شهر أكتوبر 2023

وهناك أزمة ثقة عند المواطن الإسرائيلي الذي بات أيضاً على موعد مع موجة غلاء في أسعار السلع والخدمات وتكاليف المعيشة وزيادة في الضرائب، وتراجع الإنفاق الحكومي العام وفقدان الأمان المعيشي والوظيفي، مع زيادة مخاوف الطبقات الفقيرة.

وهناك إنفاق عسكري متزايد في ظل توسيع رقعة الحرب وتصاعد المواجهات مع حزب الله اللبناني، فإسرائيل أنفقت حتى الآن نحو 100 مليار دولار على الحرب، ومن المتوقع تصاعد هذا الرقم، مع زيادة الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي البالغ نحو 200 مليار دولار وفق أحدث الأرقام.

حتى كبار المستثمرين الدوليين فقدوا الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي، فوفق أحدث تقرير صادر أمس السبت عن صحيفة "ميديا لاين" التي تصدرها مجموعة يهودية في نيويورك، فإن المستثمرين في أسواق المال الأميركية المعروفة باسم "وول ستريت" بدأوا ينسحبون بهدوء من الشركات الإسرائيلية العاملة في قطاع التكنولوجيا والناشئة، وذلك على الرغم من وجود لوبي صهيوني قوي ورجال أعمال كبار داعمين لإسرائيل في تلك الأسواق ومروجين أساسيين لمناخ الاستثمار بها.

كما يواجه قطاع التقنية مخاطر عدة، وهو ما يثير قلق حكومة نتنياهو المتطرفة، خاصة أنه يشكل 53% من إجمالي الصادرات البالغة قيمتها 156 مليار دولار في عام 2023، ويساهم بنسبة 30% من إجمالي عائدات الضرائب محلياً. كما تمثل صناعة التكنولوجيا 18% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي البالغ نحو 521 مليار دولار، ومن ثم يعد المحرك الرئيسي للنمو داخل دولة الاحتلال.

المستثمرون في أسواق المال الأميركية "وول ستريت" بدأوا ينسحبون بهدوء من الشركات الإسرائيلية العاملة في قطاع التكنولوجيا والناشئة

ولعب خفض التصنيف الائتماني المتكرر لإسرائيل والعجز المتزايد في الموازنة العامة، وصعوبة حصول المؤسسات على تمويل وقروض من الأسواق الدولية، دوراً كبيراً في إثارة مخاوف المستثمرين الأجانب وقلقهم بشأن مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي الذي يقف على مقربة من الوقوع في حفرة كبيرة.

أيضاً تتعرض الصادرات الإسرائيلية لأزمة غير مسبوقة، وتحدٍّ يعد الأول والأعنف من نوعه، فقد باتت سلع ومنتجات دولة الاحتلال المصدرة للخارج ملفوفة بلون الدم ومكتسية برائحة القتل، وملاحقة بجرائم الإبادة الجماعية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي، ليس فقط ضد أهالي غزة، بل في لبنان وسورية وإيران وغيرها من بلدان الشرق الأوسط، وهو ما يبعدها عن أسواق العالم وأيدي المستهلكين، ويضعها في دائرة استهداف المقاطعة الواسعة التي تزداد رقعتها يوماً بعد يوم.

موقف
التحديثات الحية

وبعد أن كانت الصادرات الإسرائيلية تغزو دول العالم، باتت الأسواق الآن مغلقة أمامها وموصدة في وجهها، في ظل تنامي الصورة السلبية عن دولة الاحتلال وجرائم القتل التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد أطفال فلسطين ولبنان ونسائهما، وانهيار صادرات الأسلحة الإسرائيلية مع سقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

صحيح أن إسرائيل تحاول تعويض ذلك التراجع عبر زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى دول المنطقة وأوروبا، لكن تظل الصادرات، أهم مورد للنقد الأجنبي، تحت ضغط الحرب، وتشوه صورة إسرائيل والتعامل معها دولياً من قبل قطاع من المستهلكين على أنها دولة منبوذة تضم عدداً كبيراً من مصاصي الدماء.