قال اقتصاديون، وذكرت تقارير متخصصة، إن الحرب الشرسة على غزة ستوقف تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد الإسرائيلي. وقال معهد التمويل الدولي الذي يوجد مقره في واشنطن، في تقرير حديث، إن الحرب ستؤثر كثيراً في الاقتصاد الإسرائيلي من خلال تقلص المعروض من العمالة، وانخفاض الاستثمار وتدفقات رأس المال.
في هذا الصدد، قال كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في معهد التمويل الدولي، غاربيس إراديان، إنه على الرغم من الأساس الاقتصادي القوي لإسرائيل مع احتياطيات وافرة من النقد الأجنبي، وانخفاض التضخم، وفوائض الحساب الجاري، والديون المتواضعة، فإن الحرب الأخيرة يمكن أن تفرض عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد. وحذر إراديان، من أن "هجوماً برياً واسع النطاق على غزة يمكن أن يتحول إلى حرب إقليمية أكبر وطويلة الأمد". وتتخوف القوى الغربية من تداعيات توسع الحرب على ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي زيادة التضخم وإعادة الاقتصادات الغربية إلى الركود، أو حتى الكساد الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يؤثر مثل هذا السيناريو كثيراً في الاقتصاد الإسرائيلي من خلال انخفاض الاستهلاك الخاص، والاستثمار، وصافي الصادرات، وهو ما قد يتفاقم بسبب ضغوط المعروض من العمالة، حيث قامت الحكومة بتعبئة حوالى 350 ألف جندي احتياطي، حوالى 8% من السكان العاملين. وسيضرب رحيل أعداد كبيرة من القوى العاملة إلى العمل في الجيش، نمو قطاعات عديدة في الاقتصاد، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا، المحرك الرئيسي للنمو، بحسب المحللين. ومن الممكن أن ينخفض الاستهلاك الخاص والاستثمار بشكل كبير وسط حالة من عدم اليقين والمخاوف الأمنية.
ويتوقع اقتصاديون أن تقود الحرب إلى إنكماش الإنتاج مع بدء تقييد الطاقة الإنتاجية، "خصوصاً في القطاعات التي بها نسبة عالية من العمال الأصغر سنّاً، مثل قطاع التكنولوجيا المتقدمة"، كما يقول إليوت غارسايد، الخبير الاقتصادي في جامعة أكسفورد لصحيفة "ذا ناشيونال" الصادرة في أبوظبي اليوم الثلاثاء.
وقال: "نتوقع أن يتركز التأثير في قطاع السياحة على ضعف الصادرات السياحية، الأمر الذي سيمتد إلى ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ نمو الاستثمار.
وأضاف: "تشير تقديراتنا الأولية إلى أن الخسارة المجمعة لصادرات خدمات السفر والنقل ستبلغ حوالى 4 مليارات شيكل إسرائيلي في عام 2023، وخسارة قدرها 12 مليار شيكل خلال عام 2024. ويمثل هذا خسارة بنسبة 0.3 في المائة للناتج المحلي الإجمالي لعام 2023"، المنتج و0.7 في المائة في عام 2024، ما يؤدي إلى زيادة العجز التجاري.
من جانبها، قالت وكالة موديز في تقرير حديث لها: "نتيجة لذلك، هناك خطر تحويل الموارد، وانخفاض الاستثمار وفقدان الثقة، الأمر الذي من شأنه أن يقوض التوقعات الاقتصادية لإسرائيل".
وتنفق إسرائيل حوالى 4.5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو ما يفوق بكثير الدول الأخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وكانت إسرائيل تعتمد قبل عملية "طوفان الأقصى" على صفقات السلاح التي توقعها مع الدول الأخرى. ولكن لاحظ خبراء أن عملية طوفان الأقصى ضربت سمعة الأسلحة والصناعات الدفاعية الإسرائيلية، إضافة إلى أن هنالك توقعات بمواجهتها مقاطعة واسعة بعد حرب الإبادة على قطاع غزة.
وفيما انخفض الإنفاق الدفاعي في إسرائيل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقدين الماضيين، فإنه ارتفع بمعدل كبير خلال الحرب على غزة. وتتوقع وكالة موديز أن يؤدي ارتفاع الإنفاق الدفاعي إلى زيادة العجز المالي في إسرائيل، وبالتالي ستكون له تداهيات سلبية على تصنيف الديون الإسرائيلية والسندات السيادية.
في هذا الصدد، قال إراديان: "نتوقع انكماشاً في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 4 في المائة على الأقل في الربع الأخير من هذا العام، وانكماشاً بنسبة 5 في المائة على الأقل لعام 2024 بأكمله".
من جانبه، خفض بنك "جي بي مورغان" الأميركي في تقرير أخير، توقعاته الاقتصادية للربع الرابع من العام الجاري لإسرائيل. ويقدر البنك أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل موسمياً قد ينكمش بنسبة 11 في المائة مقارنة بالربع الثالث. وتعد تقديرات البنك من بين أكثر التقديرات المتدنية بين تقديرات البنوك الكبرى.
وكتب محللو "جي بي مورغان"، في مذكرة، أن المخاطر "ربما ما زالت تميل نحو الاتجاه الهبوطي". وأضافوا أن "قياس تأثير الحرب في الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال صعباً بسبب عدم اليقين الشديد بشأن حجم ومدة الصراع وعدم وجود بيانات دقيقة في متناول اليد".
وعلى خلفية الحرب، عدلت إدارة الأبحاث في بنك إسرائيل توقعاتها للنمو الاقتصادي. وتتوقع الآن أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.3 في المائة في عام 2023 وبنسبة 2.8 في المائة في العام المقبل. واتخذ البنك المركزي بشكل استباقي إجراءات معينة لمكافحة الوضع، لكن المحللين يقولون إن عمق ومدة التأثير على اقتصاده لا يزال غير مؤكد. تميل نحو الاتجاه الهبوطي". وأضافوا أن "قياس تأثير الحرب في الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال صعباً بسبب عدم اليقين الشديد بشأن حجم ومدة الصراع وعدم وجود بيانات عالية التردد في متناول اليد".