إسرائيل تستقدم هنوداً "من غير المسلمين" لسد نقص العمال الفلسطينيين

إسرائيل تستقدم هنوداً "من غير المسلمين" لسد نقص العمال الفلسطينيين

25 يناير 2024
منع الاحتلال عشرات آلاف الفلسطينيين من العمل بعد "طوفان الأقصى" (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، يتطلع الاحتلال لمعالجة نقص العمال الفلسطينيين من خلال استقدام عشرات آلاف الهنود "غير المسلمين" حصراً، حيث يُمنع الفلسطينيون الذين لعبوا لفترة طويلة دورا حاسما في قطاع البناء الإسرائيلي وغيره من القطاعات، من دخول الأراضي المحتلة.

وفي حين كان الاحتلال يُجري فعلاً مناقشات مع الهند بشأن التوظيف قبل انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجهت القيود الصارمة الجديدة المفروضة على العمال الفلسطينيين ضربة للاقتصاد، فيما عاد العديد من العمال الأجانب، وخاصة آلاف التايلانديين، إلى بلادهم بسبب تصاعد العمليات الحربية، وفقاً لتقرير أوردته "واشنطن بوست" اليوم الأربعاء.

وتسعى سلطات الاحتلال إلى استقدام ما بين 10 آلاف و20 ألف عامل مهاجر هندي خلال الأشهر المقبلة. وسيكون ذلك مساويا للعدد الإجمالي للعمال الأجانب الذين دخلوا البلاد من خلال اتفاقيات ثنائية عام 2021، وفقا لبيانات "المركز الإسرائيلي للهجرة الدولية والاندماج" CIMI.

في هذا الصدد، قال نائب المدير العام لـ"جمعية بُناة إسرائيل" شاي بوزنر: "ستكون الهند واحدا من أكبر الموردين لعمال البناء إلى إسرائيل في السنوات المقبلة، إن لم تكن أكبرهم"، مضيفا أن نحو 5 آلاف عامل في نيودلهي وتشيناي تم توظيفهم بالفعل.

وقال بوزنر إن جمعيته لجأت إلى الهند "بسبب قرار منع العمال الفلسطينيين من القدوم إلى إسرائيل منذ بداية الحرب، حيث كان نحو ثلث العمال في قطاع البناء من الفلسطينيين، لكن تم إلغاء تصاريح العمل للقادمين من غزة والضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب. في الوقت الحالي نحن نبحث عن أي طريقة لسد هذه الفجوة"، مضيفاً: "نحن نتعرّض لضغوط كبيرة".

وفي ديسمبر/كانون الأول، أخبر رئيس "جمعية بُناة إسرائيل" راؤول سروغو المشرعين الإسرائيليين أن إنتاج الصناعة يبلغ 30% من الطاقة القصوى. وقال: "فيما يتعلق بنا، يمكنك جلب العمال من القمر".

ويعكس تحول الاحتلال نحو العمال الهنود جزئيا تحسن العلاقات مع الهند في السنوات الأخيرة. وقد احتضن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي دولة الاحتلال علنا.

وحتى قبل العدوان على غزة، وقع البلدان اتفاقا في مايو/أيار يقضي بإرسال 42 ألف عامل بناء وتمريض هندي إلى دولة الاحتلال، وفقا لتعليقات وزير الخارجية السابق إيلي كوهين في البرلمان الإسرائيلي.

وتُظهر إعلانات التوظيف في جميع أنحاء الهند رواتب تتراوح بين 1400 دولار و1700 دولار شهريا. ويقيم الآن نحو 17 ألف عامل هندي في دولة الاحتلال، معظمهم يعملون في مجال التمريض، وفقا لوسائل الإعلام الهندية المحلية والمسؤولين الإسرائيليين.

وينفي المسؤولون الحكوميون الإسرائيليون أن تكون هذه الخطوة تهدف صراحة إلى استبدال العمال الفلسطينيين، لكنهم يعترفون بوجود ضغوط جديدة. وقال مسؤول حكومي إسرائيلي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المفاوضات الجارية: "الوضع الحالي له متطلباته. طبعا، هناك الآن شعور بمزيد من الإلحاح".

وقبل العدوان، كان عدد الفلسطينيين الذين يعملون في دولة الاحتلال والمستوطنات في الأراضي المحتلة قد سجل "أعلى مستوى على الإطلاق" بلغ 193 ألف فلسطيني، بعد قفزة بمقدار الثلث في عام 2022، وفقا لـ"منظمة العمل الدولية". وكان خُمس القوى العاملة في الضفة الغربية يعمل في إسرائيل.

لكن هذه الأرقام انخفضت بعد اندلاع أعمال العنف. وقال النائب المعارض الذي يخدم في حكومة الطوارئ جدعون سار لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن "السماح للعمال (الفلسطينيين) بالدخول إلى إسرائيل خلال الحرب هو خطأ فادح سيكلف دماء".

وقال وزير الاقتصاد نير بركات لصحيفة "جيروزاليم بوست" إن هجوم 7 أكتوبر كشف عن "مخاطر" توظيف الفلسطينيين وذكر خطته لاستبدالهم بعمال أجانب.

وقد أصبحت عودة العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل متشابكة مع سياسات الحرب في البلاد. فبالإضافة إلى شركات البناء والمستشفيات، يضغط الكثيرون في المؤسسة الأمنية من أجل إعادة تفعيل تصاريح العمل بأعداد كبيرة. ويخشى هؤلاء أن يساهم نقص الأجور في إثارة اليأس والغضب في الضفة الغربية، حيث تصاعد العنف بالفعل خلال العدوان على غزة.

لكن التقارير التي تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان على استعداد لإطلاق برنامج تجريبي يسمح لبعض الفلسطينيين الذين تم التدقيق في أوضاعهم بالعودة إلى وظائفهم، واجهت معارضة شديدة من المشرعين اليمينيين. ودان أكثر من 10 أعضاء من حزبه "الليكود" الخطة في رسالة عامة يوم الأربعاء.

استبعاد الهنود المسلمين من العمل في إسرائيل؟

وفي الهند، يقول مسؤول التوظيف في بلدة صغيرة في ولاية أوتار براديش أميت كومار، والذي يعمل مع وكالة كبيرة للقوى العاملة في نيودلهي تسمى "خدمات التوظيف الديناميكية"، للعمال المهتمين إن المسلمين لا يمكنهم التقدم للوظيفة.

وقال في مقابلة: "إنهم لا يريدون عمالا مسلمين". وفي العديد من مقاطع الفيديو على "يوتيوب" التي تشرح العملية وتدعو لتقديم الطلبات، يقول للمشاهدين: "يجب أن يكون اسمك هندوسيا، وفقط الإخوة الهندوس يمكنهم التقدم".

وقال المسؤولون الحكوميون المشرفون على وكالات التوظيف والقوى العاملة الهندية، بما في ذلك في ولايتي هاريانا وأوتار براديش وفي مدينة حيدر أباد، إنه لا توجد قيود على العمال المسلمين. ولم يستجب مديرو التوظيف الديناميكي للطلبات المتكررة للتعليق.

وانتقدت النقابات والناشطون الهنود حملة التوظيف، زاعمين أن ظروف العمال خطيرة. وقال الأمين العام لنقابة عمال البناء في هاريانا، رامهير بيفاني: "نحن ضد هذا لأنه يرسل العمال إلى فم الموت. إنهم يُغرون العمال برواتب سخية، لكن لن يذهب أي من عمالي إلى هناك".

في غضون ذلك، أصدر العديد من النقابات الهندية بيانات صحافية تفيد بأن هذه الخطوة ستشير إلى "التواطؤ" مع "حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين".

المساهمون