استمع إلى الملخص
- **تضخم وتباطؤ اقتصادي**: التضخم في إسرائيل تجاوز الحد الحكومي، وبلغ 3.2% في يوليو، مع تباطؤ النمو الاقتصادي وتوقعات بنمو ضعيف للناتج المحلي الإجمالي.
- **تخفيضات الميزانية وتحذيرات من كارثة اقتصادية**: صادقت اللجنة المالية على تخفيضات في الميزانية لتمويل عمليات الإجلاء، بينما حذرت وزارة الخزانة من كارثة اقتصادية وشيكة.
العجز المتزايد وارتفاع التضخم والتأخير في خفض أسعار الفائدة كلها أزمات تتراكم في إسرائيل التي تستكمل مسارها نحو كارثة اقتصادية وشيكة.
وقد دخل الاقتصاد الإسرائيلي بالفعل في دوامة يصعب الفكاك من سلاسلها. إذ أن ارتفاع العجز يؤدي إلى تصاعد الديون، ما يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني، ما يعني قفزة في أسعار الفوائد على السندات الحكومية، أي زيادة في النفقات الحكومية، وبالتالي العودة إلى مسار العجز في ظل اتباع السياسات المالية ذاتها، وما ينتج عن ذلك من ارتفاعات في التضخم وتراجع في حجم الاستثمار وتباطؤ في الاقتصاد، وبالتالي هبوط النمو من جديد...
وأمام تعاظم المشكلات، صادقت اللجنة المالية الإسرائيلية الاثنين على تخفيضات في الميزانية وتحويل مئات الملايين من الشواكل، لتمويل عمليات الإجلاء في الشمال والجنوب حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2024. فيما حذرت وزارة الخزانة الإسرائيلية من كارثة اقتصادية مقبلة، بحسب موقع "كالكاليست" الإسرائيلي. وقد بدأ بعض الاقتصاديين يحذرون علناً، وفق موقع "يديعوت أحرونوت"، والبعض الآخر في محادثات مغلقة، من أن الاقتصاد الإسرائيلي على شفا كارثة اقتصادية.
وحذر رؤساء دائرة الموازنة الإسرائيلية، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء آفي سمحون، من سلسلة مخاطر جدية، مع احتمال ارتفاع نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي إلى 80%، ما قد يخرج الاقتصاد عن نطاق السيطرة.
وقدمت وزارة الخزانة لسمحون رقماً صادماً حول الإضافة إلى الدين في عامي 2023 و2024 بسبب قفزة العجز التي روج لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في موازنة عام 2023، ما أدى إلى دين إضافي قدره 59.4 مليار شيكل (16.3 مليار دولار)، وفي عام 2024 تضاعف الرقم تقريباً إلى 114.3 مليار شيكل (31.4 مليار دولار)، وبذلك ارتفعت علاوة المخاطرة في إسرائيل إلى عنان السماء، بحسب "كالكاليست" وأصبحت فجوة العائد بين إسرائيل والولايات المتحدة أشبه بالدول ذات التصنيف الائتماني BBB وBBB-، ما رفع الفائدة على الدين كذلك. (الدولار 3.6 شواكل)
ووفقًا لبيانات وزارة الخزانة، ستضطر الحكومة الإسرائيلية في العام المقبل إلى دفع سبعة مليارات شيكل أكثر مقارنة بعام 2024 فوائد على الدين، وفي عام 2026 ستصل الزيادة في الدين بسبب الفائدة وحدها إلى عشرة مليارات شيكل. وبعبارة أخرى، أصبح الدين الحكومي أكثر تكلفة بكثير.
تدوير الأزمات باتجاه كارثة اقتصادية
وتعتقد وزارة الخزانة أنه بالنظر إلى الأحداث في 2023-2024، يجب أن تتضمن ميزانية 2025 أيضاً "هامشاً مالياً" يصل إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 20 مليار شيكل) من شأنه أن يجهز الاقتصاد للأزمات المستقبلية.
ووراء هذه التوصية أن العجز بلغ في عام 2023 نسبة 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي (5% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لبيانات البنك المركزي مع تضمين صندوق التعويضات) والحد الأقصى لعام 2024 هو 6.6% وهو مبلغ ضخم على الرغم من أنه لا توجد أي عوامل تقريباً تدعم هذه النسبة في السوق، وسط توقعات بارتفاع العجز عن السقف المحدد، من هنا يأتي اقتراح التخفيضات في الإنفاق والزيادات الضريبية لتثبيت الدين.
علماً أنه من المعتاد في شهر يوليو تقديم ميزانية إسرائيل للعام المقبل للحكومة وطلب الموافقة عليها، قبل عرض الميزانية على القراءة الأولى في الكنيست، إلا أنه لا توجد حتى مناقشات حول الميزانية حالياً. فالمحادثات مجمدة تماماً، "إذ ليس من الملائم لنتنياهو وسموتريتش أن يقدما للمواطنين، الذين قد يتوجهون قريباً إلى الانتخابات، سلسلة من المراسيم الضريبية الضرورية وتخفيضات مؤلمة في الخدمات"، بحسب يديعوت أحرونوت.
وفي يوليو/تموز، وصل العجز في الأشهر الـ12 الماضية بالفعل إلى 8.1% فوق السقف المحدد عند 6.6%، وعلى الرغم من أن وزير المالية يدعي أن العجز سيقترب من الهدف بحلول نهاية العام، إلا أن تقديرات أخرى في الاقتصاد تتحدث عن عجز قد يصل فعلياً إلى أعلى من ذلك بكثير.
تضخم وبطالة وخسائر
وفي الوقت الذي تتقلص فيه معدلات التضخم المرتفعة في جميع أنحاء العالم، فإن الوضع في إسرائيل هو عكس ذلك تماماً، إذ تجاوز بالفعل الحد الأعلى للهدف الذي حددته الحكومة نفسها (1% -3%) لهذا العام، مرتفعاً في يوليو إلى 3.2%.
وفي الأسبوع الماضي فقط، أجرى محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، مقابلة مع واي نت وأعلن أنه في ضوء الوضع الاقتصادي السائد، مع عدم وجود مناقشات حول الميزانية، مع ارتفاع تكاليف المعيشة والحرب المستمرة، لن تنخفض أسعار الفائدة على الأقل حتى يوليو من العام المقبل.
والأربعاء، أبقى "بنك إسرائيل" على أسعار الفائدة بدون تغيير عند 4.5%، فيما بدأت مؤشرات أسعار المستهلك تظهر ارتفاعاً في الأسواق المحلية أعلى من الهدف المحدد.
إلا أن وزير المالية الإسرائيلي اعتبر الإبقاء على أسعار الفائدة تجاهل من "بنك إسرائيل" لتحفيز الاقتصاد المحلي، بحكم أن أسعار الفائدة المنخفضة تزيد من الاقتراض والاستثمار وضخ الأموال في السوق.
وقال في بيان: "بناءً على البيانات الواردة في قرار سعر الفائدة، كان ينبغي على محافظ البنك أن يصل إلى استنتاج معاكس تماماً... التضخم هو تضخم على جانب العرض وليس على جانب الطلب، والرحلات الجوية أكثر تكلفة لأن الشركات لا تطير هنا بسبب الحرب، والفواكه والخضروات أكثر تكلفة لأننا لا نملك عمالاً تايلانديين".
علماً أن التكلفة الإجمالية للحرب قد تصل إلى 120 مليار دولار، أو 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو مقياس واسع للنشاط الاقتصادي، بحسب تصريح ياكوف شينين، الخبير الاقتصادي الإسرائيلي الذي يتمتع بخبرة تمتد لعقود في تقديم المشورة لرؤساء الوزراء الإسرائيليين والوزارات الحكومية لوكالة أسوشييتد برس.
ومن بين الدول الأعضاء البالغ عددها 38 في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، شهد اقتصاد إسرائيل أكبر تباطؤ من إبريل إلى يونيو، حسب ما أفادت المنظمة في تقريرها الأخير. وكان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بنسبة 3% في عام 2024. ويتوقع بنك إسرائيل الآن معدل نمو بنسبة 1.5% - وهذا إذا انتهت الحرب هذا العام.
وخفضت وكالة فيتش تصنيف إسرائيل من A+ إلى A في وقت سابق من هذا الشهر، في أعقاب تخفيضات مماثلة من وكالتي ستاندرد آند بورز وموديز. ومن شأن خفض التصنيف أن يرفع تكاليف اقتراض الحكومة.
وتشير شركة معلومات الأعمال الإسرائيلية "كوفايس بي دي آي" إلى أن نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب، 75% منها شركات صغيرة.
وتراجع معدل البطالة في يوليو/تموز إلى 2.8% مقارنة بـ3.1% في يونيو/حزيران. لكن هذا التراجع يعود للتلاعب بالداخلين والخارجين من سوق العمل، وفق هآرتس، التي تشرح أن السبب الحقيقي لتراجع البطالة يتمثل في أمرين اثنين، الأول أن الإحصاء اعتبر الداخلين في التجنيد على أنهم عاملون، وحصلوا على فرصة عمل، وبالتالي يتم إخراجهم من صفوف العاطلين عن العمل.
أما الأمر الثاني، فهو أن عشرات آلاف النازحين من الشمال والجنوب منذ أكثر من عشرة أشهر، لم يعودوا يبحثون عن عمل، وبالتالي تم إخراجهم من القوى العاملة في إسرائيل.