نجحت دولة جنوب أفريقيا في تعرية إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وكشف الصورة المزيفة التي حاولت دولة الاحتلال صنعها على مدى ما يزيد عن 70 سنة.
كذلك، أن تثبت للعالم وبالأدلة القطعية أن إسرائيل دولة احتلال تمارس سياسات الإرهاب والقمع والاستيطان والإبادة الجماعية على نطاق واسع ضد أهالي قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، لتقتل ما يزيد عن 23 ألف شهيد في غزة فقط.
وأنها تستخدم أسلحة محرمة دوليا في حربها الإجرامية على غزة بهدف القضاء على السكان، وترتكب جرائم حرب من دون رادع أو اعتبار للقانون والمجتمع الدولي.
وأنها ليست، كما تزعم دوماً، تلك الدولة " الكيوت" الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تصنف نفسها على أنها واحة الديمقراطية والأمن والاستقرار وحقوق الإنسان وحرية التعبير بين مجتمعات عربية يحكمها مستبدون وتفتقر إلى الحرية والعدالة.
دولة تحكمها عصابات ومتطرفون، ولديها حكومات عنصرية أقرب إلى المافيا وتجار الحروب الذين يدعون إلى قتل الفلسطينيين بشكل جماعي ليل نهار
بل إنها دولة تحكمها عصابات ومتطرفون، ولديها حكومات عنصرية أقرب إلى المافيا وتجار الحروب الذين يدعون إلى قتل الفلسطينيين بشكل جماعي ليل نهار، والتعامل معهم على أنهم حيوانات بشرية كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.
كما أطلق نتنياهو ووزراؤه دعوات صريحة إلى قتل جميع أهالي غزة من دون استثناء، بمن فيهم النساء والأطفال، وإلقاء قنبلة نووية لإبادة أهالي القطاع.
كما أثبت وفد جنوب أفريقيا للعالم أن لدى إسرائيل أيضاً جيشاً يمارس الإجرام والقتل العشوائي والتدمير الكلي وبشكل ممنهج، وسياسة الردع ضد الأطفال والنساء والعجائز، وأنه يسرق الأطفال وجثث الشهداء والأموال.
ببساطة، نجحت جنوب أفريقيا في إحراج دولة الاحتلال من خلال تقديم حقائق دامغة ووثائق قوية تستند إلى جرائم وفظائع حقيقية يمارسها جيش الاحتلال على الأرض بدم بارد.
ولأول مرة يشاهد العالم إسرائيل بهذا الضعف والارتباك رغم الجرائم التي يرتكبها جيشها بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 100 يوم، وتجد حكومة نتنياهو والفريق القانوني الإسرائيلي نفسيهما في ورطة.
خاصة أن الفريق لجأ في رده على أدلة جنوب أفريقيا إلى أسلوب ركيك اتسم بالضعف الشديد والاستعطاف والبكائيات، والكذب والتلفيق والدعاية ومحاولة قلب الحقائق، وتذكير العالم بما فعله هتلر والنازيون. وبسرد الأساطير اليهودية ومنها قصة العماليق، بل وممارسة الترهيب عبر اتهام وفد جنوب أفريقيا بأنه يدافع عن حماس والإرهابيين.
ما فعلته جنوب أفريقيا لن تكون له تداعيات فقط على تعرية صورة دولة الاحتلال أمام العالم وكشف أكاذيبها وجرائمها الوحشية، بل رفع منسوب مخاطر السمعة لدى إسرائيل
ما فعلته جنوب أفريقيا لن تكون له تداعيات فقط على تعرية صورة دولة الاحتلال أمام شعوب العالم الحرة وكشف أكاذيبها وجرائمها الوحشية، بل رفع منسوب مخاطر السمعة لدى إسرائيل.
وهذا النوع من المخاطر له تداعيات اقتصادية ومالية خطيرة على مستقبل دولة الاحتلال ومناخ الاستثمار فيها وتجارتها الخارجية وقطاعها السياحي والمالي والاستثماري، ويساهم في هز صورتها لدى المستثمرين الدوليين وأصحاب الأموال وصناديق الاستثمار والشركات متعددة الجنسيات ووكالات ومؤسسات التصنيف الائتماني.
ويدفع المقرضين نحو العزوف عن منح المؤسسات الإسرائيلية التمويلات والأموال التي تحتاجها لتسيع أنشطتها، وهو ما يرفع كلفة الاقتراض الخارجي.
سمعة إسرائيل تعرضت لضربة قاتلة، وفي ظل التطورات الأخيرة الناتجة عن الحرب الإجرامية على غزة وجرجرة دولة الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية، وربما محكمة الجنايات الدولية في وقت لاحق، قد نجد تغيرا كبيرا في تعامل شعوب العالم مع إسرائيل، والنظر إليها على أنها دولة منبوذة وعنصرية.
وقبلها التعامل معها على أنها دولة عالية المخاطر، سواء الجيوسياسية أو الأمنية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية، وهو ما قد يدفع المستثمرين الدوليين وأصحاب الأعمال والشركات نحو إعادة النظر في الاستثمار في اقتصادها وأنشطته المختلفة مع الضربات المتلاحقة التي يتلقاها، ومنها كلفة الحرب البالغة 60 مليار دولار حتى الآن.
إضافة إلى 24 مليار دولار أخرى هي الكلفة المتوقعة في العام الجاري، وما يصاحب ذلك من عجز حاد في الموازنة العامة وإيراداتها، وهروب للأموال، وإفلاس لقطاعات حيوية مثل المقاولات والسياحة.