إسرائيل اللص الرابح

10 يناير 2020
حقل الغاز المتنازع عليه بين لبنان وكيان الاحتلال (الأناضول)
+ الخط -

تعالوا معي نتصور هذا السيناريو: لص يسرق ثروتك، بل ويسطو على ثروة أبنائك وأحفادك، إما في غفلة منك وضعف، أو بتواطؤ من آخرين، أو لأسباب أخرى لا يعلمها أحد حتى الآن.

وبعد سنوات قليلة يأتي اللص ليعرض عليك صفقة، ليس مفادها إعادة ما سرقه، أو التوبة عن جريمة السطو التي مارسها منذ ولادته قبل 72 عاماً، ولكن بيع ما سرقه منك لك، ولكن بثمن أعلى وشروط جزائية قاسية.

إسرائيل سطت في غفلة من الزمن على ثروات العرب من الغاز الطبيعي والنفط في منطقة شرق البحر المتوسط، سطت على حقل ليفياثان Leviathan أو الحوت الذي اكتُشف عام 2010، ويقع على بعد 120 كيلومتراً تقريباً من سواحل فلسطين المحتلة، أي يقع في المياه الاقليمية الفلسطينية.

ورغم قرب الحقل من سواحل قطاع غزة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي سطا عليه بقوة السلاح، كما سطت قواته من قبل على الأرض الفلسطينية، بل ويواصل الاحتلال التنقيب عن الغاز في بحر غزة، وبالتالي نهب ما تبقى من ثروات الفلسطينيين.

كما يقع حقل ليفياثان على بعد 190 كيلومتراً من الأراضي المصرية، حسب شهادة السفير إبراهيم يسري، مدير المعاهدات الدولية في وزارة الخارجية المصرية سابقًا، والذي قال مرات عدة إن أحد الحقول التي تستخرج إسرائيل منها الغاز حاليا، يبعد عن ميناء دمياط المصري 190 كيلومتراً شمالاً، في حين يبعد عن إحدى المدن الإسرائيلية أكثر من 270 كيلومترا، وربما كان السفير الراحل يقصد بالحقل الأخير ليفياثان أو حقل أفروديت الواقع قبالة السواحل المصرية وسطت عليه إسرائيل قبل سنوات.

وبشهادة الخبير البترولي المصري، إبراهيم زهران، فإن لمصر حقوقاً أيضا في حقل "تمار" الواقع شرق البحر المتوسط ونهبته إسرائيل منذ سنوات قليلة، بل وأكد وجود أربعة حقول أخرى تستولي عليها إسرائيل في منطقة المتوسط تزيد عوائدها عن 400 مليار دولار.

وهناك حقل آخر نهبته دولة الاحتلال يسمى شمشون، وكذلك حقل ثالث نهبته قبرص. كما سطت إسرائيل على حقول غاز أخرى مثل "كاريش" القريب من سواحل لبنان وحيفا الفلسطينية.

إذاً، إسرائيل سطت على أهم مواقع إنتاج الغاز في شرق البحر المتوسط، وبدلا من أن تطالب الدول العربية بحقها في ثرواتها واسترداد الحقول المنهوبة، راحت تبرم اتفاقيات طويلة الأجل تصل إلى 15 عاماً لشراء هذا الغاز، وهو ما حدث مع مصر والأردن، حيث تم إبرام اتفاقيات يتم بموجبها تحويل أكثر من 30 مليار دولار من البلدين للخزانة العامة الإسرائيلية.

والنتيجة أن 85% من الغاز الذي تنتجه إسرائيل حاليا مخصص للتصدير لكل من الأردن ومصر، كما ذكرت صحيفة "هآرتس" أمس الأربعاء، وترتفع النسبة حينما يتم تصدير الغاز المنهوب إلى الفلسطينيين، وربما لبلدان عربية أخرى في المستقبل، وهو ما يعني أن الاحتلال نجح في بيع ما نهبه من غاز لأصحابه الحقيقيين.

المليارات تتدفق من مصر والأردن، اللتين تعانيان من أزمة اقتصادية ومالية، على خزانة الاحتلال. وحسب توقعات البورصة الإسرائيلية، فإن شركتي "ديلك" و"نوبل إنيرجي" اللتين ستبيعان الغاز للبلدين ستحققان أرباحا من حقل ليفياثان وحده تقدر بـ13 مليار دولار، في حين أن إسرائيل ستحصل على 15 مليار دولار كضرائب وحقوق ملكية.
دلالات
المساهمون