اقترحت المفوضية الأوروبية اليوم الثلاثاء، فرض سقف لسعر الغاز لمدة عام ابتداءً من أول يناير/كانون الثاني 2023، بمعدل 275 يورو للميغاواط/ساعة، حسبما أعلنت مفوضة الطاقة في الاتحاد الإستونية كادري سيمسون. فماذا في تفاصيل هذا السقف وجدواه؟
ومن المقرر أن يناقش وزراء الطاقة من الدول الأعضاء في الكتلة البالغ عددها 27 دولة المقترحات بعد غد الخميس.
تأمل المفوضية أن يساعد السقف الدول الأعضاء على كبح أسعار الطاقة للمنازل والشركات بعدما وصلت إلى مستويات قياسية هذا العام إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أدى إلى مفاقمة التضخم وزيادة ضغوط تكاليف المعيشة.
هل توافق جميع دول الاتحاد الأوروبي على سقف سعر الغاز؟
أدت فكرة الحد الأقصى (سقف) للسعر إلى خلافات مستمرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتُعد بلجيكا واليونان وإيطاليا وبولندا من بين الدول الأكثر صراحة في المطالبة بتطبيق حد أقصى لسعر الغاز، بينما قادت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، معارضة هذا التوجّه.
والسبب أن ألمانيا رأت في فكرة وضع حد أقصى للسعر أنه قد يجعل من الصعب جذب إمدادات الغاز التي تشتد الحاجة إليها ويقلل الحافز للحد من استهلاك الغاز عندما تحتاج الدول إلى توفير الوقود واستبدال الشحنات الروسية.
كيف يعمل سقف سعر الغاز المقترح؟
اقترحت المفوضية الأوروبية، الجهة التنفيذية في الاتحاد، تطبيق الحد الأقصى قبل شهر من تسعير المشتقات على خدمة النقل "تي تي إف" (TTF) لتبادل الغاز التي تتخذ هولندا مقراً وتعمل كمعيار للأسعار في أوروبا.
ولن يؤثر ذلك على "التجارة خارج البورصة" OTC التي قالت المفوضية إنها صمام أمان لعمليات التسليم المهمة، بينما من غير المرجح أن تستحوذ على أي حصة كبيرة من التجارة.
وسيناقش الوزراء يوم الخميس صيغة الحد الأقصى ومستوى السقف، إضافة إلى حجم الفجوة بين سعر "تي تي إف" والسعر العالمي للغاز الطبيعي المسال LNG.
ما رأي سوق الغاز بتحديد أوروبا سقفاً للسعر؟
كتب "اتحاد بورصات الطاقة الأوروبية" (يوروبكس) إلى المفوضية قائلاً إن الخطة قد تشكل خطراً كبيراً على الاستقرار المالي والإمداد في أسواق الطاقة الأوروبية.
واعتبر الاتحاد أن الحد الأقصى قد يؤدي إلى توقف المرافق العامة عن الشراء والبيع، بما يسمى التحوّط، لإنتاج الغاز واستهلاكه، ويقود إلى الانتقال لمزيد من التداول خارج البورصة من دون الخضوع للسقف، والذي قال إنه قد يزيد "مخاطر الطرف المقابل".
وقالت يوروبكس أيضا إن الحد الأقصى قد يجعل من الصعب على المرافق جذب شحنات الغاز الطبيعي المسال.
وذكر بعض التجار أن ذلك قد يقلل من سيولة صفقات الشهر المقبل ويؤدي إلى زيادة التداول في منتجات أُخرى مثل "عقد اليوم التالي".
في هذا الإطار، قالت المفوضة سيمسون إن الآلية مصممة بعناية لتكون فعالة، مع عدم تعريض أمن الإمدادات وعمل أسواق الطاقة في الاتحاد والاستقرار المالي للخطر.
هل سيؤدي سقف سعر الغاز إلى خفض تكاليفه؟
عندما أعلنت سيمسون عن الاقتراح قالت إنه لا يوجد حل سحري لخفض الأسعار.
ويتم تداول عقد "تي تي إف" الهولندي للشهر التالي بنحو 120 يورو للميغاواط/ساعة، لكنه وصل إلى أعلى مستوياته خلال اليوم بما يزيد عن 340 يورو للميغاواط/ساعة هذا العام.
أما مستوى 275 يورو فهو سقف أعلى مما توقعه البعض، حيث اقترح دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي في السابق نطاقاً بين 150 و180 يورو للميغا/ساعة.
معيار سعر الغاز الجديد
في حين تم تصميم سقف السعر ليكون حلاً مؤقتاً، فإن المفوضية تريد معياراً بديلاً للأسعار أكثر ديمومة للغاز في أوروبا، وقد طلبت من منظمي الطاقة في الاتحاد الأوروبي إطلاق واحد بحلول 31 مارس/آذار 2023.
تاريخياً، تم استخدام سعر الغاز في مركز "تي تي إف" كمعيار لتوصيل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
لكن الانخفاض الكبير في إمدادات الغاز الروسي هذا العام جعل السعر متقلباً للغاية، وغالباً ما يكون أكثر تكلفة من أسعار الغاز الطبيعي المسال في مناطق أُخرى من العالم.
وتقول بروكسل إن هناك حاجة إلى مؤشر جديد نظراً لأن "تي تي إف" تسترشد بإمدادات خطوط الأنابيب، وبالتالي لم تعد تمثل سوقاً تتضمن المزيد من الغاز الطبيعي المسال.
واقترحت بعض مصادر القطاع أن على هذه الصناعة أن تطور معيارا جديدا بمفردها، وسيعتمد نجاحها على ما إذا كانت صناعة الغاز تستخدمه أم لا.
ماذا عن الحد الأقصى لسعر الغاز الروسي؟
واقترحت المفوضية وضع حد أقصى لسعر الغاز الروسي في سبتمبر/أيلول، لكنها تخلت عن الفكرة بعد مقاومة من دول وسط وشرق أوروبا قلقت من أن موسكو سترد بقطع الغاز الذي ما زالت ترسله إليها.
واعتمدت أوروبا على روسيا للحصول على ما يقرب من 40% من احتياجاتها من الغاز قبل أن تغزو موسكو أوكرانيا، لكن هذه الحصة انخفضت إلى نحو 8% حيث قطعت روسيا الإمدادات عن أوروبا.
ونظراً إلى هذا الانخفاض، قال بعض الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي إن تحديد سقف للسعر لن يفعل الكثير لخفض أسعار الغاز الأوروبية، وسيكون بمثابة تحرك جيوسياسي لتخفيض الإيرادات التي تحظى بها موسكو.
(رويترز، العربي الجديد)