أوروبا تحارب النفط الروسي والصين تكسب سوق المشتقات البترولية

10 اغسطس 2022
محطة وقود في سنغافورة (Getty)
+ الخط -

ربما تحول الحرب الروسية المشتعلة في أوكرانيا الشركات الصينية إلى أكبر مصدر للمشتقات البترولية من الغازولين ووقود الطائرات في العالم، إذ بينما ترتفع أسعار النفط والمشتقات في الأسواق العالمية بسبب العقوبات الاقتصادية على الخامات الروسية تحصل الصين عليها بأسعار رخيصة جداً. وبلغت صادرات المشتقات البترولية للسوق الآسيوي في العام 2021 نحو 878 ألف برميل يومياً من الغازولين ووقود الطائرات. وحسب بيانات وكالة بلومبيرغ، فإن الشركات الصينية رفعت مشترياتها من المشتقات النفطية الروسية إلى 7.47 مليارات دولار في مايو/أيار الماضي بزيادة مليار دولار عن مشترياتها في أبريل/ نيسان. كما تحصل الشركات الصينية التي باتت الزبون الرئيسي الذي تعول عليه موسكو في هزيمة العقوبات الغربية على طاقتها، على خام الأورال الروسي بحسم يبلغ 34 دولارا للبرميل منذ صدور القرار الأوروبي بحظر البترول الروسي ومشتقاته في مايو الماضي. وهذا البترول والمشتقات الروسية الرخيصة شجعت بكين على التوسع في صناعة التكرير وبناء طاقات تكريرية جديدة.

ولاحظ محللون أن الخامات البترولية الرخيصة التي تحصل عليها الصين من روسيا ساهمت في تراجع مبيعات الخام الإيراني للصين. وربما تكون الخسائر التي سببتها الحرب على أوكرانيا للدخل النفطي الإيراني واحدة من القضايا التي ناقشتها الحكومة الإيرانية مع الرئيس فلاديمير بوتين أثناء زيارته لطهران في شهر يوليو/ تموز الماضي.
وتشير بيانات لشركة كيبلر الأميركية التي تراقب حركة ناقلات البترول العالمية، إلى أن الشركات الصينية تراجعت عن شراء 40 مليون برميل من النفط الإيراني كانت عائمة على ناقلات في الشواطئ الآسيوية بسبب العقود الرخيصة جداً التي قدمتها الشركات الروسية. وفي منتصف مايو/ أيار الماضي كانت 20 ناقلة تحمل النفط الإيراني راسية على شواطئ سنغافورة حسب كيبلر.

ومنذ الحرب الروسية على أوكرانيا تجد إيران صعوبة في الحصول على مشترين لخاماتها في آسيا وسط الحسومات الضخمة التي تعرضها الشركات الروسية الباحثة عن زبائن وسط تشديد القوى الغربية للعقوبات الاقتصادية على روسيا ومحاولة تجفيف التمويلات التي تحصل عليها موسكو من مبيعات الطاقة.
وتعد الصين أكبر مشتر للخامات النفطية في العالم، كما تمتلك طاقة تكرير تعادل 17% من إجمالي طاقة التكرير العالمية وتأتي مباشرة بعد الولايات المتحدة في السعة التكريرية ولكنها تواصل التوسع ما دامت شركاتها تحصل على خامات بترولية رخيصة من روسيا وإيران. وتعادل طاقة هذه المصافي الجديدة نحو 24% من طاقة المصافي في آسيا.
ويرى محللون أن طول أمد الحرب الروسية في أوكرانيا يمنح الشركات الصينية فرصة للتوسع في السوق الآسيوي على حساب المصافي المحلية بدول النمو الآسيوية. وعبر هذه الإمدادات الرخيصة تستطيع الشركات الصينية تعزيز تمددها في سوق المشتقات الروسية حيث يمكنها الحصول على هوامش ربحية كبيرة والتفوق على شركات التكرير والمصافي بجنوب شرقي آسيا وربما الهيمنة على الأسواق وضرب المصافي المحلية. وحسب نشرة "أس أند بي غلوبال إنتليجنس" فإن الطلب على النفط في آسيا يواصل الارتفاع وسط الانتعاش الجاري في حركة السفر الجوي بعد جائحة كورونا، حيث تقدر النشرة ارتفاع الطلب في العام الجاري نحو 713 ألف برميل يومياً عن مستوياته في العام السابق. ولاحظت وكالة الطاقة الدولية، أن طاقة المصافي بالصين ارتفعت خلال العام الجاري إلى 17 مليون برميل يومياً مقارنة بمستوياتها في العام 2020. وحسب "ستاندرد أند بورز غلوبال إنتليجنس" فإن الشركات الصينية صدرت نحو 39.75 مليون برميل من الغازولين ووقود الطائرات في خلال العام الجاري وحتى 6 يوليو/ تموز. وتتحسب الصين خلال العام الجاري للاضطرابات في أسواق الطاقة وربما تركز أكثر على تنمية مخزوناتها الاستراتيجية، خاصة وأن التوتر بينها وبين واشنطن يتزايد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والتطورات الأخيرة في تايوان.
وتسعى الحكومة الصينية إلى استغلال الخامات الروسية الرخيصة كذلك في تعزيز الاحتياطي الاستراتيجي والتجاري. ولدى الصين احتياطات استراتيجية رسمية تقدر بنحو 475.9 مليون برميل، كما لديها احتياطات تجارية تقدر بنحو 209.44 ملايين برميل. وبالتالي يقدر إجمالي احتياطاتها بنحو 685.34 برميل وتكفي هذه الاحتياطات استهلاك البلاد لمدة 90 يوماً. وكانت تقارير أميركية قد ذكرت في مايو الماضي أن الحكومة الصينية تجري مفاوضات مع روسيا لشراء كميات كبيرة من النفط الروسي لزيادة حجم احتياطاتها الاستراتيجية. ولدى روسيا احتياطات دولارية تفوق 3 تريليونات دولار وستساهم هذه الدولارات في دعم روسيا في حال مقايضتها بمشتريات النفط.

يذكر أن أسعار النفط واصلت تأرجحها أكثر قليلاً من 90 دولاراً لخام غرب تكساس الأميركي، حيث بلغت 91.87 دولارا لعقود سبتمبر/أيلول، كما بلغت عقود أكتوبر/ تشرين الأول لخام برنت 97.92 دولاراً. ويتوقع محللون أن تواصل أسعار النفط تراجعها بسبب احتمال ركود الاقتصاد الأميركي والأسواق الأوروبية التي تعد من كبار مستهلكي النفط في العالم.

المساهمون