تتجه السلطات المالية المشرفة على النظام المالي الأميركي إلى اتخاذ خطوات كبيرة لتلافي حدوث أزمة جديدة في القطاع المصرفي بالبلاد، مثلما حدث في مارس/آذار الماضي. ويعد النظام المصرفي أحد الأركان المهمة في النظام المالي الأميركي والرأسمالي ككل.
ودعت هيئة الإشراف على المصارف الأميركية بمجلس الاحتياط الفيدرالي لاتخاذ خطوات لتقوية رأس المال الإضافي بالبنوك الكبرى والتي ستساعد في تعزيز مرونة النظام المصرفي وقدرته على امتصاص الأزمات البنكية في المستقبل، بعد سلسلة من إخفاقات البنوك متوسطة الحجم والصغيرة في النصف الأول من العام الجاري.
وقال نائب رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي للإشراف على البنوك، مايكل بار، في خطاب ألقاه يوم الاثنين: "الأحداث على مدار الأشهر القليلة الماضية عززت الحاجة إلى تقوية البنوك في مواجهة المخاطر المألوفة وغير المتوقعة".
وحسب تقرير بصحيفة "وول ستريت جورنال" من التغييرات التي من المتوقع أن يقترحها منظمو الإجراءات المصرفية هذا الصيف، إجراء مراجعة شاملة لمتطلبات رأس مال بالبنوك الكبرى.
وبموجب الخطة، قد يُطلب من البنوك الكبيرة الاحتفاظ بنقطتين مئويتين إضافيتين من رأس المال. ورأس المال الإضافي سيخصص لامتصاص الخسائر المحتملة. ويعتمد المبلغ المطلوب لرأس المال الإضافي على الأنشطة التجارية للشركة المصرفية.
وقال بار، إنه من المتوقع أن يتم حجز أكبر الزيادات لأكبر البنوك الأميركية العملاقة وأكثرها تعقيدًا. وأشار إلى أن البنوك ستواجه أيضًا اختبارات ضغط أكثر صعوبة لقياس قدرتها على تجاوز ركود افتراضي، وقيوداً أكثر صرامة على تعويضات التنفيذيين، ومتطلبات سيولة متزايدة. كما يخطط لإجراء تغييرات لتحسين "سرعة وخفة الحركة وقوة" الإشراف المصرفي لمجلس الاحتياط الفيدرالي.
وتقول أكبر البنوك الأميركية إن لديها بالفعل رأس مال أكبر بكثير مما قد تحتاجه في أي أزمة، حسب "وول ستريت جورنال".
ويشير العاملون في تلك البنوك في هذا الصدد إلى نتائج اختبار الإجهاد والقدرة الذي أجري في مارس/آذار الماضي، حيث تمكنت المصارف من ضخ 30 مليار دولار من الودائع المجمعة في مصرف "فيرست ريبببليك" المتعثر.
ووفق تلك البنوك، فإن أزمة مارس/آذار نتجت عن فشل بعض مديري البنوك والمنظمين، وليس نقصًا منهجيًا في رأس المال والقاعدة الرأسمالية.
ويقولون أيضًا إن زيادة قواعد رأس المال ستجعلهم يحتفظون بالمزيد من الأموال والحد من الإقراض. لكن مثل هذا الإجراء سيضر بالنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
في هذا الصدد، قال رئيس منتدى الخدمات المالية للمجموعة المصرفية، كيفن فرومر، في بيان يوم الاثنين: "رأس المال ليس حرًا". "المزيد من متطلبات رأس المال على أكبر البنوك الأميركية سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض وقروض أقل للمستهلكين والشركات، مما يؤدي إلى تباطؤ اقتصادنا والتأثير على الهامش الأكثر تأثيراً".
وقدر بار أن الزيادات في رأسمال البنوك ستتم تغطيتها في أقل من عامين من أرباح البنوك. وسجل الربع الأول من العام الجاري رقمًا قياسيًا لأرباح البنوك، وفقًا لمؤسسة ضمان الإيداعات الفدرالية.
وقال بار إنه يجب أن يكون لدى البنوك رأس مال إضافي لامتصاص الخسائر والمخاطر المرتبطة بأنشطتها، لكن المنظمين يقولون إن الطريقة التي تقيس بها هذه المخاطر تتباين بشكل كبير للغاية. وتهدف الخطوة إلى جعل تدابير المخاطر أكثر شفافية وقابلة للمقارنة في جميع أنحاء العالم.
وفي خطوة من المرجح أن تخيب آمال البنوك الكبرى، قال بار إنه لا يعتزم إجراء تغييرات جوهرية على أجزاء أخرى من أطر هيكلة رأس المال. لطالما دعت البنوك الكبيرة إلى تخفيف الرسوم الإضافية الخاصة التي تنطبق على البنوك العالمية ذات الأهمية النظامية. وأشار بار إلى أنه يفكر فقط في تغييرات فنية متواضعة لتلك المتطلبات.
ويرى محللون في قطاع المصارف أن خطوة زيادة رأس المال ستكون على حساب عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح التي يحبذها المستثمرون في أسواق المال الأميركية "وول ستريت".
ويقول خبراء إنها ستقود تلقائياً إلى تباطؤ إعادة شراء الأسهم، بينما ينتظر التنفيذيون بالمصارف الكشف عن القواعد المقترحة.