أموال الجزائر المنهوبة: وفد رسمي يزور سويسرا واسترجاع 40 عقاراً فاخراً

10 سبتمبر 2022
الشارع يعاني من أزمات معيشية وارتفاع موجات التضخم (Getty)
+ الخط -

تواصل الجزائر عملية تعقب الأموال المنهوبة طوال حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، والمهربة من طرف الكارتل المالي المُقرب منه، على مدى عقدين من الزمن، حيث بدأت الحكومة الجزائرية في تحري ممتلكات ما يُعرف عند الجزائريين بـ "العصابة"، في العديد من الدول الأوروبية، في مقدمتها فرنسا، إسبانيا، وسويسرا، فيما يتساءل الشارع الجزائري عن مصير هذه الأموال والممتلكات التي تعهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون باسترجاعها إلى آخر دينار، في حملته الانتخابية قبل تنصيبه رئيساً في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر في اللجنة المكلفة باسترجاع الأموال المنهوبة، أن "أعضاء منها سيتوجهون إلى سويسرا في الأّيام القادمة، من أجل التدقيق في ملكية بعض العقارات التي يُعتقد أنها تعود إلى رجال أعمال مسجونين حاليا في قضايا فساد، ومحاولة ربط الاتصالات الأولى مع الحكومة السويسرية للوصول إلى الحسابات المالية التي توصلت إليها التحقيقات القضائية في الجزائر".

وأضاف نفس المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن "اللجنة زارت فرنسا مطلع السنة ثم إسبانيا، قبل بداية الأزمة بين باريس ومدريد، واستطاع أعضاء اللجنة استرجاع قرابة 40 عقارا، بقيمة تلامس 500 مليون يورو من بينها فندق لرجل الأعمال علي حداد بمدينة برشلونة، وشقق فاخرة في باريس وليون وليل الفرنسية، مع العلم أنه توجد عشرات من الإنابات القضائية (تعاون قضائي) موجهة إلى 11 دولة هي سويسرا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ وبنما وأيرلندا الشمالية والصين وأميركا وكندا والإمارات العربية المتحدة".

واعترف نفس المصدر بأن "الوصول إلى الحسابات البنكية يبقى صعبا وأقرب للمستحيل، لتحجج الحكومات بسرية الحسابات، وهو ما يعقد عمل السفارات الجزائرية التي تسعى جاهدة لتعبيد الطرق لنا مع الإدارات والبنوك في الدول المعنية، للوصول إلى العقارات والحسابات بأوامر من القضاء الجزائري، فيما نتخوف من بيع العقارات المتبقية بعدما كشف تقارير إعلامية عن محاولات في هذا الصدد".

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد شكل لجنة متخصصة في استرجاع الأموال المنهوبة تضم قضاة وإطارات في وزارة المالية الجزائرية ودبلوماسيين جزائريين، تابعة مباشرة لوصاية رئاسة الجمهورية الجزائرية.
وتسير عملية استرجاع الأموال المنهوبة التي لم تكشف السلطات الجزائرية عن حجمها الحقيقي، بوتيرة متفاوتة بين الداخل والخارج، ففي وقت صادر القضاء الجزائر عشرات المصانع والعقارات والأموال في البنوك بقيمة 3.8 مليارات يورو، داخل الجزائر، تبقى العملية متعثرة في الخارج خاصة وأن الجزء الأكبر من الأموال المنهوبة تم تهريبه خارج البلاد.

وكانت الحكومة الجزائرية بقيادة أيمن بن عبد الرحمن قد كشفت السنة الماضية عن نيتها في عقد تسوية ودية مع رجال الأعمال والمسؤولين المرتبطين بقضايا فساد واختلاس للأموال العامة، وكذا الأموال المهربة إلى الخارج، بهدف استرجاعها ودعم المقدرات المالية للدولة، وذلك لتأخر عمليات استرجاع الأموال المنهوبة التي جعل منها الرئيس تبون أولوية عهدته الرئاسية الأولى.

كان الرئيس عبد المجيد تبون قد شكل لجنة متخصصة في استرجاع الأموال المنهوبة تضم قضاة وإطارات في وزارة المالية الجزائرية ودبلوماسيين جزائريين


وتجد السلطات الجزائرية صعوبات كبيرة في استرجاع الأموال والأملاك المنهوبة، بسبب تعقيدات قضائية والفترة الزمنية الطويلة التي تتطلبها عمليات الاسترداد من جهة، ومن جهة ثانية لكون الجزائر، وعلى غرار بقية الدول، اصطدمت بصعوبات قانونية وقضائية وعوائق كبيرة في ما يخص محاولتها معرفة مكان أموال عامة وتحويلات مالية كبيرة تم تحويلها من قبل مسؤولين ورجال أعمال من الجزائر إلى الخارج.

ويعتبر البعض أن الطريق الدبلوماسي هو الحل الأفضل لاسترجاع المال المنهوب، وبالتالي يجب أن يكون للرئاسة والحكومة دور مهم في هذا الصدد.
ويكشف المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا الجزائرية عبد الهادي تواتي أن "المتهمين في قضايا الفساد لم يحولوا أموالهم بطريقة قانونية نحو الخارج وإنما من خلال شركات "أوفشور" تخضع لقوانين الدول الموجودة فيها وليس للقانون الجزائري، واستردادها يتطلب ملفا قضائيا غير منقوص، وتحديدا دقيقا لمصيرها، ووقتا طويلا، وهو أمر صعب من ناحية الشكل والتنفيذ".

وأوضح المحامي الجزائري في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الطريق الدبلوماسي هو الحل الأنسب لاستعادة ما تم تحويله من أموال عمومية للخارج، ذلك أن الجزائر لا تملك اتفاقيات تعاون قضائي مع كل الدول.

المساهمون