أعباء الديون الضخمة تضغط على الاقتصادات الكبرى والرقم يقفز إلى 2.2 تريليون دولار

26 يوليو 2023
خدمة الديون الأميركية بلغت 625 مليار دولار في 9 أشهر (getty)
+ الخط -

تواجه حكومات العالم فاتورة لخدمة ديونها خلال العام الجاري تقدرها وكالة فيتش الأميركية للتصنيف الائتماني بنحو 2.2 تريليون دولار.

وبينما ربط العالم خلال الأعوام الماضية نحو 3.5 تريليونات دولار من ديونه بالتضخم خلال فترة الركود الاقتصادي في سنوات جائحة كورونا، بات يواجه أزمة تسديد الديون مع الارتفاع السريع في أسعار الفائدة لمكافحة ظاهرة غلاء الأسعار.

 ومع زيادة معدل التضخم العام الماضي إلى مستويات تاريخية، ارتفعت تكاليف خدمة هذه الديون للحكومات والشركات. إذ رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة الرئيسية لمكافحة ضغوط الأسعار، وبالتالي ارتفعت قيمة خدمة الاقتراض المرتبط بالتضخم وفق محللين.

وما كان يعتبر تمويلاً رخيصاً حينما كانت الفائدة تقترب من الصفر وكانت الأسعار راكدة، سرعان ما أصبح أكثر تكلفة، وتحول إلى عبء ثقيل للميزانيات الحكومية.

وحسب بيانات "وول ستريت" الأميركية، فقد ارتفعت عوائد السندات القياسية ذات معدل الفائدة الثابت لمدة 10 سنوات بنسبة كبيرة بلغت نحو 4.3% في بريطانيا و3.9% في الولايات المتحدة، وكان كلاهما أقل من واحد في المائة خلال جائحة كورونا.

حسب تقديرات وكالة فيتش، ستضطر الحكومات العالمية تسديد ما يقرب من 2.2 تريليون دولار من الفوائد الإجمالية على ديونها هذا العام

وحسب تقديرات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، ستضطر الحكومات العالمية إلى تسديد ما يقرب من 2.2 تريليون دولار من الفوائد الإجمالية على ديونها هذا العام.

وتقول الوكالة: نمت تكلفة الفائدة على الخزانة الأميركية بنسبة 25% خلال الأشهر التسعة الماضية حتى يونيو/حزيران، لتصل إلى 652 مليار دولار في الأشهر التسعة حتى يونيو/حزيران.

ومن المتوقع أن ترتفع فاتورة خدمة الديون في ألمانيا إلى 30 مليار يورو هذا العام، أو نحو 33.2 مليار دولار، من 4 مليارات يورو في عام 2021.

وكان لدى الحكومات 3.5 تريليونات دولار من الديون المستحقة المرتبطة بالتضخم في نهاية عام 2022، وفقاً لبنك التسويات الدولية، أي ما يعادل حوالى 11% من إجمالي قروضها.

وفي بريطانيا تبدو مشاكل الديون معقدة بسبب اعتمادها الطويل الأمد على مقياس الزيادات في الأسعار. إذ يرتبط نحو 600 مليار جنيه إسترليني من سندات الديون السيادية، أي ما يعادل 770 مليار دولار تقريباً، بمؤشر أسعار التجزئة التي ارتفعت فوق 10% خلال العام الماضي، إذ بلغ التضخم وفقاً لمؤشر أسعار التجزئة 14% في أكتوبر/تشرين الأول و11% في يونيو/حزيران الماضي.

ويتوقع الاقتصاديون أن يستمر التضخم في المملكة المتحدة في الانخفاض هذا العام، وإن كان ذلك بنسبة أبطأ من الاقتصادات الكبرى الأخرى.

في بريطانيا تبدو مشاكل الديون معقدة بسبب اعتمادها الطويل الأمد على مقياس الزيادات في الأسعار

هذا المنطق ينطبق خصوصاً على أسواق مثل المملكة المتحدة، حيث مقاييس التضخم متأصلة بعمق في الاقتصاد، وغالباً ما ترتبط عتبات الضرائب ومدفوعات المعاشات والرفاهية وأسعار القطارات وفواتير الهاتف المحمول بمؤشرات الأسعار.

لكن صدمة الطاقة التي غذت التضخم الأخير قلبت تلك الرياضيات رأساً على عقب، حيث أدت فواتير الطاقة المرتفعة إلى ارتفاع مؤشر أسعار التجزئة، حتى مع تراجع الأرباح وإنفاق المستهلكين.

وقال مكتب المملكة المتحدة لمسؤولية الميزانية في الشهر الجاري إن حساسية ديون المملكة المتحدة للتضخم غير مسبوقة.

في هذا الصدد، قال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "آر بي سي" لإدارة الأصول لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في لندن: "يمكن أن تواجه بريطانيا أزمة ديون مع احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة الركود التضخمي مع النمو الضعيف حقاً والتضخم المفرط". 

ووفقاً لتقديرات الاقتصادي في بنك أوف أميركا، روبرت وود، فإنه يمكن أن تضيف عوائد السندات المرتفعة والتضخم الأكثر ثباتاً 30 مليار جنيه إسترليني إلى فاتورة الديون الحكومية السنوية في المملكة المتحدة.

ويرى محللون أن أمام الحكومة البريطانية ثلاثة خيارات مرة للتعامل مع أزمة تفاقم أعباء الديون، هي: خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب أوالاقتراض أكثر. وهذه الخيارات ستضع حزب المحافظين في أزمة أمام الناخب البريطاني.

المساهمون