أسواق مصر: اختفاء التخفيضات الرمضانية
اختفت عروض التخفيضات، بعد يومين من بداية شهر رمضان، بل وتدفع المعارض التي تشرف عليها الحكومة الأسعار إلى مزيد من الارتفاع، بينما الطلب يتراجع، مع انخفاض قدرة المستهلكين على الشراء.
عاودت أسعار السلع الغذائية، بخاصة اللحوم والزيوت والحبوب الأساسية، رحلة صعودها المستمر أسبوعياً منذ 13 شهراً، عقب بداية موسم الصيام، الأكثر إقبالاً على الاستهلاك والتوزيع، خلال العام. أنهت سلاسل المحلات التجارية الكبرى عروض التخفيضات، المدعومة من الغرفة التجارية والصناعية، مدفوعة بارتفاع أسعار التوريد، بعد توقف الحكومة عن الإفراج عن الواردات بالموانئ، بسبب شح الدولار، الذي ارتفعت أسعاره بالسوق السوداء، من 32 إلى 35 جنيهاً، وتجاوزت قيمته في العقود الآجلة، 40.75 جنيهاً.
ارتدّت أسعار الدواجن المتجهة للهبوط منذ نهاية الشهر الماضي، لتعاود ارتفاعها من 75 جنيهاً إلى 80 جنيهاً للدواجن البيضاء الطازجة، ترتفع إلى 115 جنيهاً للبلدي.
وقادت المعارض الحكومية اتجاهاً تصاعدياً لرفع أسعار اللحوم الحمراء الطازجة، لتصعد من 240 في المتوسط إلى 250 جنيهاً للكيلو غرام، بزيادة 20 جنيهاً فقط عن اللحوم المباعة بالمحلات الشعبية والريف، رغم اختلاف نوعية وجودة اللحوم وتمتع معارض الجيش و"أهلاً رمضان" التابعة لوزارة التموين و"أمان" للداخلية" بتسهيلات ضخمة، في الحصول على أماكن مميزة بالميادين العامة مجاناً، وعدم تحملها أي نفقات وضرائب أسوة بالقطاع الخاص.
وحسب تجار، توافرت السلع، مع زيادة أثمانها، حيث ظهر الأرز بعد فترة تذبذب في الكميات المعروضة بالأسواق، ليصل سعر الكيلو غرام الأبيض المعبأ متوسط الحجم، ما بين 26 إلى 26.5 جنيهاً، بزيادة 50 قرشاً عن الأسبوع الماضي.
واستبدلت المعارض التخفيضات بعروض بديلة، تعتمد على تخفيض حجم العبوات للسلع كافة، إذ أصبحت عبوة المكرونة تبدأ من 350 غراماً وصولاً إلى 400 و800 غرام، ولم تعد عبوة السكر تبدأ من كيلو غرام، بل من 800 غرام.
وانتقلت عدوى العبوات الصغيرة إلى اللحوم، فأصبحت اللحوم الحمراء تباع بالقطعة تتراوح أوزانها ما بين 100 و150 غراماً.
يقول أحد مديري سلاسل التجزئة، رافضاً ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إن توجه الموردين والمصانع والمحلات إلى تخفيض حجم العبوات، يستهدف زيادة توفير السلع في حدود إمكانات المشترين، مع الصعود المستمر في التضخم، وعدم قدرة المستهلكين على مواكبة الغلاء.
وأوضح أن المنتجين أول من فكروا في تجزئة الأحجام، عندما تعرضوا لشح في مستلزمات الإنتاج منذ فرض قيود على الواردات، خلال فبراير/ شباط الماضي، وواجهتهم صعوبة في نقل الزيادة في تكاليف المنتج إلى الجمهور مباشرة، فأصبح تخفيض الكميات أفضل وسيلة، لتوفير السلعة، مع زيادة مقبولة للمنتج والمستهلك.
وشهدت أسعار الخضراوات استقراراً نسبياً مع توافر المنتجات الزراعية، خلال وقت الحصاد الحالي لأهم المنتجات، وعلى رأسها الطماطم التي تباع بخمسة جنيهات للكيلو غرام بالمتوسط.
ورصدت "العربي الجديد" ارتفاعاً في أسعار التمور المحلية والمستوردة وأنواع الياميش (مكسرات وفواكه مجففة)، بمعدلات تصل إلى 25% عن أسعارها المرتفعة التي عرضت بها الأسبوع الماضي، يعزيها تجار إلى قلة المعروض، وتوقف الإفراج عن كميات كبيرة بالموانئ ومنافذ الوصول، مع استمرار رفض البنوك تمويل الموردين بالدولار لهذه النوعية من المشتريات، التي تعامل على أنها سلع استفزازية.
وتراوحت أسعار الكنافة والقطايف العجين ما بين 20 و30 جنيهاً للكيلو غرام، وترتفع إلى 200 جنيه لكيلو غرام الكنافة والقطايف تامة الصنع.
وتشكو محلات حلويات رمضان الشهيرة في الأحياء والمناطق الشعبية، من قلة الزبائن، خلال الموسم الحالي، الذي يشهد ارتفاعاً في تكاليف مستلزمات الإنتاج، بخاصة الدقيق الذي تضاعف ثمنه.
وكان وزير الزراعة السيد القصير، قد صرح للصحف المحلية بأنّ الحكومة مستمرة في عرض السلع للمواطنين بأسعار مخفضة، عبر منافذ الوزارة بالمحافظات، مع بيانات أخرى حكومية تؤكد ضخ المزيد من السلع واللحوم والدواجن والياميش ومنتجات الألبان، بمنافذ "أهلاً رمضان"، مستشهدة بمساهمة تلك المعارض، في خفض قيمة كيلو غرام الدجاج بنحو 5 جنيهات، وتراجع سعر طبق البيض إلى مستوى 105 جنيهات.
شهدت أسعار الخضراوات استقراراً نسبياً مع توافر المنتجات الزراعية، خلال وقت الحصاد الحالي
وقال عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، حازم المنوفي، في بيان أرسله لـ"العربي الجديد" إن معارض "أهلاً رمضان" ساهمت في السيطرة على الأسعار بالأسواق الرسمية. وأكد أنّ المعارض تبيع السلع الغذائية من الدواجن واللحوم بأسعار تقل عن مثيلاتها في الأسواق بنحو 30%.
وتشهد عروض "أهلاً رمضان" كثرة في نوعيات العروض لسلع غير مطلوبة، تفرض على المستهلكين، وتظل أسعار الدواجن واللحوم، متقاربة مع أسعار السوق الحرة، مع اختلاف النوعية التي تصب في مصلحة القطاع الخاص.
ويتوقع الخبراء أن تتجه أسعار السلع إلى الارتفاع خلال الفترة المقبلة، متأثرة بالنقص المستمر في الدولار، وعدم قدرة الحكومة على الإفراج عن واردات تصل قيمتها إلى نحو 5 مليارات دولار في الموانئ، بخاصة منتجات الأعلاف والحبوب ومستلزمات صناعة الأجبان والأدوية الطبية والزراعية والبيطرية، بما يؤدي إلى تصاعد أزمات المنتجين وشح البضائع والسلع.
ورغم الاستقرار النسبي في قيمة الجنيه أمام الدولار، بالبنوك الرسمية منذ 12 مارس/ آذار الجاري، تتوقع مؤسسات مالية انخفاضاً في قيمة العملة المحلية ليصل الدولار إلى 33 جنيهاً، رسمياً، خلال شهرين.