لليوم الثاني على التوالي، تشهد كبرى أسواق الجملة في العراق، إضراباً واسعاً عن بيع المواد الغذائية والسلع الأخرى، بالتزامن مع زيادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، ووسط مخاوف من خسائر كبيرة يخشاها التجار في تلك الأسواق، تتصاعد أسعار المواد يومياً.
وسبّب قرار وزارة المالية رفع سعر صرف الدولار، مقابل الدينار بواقع 1450 ديناراً أمام الدولار الواحد، ضمن خطوات مواجهة الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، اضطراباً كبيراً في أسعار البضائع في السوق المحلية، في وقت لم تتخذ فيه الحكومة أي خطوات تخفف من تأثير القرار بأسعار المواد في الأسواق.
ووفقاً لشهود عيان، فإن سوقي "الشورجة" و"جميلة"، وهي أهم أسواق الجملة وأكبرها في البلاد، شهدا إضراباً واسعاً، وإن أغلب محالها التجارية مغلقة، مؤكدين أن "أغلب التجار أغلقوا محالهم التجارية، وبدأوا إضراباً عن العمل".
وقال أحد المتعاملين لـ"العربي الجديد"، إن "التجار يخشون الخسارة في حال بيع البضاعة المتوافرة لديهم، ولا سيما أن سعر صرف الدولار ما زال غير مستقر".
وأكد أن "الإضراب أصبح ردة فعل تلقائية على ارتفاع سعر الصرف، ولا يوجد وقت محدد لانتهائه، الأمر الذي أثر في أسعار البضائع في السوق وكمياتها المعروضة للبيع"، مشيراً إلى أن "استمرار الإضراب ينذر بموجة غلاء خطيرة قد تشهدها الأسواق العراقية خلال الأيام المقبلة".
إلى ذلك، يُعدّ عدد من التجار في أسواق العراق لتظاهرات حاشدة أمام وزارة المالية والبنك المركزي، احتجاجاً على إجراءات رفع قيمة الدولار.
وقال عضو غرفة تجارة العراق، علي السلامي، إن "أغلب تجار الشورجة وجميلة، يستعدون للتظاهر، احتجاجاً على خطوات وزارة المالية، غير المدروسة، التي أربكت أسعار السوق المحلية"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "التظاهرات ستنطلق خلال اليومين المقبلين، يرافقها إغلاق للمحال التجارية".
وأكد أن "القرار الحكومي برفع سعر الصرف قرار خطير جداً، وستكون له تداعيات خطيرة بارتفاع الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي سينعكس على قوت المواطن الفقير"، مشيراً إلى أن "رفع الأسعار أمر لا مفر منه، وأن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤوليته".
من جهتها، رصدت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، ارتفاعاً بأسعار المواد الغذائية، داعية الحكومة والبرلمان إلى تحمّل مسؤولياتها إزاء ذلك.
وقالت المفوضية في بيان، إنها "رصدت ارتفاعاً في أسعار المواد الأساسية، وخصوصاً المواد الغذائية، وسط ذهول وألم وامتعاض من الطبقات محدودة الدخل والفقراء ومن هم دون خط الفقر، وكذلك أصحاب المحال التجارية الصغيرة والأسواق".
وأكدت أن "هذا سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على أوضاع الأفراد الاقتصادية والنفسية والأسرية والاجتماعية، في عام أصيب فيه المجتمع بالوباء في أوائله وإجراءات الفقر في نهايته"، مطالبة الحكومة بأن "تفي بوعودها لجموع المتظاهرين الذين كان من أولويات مطالبهم تحسين الأوضاع الاجتماعية".
كذلك دعت البرلمان إلى "القيام بدوره إزاء الأوضاع السيئة التي يتعرض لها الجزء الأكبر من المجتمع".
ويحمّل سياسيون عراقيون الحكومة مسؤولية هذا الإجراء، مؤكدين أنها فشلت بإدارة الأزمة المالية.
وقال النائب عن تحالف الفتح، محمد البلداوي، إن "الفشل الحكومي سينعكس سلباً على المواطن الفقير، ولا سيما أن البلاد ستتعرض لهزة اقتصادية خطيرة"، محذراً من "نتائج قرار رفع سعر الدولار ، الذي يدفع البلاد نحو منحىً آخر".