عزّزت أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، سيطرتها على قطاع الاتصالات الخلوية في البلاد بعد أن وضعت يدها على المشغل الثالث "وفا"، حسب مصادر لـ"العربي الجديد".
وكان رئيس المديرين التنفيذيين لشركة "وفا"، غسان سابا، قد أكد أن المشغل الثالث سيقدم خدماته من خلال الأرقام الخلوية التي تبدأ بالرقم (091)، وبعد الوصول إلى نسبة معينة من هذه الحزمة سيتم الانتقال إلى الأرقام التي تبدأ بـ(092).
وقطع سابا خلال تصريحات صحافية أخيراً، بأن المشغل الثالث يعمل حسب الخطة الزمنية المقررة، وسيجري مكالمته الأولى نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني القادم تمهيداً للإطلاق التجاري.
وفي هذا السياق، يتساءل المتخصص بالاتصالات، فاضل كامل، عن مصدر تجهيزات المشغل الثالث للاتصالات الخلوية الذي أعلنت حكومة الأسد عن إطلاقه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بواقع العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظام بشار الأسد، كاشفاً أن شركة "وفا" الجديدة ستستخدم على الأرجح أبراج وتجهيزات الشركتين المشغلتين "سيرتيل، و94" لأن الشركات جميعها باتت تتبع لـ"أسماء الأسد"، على حد قوله.
ويضيف كامل لـ"العربي الجديد" أن السوق السورية "بواقعها الراهن" ليست بحاجة لمشغل جديد، لأن شمال غرب سورية "المحرر" يستخدم الشركات التركية، كما خرج كثير من جمهور شمال شرق سورية، عن خدمة الاتصالات السورية، بمعنى تراجع عدد المستخدمين فضلاً عن تراجع القدرة الشرائية للسوريين، فما هي المبررات لتأسيس شركة جديدة؟
وعما يقال عن إبعاد إيران عن القطاع، يضيف كامل أن هذا سبب مهم، لأن نظام الأسد وعد طهران بهذا الاستثمار منذ مطلع 2018، وتم الحديث عام 2019 عن دخول شركة "ام سي آي" الإيرانية كمشغل ثالث بحجم استثمار 300 مليون دولار، وربما تم طرح الموضوع خلال التوقيع على خط الائتمان الجديد الشهر الماضي، ولكن الأمور ذهبت في الاتجاه المعاكس.
وكانت سورية من أواخر دول المنطقة التي سمحت باستثمار الاتصالات الخلوية، حيث منحت مؤسسة الاتصالات السورية، عام 2001 شركة "سيرتيل"، المملوكة لرامي مخلوف، أول عقد استثمار على نظام "بي أو تي" قبل أن تدخل شركة "أنفستكوم"، التي تحولت بعد سيطرة رامي مخلوف وشركائه عليها إلى "94".
وقبل انتهاء حصرية الشركتين، المحددة بـ15 عاما وفق عقد "بي أو تي"، تحولت "سيرتيل و94" إلى شركتين مساهمتين في نهاية عام 2014، بعدما حسم مجلس الوزراء السوري الأمر وحول شبكة الاتصال الخلوية من ملكية عامة، مع إدارة وتشغيل خاص، إلى عقود ملكية خاصة للقطاع، وتم تقليص حصة الدولة منذ عام 2015 إلى 50% وعام 2016 إلى 30% لتستمر بعد ذاك حصة الدولة على 20%، ما فوّت، حسب مراقبين، مليارات الليرات السورية على خزينة الدولة.
كانت سورية من أواخر دول المنطقة التي سمحت باستثمار الاتصالات الخلوية، حيث منحت مؤسسة الاتصالات السورية، عام 2001 شركة "سيرتيل"، المملوكة لرامي مخلوف، أول عقد استثمار
وحول مبرر دخول مشغل ثالث للاتصالات الخلوية بسورية، قال الاقتصادي السوري، محمود حسين، لـ"العربي الجديد" إن إبعاد إيران عن الاستثمار أهم الدوافع، كما أن تجهيزات "سيرتيل و94" باتت قديمة، فدخول "وفا" بالاعتماد على البنى التحتية للشركتين مع تحديثها، سيخفف من تكاليف التأسيس، وأيضا ستستخدم الشركة الجديدة جيلا جديداً "G5" ولديها حصرية بذلك لمدة سنتين، ما يعني لاحقاً، ربما تصفية الشركتين أو إحداهما، أو ربما الاندماج، فتكون "وفا" هي المتحكمة بالسوق.
ولا يخشى بعد ذلك إن دخل مشغل من خارج سورية، فالمؤكد أن هناك خطة لذلك لأنه ليس من المنطق أن تنافس أسماء الأسد نفسها، ولكن هناك أسماء جديدة ستكون في واجهة المرحلة الجديدة بعد رامي محلوف، حسب حسين.
وكانت الهيئة الناظمة للاتصالات، قد رفعت، ابتداء من أول شهر يونيو/حزيران الجاري، أسعار الخدمات المقدمة من شركتي "سيرتيل و94" للاتصالات بنسبة 50% ليصل سعر الدقيقة الخلوية للخطوط مسبقة الدفع إلى 27 ليرة سورية، والخطوط لاحقة الدفع إلى 23 ليرة، وسعر الميغابايت خارج الخدمة إلى 17 ليرة (الدولار = نحو 3900 ليرة).
وكانت زوجة رئيس النظام السوري، قد وضعت يدها على شركتي الاتصالات الخليوية بسورية، بعد مصادرة "سيرتيل" من رامي مخلوف والحجز على أمواله، وبعد وضعها عزمي ميقاتي، كما تقول مصادر، لـ"العربي الجديد" في واجهة استثمار 94، لأن الشريكين اللبنانيين (طه ونجيب ميقاتي) لهما نسبة ضئيلة، وليس من المستبعد، إبعادهما بالمطلق عن الاستثمار، إذا اقتضت الضرورة ومقتضيات بدء عمل شركة "وفا" الجديدة، حسب نفس المصادر.