خالفت سوق عقارات أميركا توقعات خبراء الإسكان، حيث تراجعت المبيعات بنسبة 17% خلال الفترة بين شهري فبراير/شباط وأكتوبر/تشرين الأول، بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 7% خلال العام المنتهي، وفقاً لبيانات الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.
وقالت الرابطة إن قليلاً من الخبراء يتوقعون الآن هبوط مبيعات المنازل مرة أخرى، وإن أغلبهم يتوقع عدم ارتفاع أسعارها بصورة كبيرة، في 2024.
وبعد ارتفاعها خلال العام المنتهي، أصبحت أسعار العقارات أعلى بنسبة 1% مما كانت عليه في وقت الذروة في عام 2022، وفقاً للرابطة.
ولم يتوقع أحد تقريباً أن تصل معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري إلى ما يقرب من 8% في 2023. وعندما بلغ متوسط الفائدة على تلك القروض لمدة 30 عاماً 7.79% في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لـ"فريدي ماك"، المؤسسة الأميركية المعنية بتسهيل قروض الرهن العقاري، كان هذا أعلى مستوى له منذ 23 عاماً.
واجتمعت عدة عوامل في سوق العقارات الأميركية خلال العام المنتهي، لتجعل منه السوق الأكثر تكلفة في عدة عقود. وانخفضت مبيعات المنازل القائمة إلى أقل من 4 ملايين وحدة، لتصل إلى مستويات شوهدت آخر مرة في عام 2010.
ومع ذلك، ورغم انخفاض أعداد المشترين الراغبين والقادرين على الشراء، واصلت أسعار العقارات ارتفاعها، بسبب عدم وجود منازل كافية في السوق، وتنافس المشترين المحتملين على اللحاق بالمعروض.
وقال جوناثان ميلر، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة "ميلر صموئيل" للمثمنين العقاريين والاستشارات: "في وقت مبكر من هذا العام، وصفت عام 2023 بأنه عام خيبة الأمل، لكن هذا العام (2024) أسميه عام التغيير التدريجي".
وقال إن الفكرة هي أن عام 2024 سيجلب تحسناً تدريجياً في مبيعات المنازل والأسعار ومعدلات الفائدة المطبقة على قروض الرهن العقاري، وسيكون هناك القليل من التحركات المفاجئة.
وانخفضت معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري لمدة تسعة أسابيع متتالية، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر في عام 2024، على الرغم من أنّ من غير المرجح أن تنخفض إلى أقل من 6%.
وانخفض متوسط سعر الفائدة على قروض الرهن العقاري لمدة 30 عاماً بنسبة نقطة مئوية كاملة هذا العام، ليصل إلى 6.61% في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/كانون الأول.
وكان للحملة الشعواء التي شنّها بنك الاحتياط الفيدرالي لكبح جماح التضخم، من خلال رفع أسعار الفائدة، واستخدام أغلب الأدوات المتاحة لتشديد السياسة النقدية في الاقتصاد الأكبر في العالم، تأثير قوي في سوق الإسكان، حيث خفضت الطلب مع ارتفاع أسعار الفائدة، ودفعت مشتري المنازل المحتملين إلى الخروج من السوق.
وقالت سكايلر أولسن، كبير الاقتصاديين في Zillow، صاحبة التطبيق الأشهر لتسهيل شراء العقارات بأميركا: "ربما كان ارتفاع معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري في عامي 2022 و2023 هو السبب الأكبر لبقاء سوق الإسكان في الحياد. لقد أدى الانخفاض الأخير في معدل الفائدة على قروض الرهن العقاري إلى زيادة النشاط".
وأضافت أن أسعار الفائدة في نطاق 3% الذي شهدناه في عامي 2020 و2021 لن تعود، "على الأقل من دون أزمة اقتصادية أخرى لا نريدها ولا ينبغي لنا أن نأمل فيها".
لكنها قالت إن "الانخفاض المستمر والبطيء، أو حتى بقاء المعدلات ثابتة، في عام 2024، سيكون بمثابة استراحة مرحب بها، بعد الارتفاع المتواصل وعدم القدرة على التنبؤ خلال العامين الماضيين".
وتوقع موقع Realtor.com وصول متوسط معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري إلى ما يقرب من 6.8% خلال عام 2024، على أن ينهي العام بالقرب من 6.5%.
وقال لورانس يون، كبير الاقتصاديين في الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، إنه يتوقع انخفاض سعر الفائدة على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عامًا إلى 6.3%، وخفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة أربع مرات، في عام 2024. وأوضح أنّ من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تهدئة الظروف التضخمية، استجابةً لتباطؤ النشاط الاقتصادي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، كان مشتري منزل متوسط ينفق أكثر من 40% من دخله على سداد أقساط الرهن العقاري، وهو ما كان أعلى مستوى على الإطلاق، وفقًا لبيانات Zillow، التي يعود تاريخها إلى التسعينيات.
ومع انخفاض معدلات الرهن العقاري بشكل طفيف في العام الجديد، وتراجع عدد أصحاب المنازل الذين يتشبثون بمعدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري المنخفضة للغاية، والتي حصلوا عليها خلال العامين الماضيين، تقول Zillow إن الفجوة ستضيق بين معدل الفائدة لديهم ومعدل الفائدة السائد، وهو ما سيدفع بالمزيد من أصحاب المنازل لعرض منازلهم للبيع.
وسيؤدي ذلك إلى جلب المزيد من المخزون إلى السوق، ما يسمح للأسعار بالانخفاض قليلاً في بعض الأسواق، ويمنع ارتفاعها في أسواق أخرى.
وتدعم أحدث توقعات Zillow بقاء قيم المنازل ثابتة في عام 2024، مع انخفاضها بنسبة 0.2% فقط بحلول نهاية العام. وتدعو توقعات موقع Realtor.com إلى انخفاض أسعار المنازل أكثر قليلاً، لتنخفض بنسبة 1.7% في عام 2024 مقارنة بالعام الحالي.
وتدعو أحدث توقعات الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين إلى ارتفاع متوسط سعر المنزل بشكل طفيف، ليصل إلى 389,500 دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 0.9% عن العام الحالي.
ومع وصول معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري الآن إلى 6.6%، تستطيع الأسرة الأميركية متوسطة الدخل شراء منزل متوسط السعر، دون تخصيص أكثر من 30% من دخلها لسداد الأقساط، وهو الحد الأمثل للقدرة على تحمّل تكاليف شراء منزل في أميركا.
وعند معدل فائدة على قروض الرهن العقاري 6.6%، سيتمكن ما يقرب من 4.5 ملايين أسرة مرة أخرى من شراء منزل متوسط السعر.