أسعار تأجير ناقلات الغاز المسال تتضاعف 6 مرات.. ودول آسيا وأوروبا تعاني

23 نوفمبر 2021
ناقلة غاز مسال بميناء روتردام الهولندي، أكبر موانئ الغاز المسال بأوروبا (getty)
+ الخط -

تشهد أسعار الحاويات ارتفاعاً جنونياً وذلك وسط نقص مريع في سوق الشحن البحري الخاص بحاويات الغاز الطبيعي المسال، والحجوزات المبكرة على شحنات الغاز المسال التي وقعت خلال العام الجاري وبأسعار مرتفعة دفعت مقدماً في السوق الآجل لحجز الحاويات من قبل شركات كبرى في الصين واليابان ودول النمور الآسيوية.

في هذا الشأن، قالت نشرة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، إن أسعار إيجار ناقلات الغاز الطبيعي المسال تضاعفت 6 مرات خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، حيث بلغ سعر إيجار الناقلة الواحدة بين المحيط الهادئ وآسيا 300 ألف دولار في اليوم، لنقل شحنات الغاز المسال بين أميركا وآسيا تحديداً.
ويأتي هذا الارتفاع بسبب العدد المحدود من ناقلات الغاز الطبيعي المتاحة عالميا، في وقت يتزايد فيه الطلب على الغاز المسال في السوق الفوري خلال الشتاء في كل من آسيا وأوروبا.
وحسب بيانات "ستاندرد آند بورز غلوبال"، كان سعر تأجير ناقلة الغاز الطبيعي المسال تعادل نحو 50 ألف دولار في اليوم في بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ولكنها ارتفعت إلى 300 ألف في يوم 18 من نفس الشهر.
من جانبها تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إلى أن ثورة الغاز الطبيعي الصخري في الولايات المتحدة رفعت صادرات الغاز المسال الأميركي من أقل من مليار قدم مكعبة في عام 2015 إلى 10.8 مليارات قدم مكعبة تشحن عبر الحاويات إلى 40 دولة من دول العالم، وذلك بنهاية عام 2020. ويعد هذا الارتفاع في صادرات الغاز الأميركية من الأسباب الرئيسية التي رفعت أسعار الشحن عبر المحيط الهادئ إلى آسيا، وكذا عبر المحيط الأطلسي إلى أوروبا.
وكانت شركات الكهرباء في آسيا قد وقعت عقوداً آجلة منذ مارس/ آذار الماضي مع شركات الغاز الصخري الأميركية وحجزت ناقلات لتوصيلها، ما رفع أسعار إيجار الناقلات بهذه المعدلات الخيالية.
ويقدر عدد الناقلات المتخصصة في نقل الغاز الطبيعي المسال في العالم بنحو 642 ناقلة حتى نهاية عام 2020.

وهنالك طلبيات لبناء 242 ناقلة من المتوقع أن تدخل الخدمة خلال الأعوام المقبلة حتى عام 2025، من بينها 46 ناقلة ستدخل الخدمة خلال العام الجاري و38 ناقلة في العام المقبل 2022.

قطر مصدر مضمون

وحسب بيانات شركة الطاقة القطرية، فإن شركة "ناقلات" القطرية، تعد صاحبة أكبر أسطول من حاويات شحن الغاز الطبيعي المسال في العالم، وهذا العامل يؤهلها لتصبح مصدراً مضموناً في تلبية عقود الغاز المسال لأنها ليست بحاجة إلى تأجير ناقلات لتوصيل شحناتها إلى أنحاء العالم.
ووفقاً لبيانات أدلت بها "ناقلات" القطرية في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن لدى الشركة 69 حاوية لنقل الغاز المسال، كما أنها تعاقدت مع مجموعة "هودونغ غونغوا" لبناء السفن المحدودة (هودونغ) والمملوكة بالكامل لمؤسسة الصين الحكومية لبناء 4 سفن عملاقة بقيمة 2.8 مليار ريال (769.3 مليون دولار). مما سيرفع عدد حاويات الأسطول القطري لنقل الغاز المسال إلى 73 حاوية في العام المقبل 2022، وهو ما يمثل 12% من إجمالي سعة نقل الغاز الطبيعي المسال في العالم.

هنالك عوامل رئيسية ساهمت في غلاء أسعار الناقلات خلال الشتاء الجاري، وهي الزيادة الكبيرة في الطلب العالمي على الغاز المسال في آسيا وأوروبا

ويرى محللون أن هنالك عوامل رئيسية ساهمت في غلاء أسعار الناقلات خلال الشتاء الجاري، وهي الزيادة الكبيرة في الطلب العالمي على الغاز المسال في آسيا وأوروبا، حيث إن معظم احتياجات آسيا من الغاز تأتي عبر البحر وليس عبر الأنابيب بسبب الموقع الجغرافي من مناطق إنتاج الغاز، وكذلك بسبب القوانين المقيدة للتلوث البيئي وقلة بدائل الطاقة المتجددة المتوفرة امام الدول.
ومن بين العوامل كذلك العقبات السياسية التي عرقلت في بعض الشهور ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب إلى خزانات الغاز في أوروبا وزيادة صادرات الغاز المسال الأميركي إلى آسيا.
من جانبها قالت نشرة " لويدز ليست" التي تصدر في لندن في تقرير حول أسعار حاويات الغاز المسال، إن ازمة الغاز في آسيا رفعت أسعار الحاويات في المتوسط إلى 260 ألف دولار في اليوم في شهر أكتوبر/ تشرين الأول.
وذكرت النشرة أن حاويات نقل الغاز المسال تفضل السوق الآسيوي على السوق الأوروبيين، لأن الفارق السعري في الشحن يحقق لها أرباحاً إضافية تقدر بنحو 100 مليون دولار.

وفي ذات الصدد، سجلت بيانات البورصة البلطيقية في أوسلو بالنرويج، المتخصصة في أسعار إيجار الناقلات أن سعر الناقلة حمولة 180 قدم مكعبة من الغاز من ميناء غلادستون في أستراليا إلى طوكيو بلغ 262.215 ألف دولار في اليوم. وهو ما يعني ارتفاعاً بنسبة 7% في نوفمبر/ تشرين الثاني، عما كان عليه السعر في منتصف أكتوبر/ تشرين الثاني.

فوارق في الأسعار

ويلاحظ أن المسافة بين اليابان وأستراليا مسافة قصيرة مقارنة بالمسافة من خليج المكسيك في أميركا حيث تشحن معظم حاويات الغاز المسال الصخري إلى موانئ العالم. ويرتفع فارق سعر تأجير حاويات الغاز المسال بين أميركا إلى أوروبا وبينها وبين آسيا بنحو 64.250 ألف دولار في اليوم، حسب بيانات شركة فيلكس الأميركية المتخصصة في الغاز الطبيعي المسال.
وتشير بيانات شركة فيلكس إلى أن أسعار الشحن المرتفعة تساهم بدرجة كبيرة في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، حيث أن سعر شحنة غاز طبيعي مسال قيمتها 20 مليون دولار تشحن من ميناء هنري في الولايات المتحدة ترتفع قيمتها إلى 120 مليون دولار حينما تصل إلى أوروبا وترتفع قيمتها إلى 144 مليون دولار حينما تصل إلى اليابان. وتتوقع شركة فليكس المتخصصة في استثمار ناقلات الغاز المسال أن تتواصل هذه الأسعار القياسية لشحن الغاز المسال حتى العام 2023.
من جانبها تقدر نشرة " لويدز ليست"، أن تساهم أزمة الحاويات في نقص الغاز المسال العالمي حتى مارس/آذار المقبل وبكميات قدرتها بنحو 19 مليون طن. ويقدر النقص في الغاز الطبيعي في أوروبا بنحو 14.5 مليون طن.

تقدر نشرة " لويدز ليست"، أن تساهم أزمة الحاويات في نقص الغاز المسال العالمي حتى مارس/آذار المقبل وبكميات قدرتها بنحو 19 مليون طن

وحسب بيانات نشرة "أوفشور أنيرجي" البريطانية التي تصدر في لندن، تعد الشركات الكورية الجنوبية صاحبة أكبر نصيب في صناعة سفن الغاز المسال، حيث تعكف شركات هيونداي وسامسونغ ودايو على بناء 110 حاويات منذ بداية العام الجاري. بينما تعكف شركة "زيفزدا" الروسية على بناء 15 حاوية لتصدير الغاز المسال من حقل "يامال". كما تعمل مجموعة "هو دونغ" الصينية على بناء 11 حاوية من بينها حاويات شركة "ناقلات" القطرية.
وهنالك أربع دول كبرى في تجارة الغاز المسال، وهي قطر التي تخطط لرفع إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 40 في المئة إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول 2026. وشرعت شركة قطر للبترول التي تحول اسمها إلى قطر للطاقة، في تطوير مشروع توسعة حقل الشمال الذي تبلغ استثماراته قرابة 30 مليار دولار.


وثاني هذه الدول، الولايات المتحدة التي تواصل تطوير صناعة الغاز المسال الحديثة. وثالثها أستراليا التي دخلت حديثاً سوق الغاز المسال عبر مشاريع شركة "وودسايد بتروليوم" الأسترالية ومشروع "سكاربورو" للغاز بقيمة 11 مليار دولار وتوسعة "بلوتو للغاز المسال "في النصف الثاني من هذا العام. كما تسعى شركة سانتوس للحصول على موافقة رسمية على مشروع تطوير باروسا للغاز بتكلفة 3.6 مليارات دولار.

أما روسيا فقد شرعت في إنشاء مشاريع لتصدير الغاز المسال إلى جانب تصدير غاز الأنابيب قبل 11 عاماً فقط، وتستهدف زيادة حصتها في سوق الغاز المسال إلى 15% بحلول عام 2025.
وحسب مجلة سياسة الطاقة الصادرة عن وزارة الطاقة الروسية، فإن روسيا رفعت صادراتها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من أربعة أضعاف منذ عام 2009.
وبدأت روسيا بتطوير مرافق إنتاج الغاز الطبيعي المسال بإطلاق مشروع "سخالين"، وفي عام 2018 تم تشييد معمل آخر لمعالجة الغاز في "يامال" للغاز الطبيعي المسال. وصدرت روسيا الشحنة الأولى من الغاز الطبيعي المسال من مصنع "كريغاز فيتسوتسك"في عام 2019.

المساهمون