أسعار السلع الغذائية المستوردة تحلّق في الجزائر

11 يوليو 2022
ارتفاع الأسعار على المستهلكين (فاروق باطيش/ فرانس برس)
+ الخط -

قفزت أسعار العديد من المواد الغذائية المستوردة واسعة الاستهلاك في الجزائر، بنسبة تزيد على 150 في المائة، بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة تحت مبرر حماية المنتج المحلي، فيما لم يتمكن المنتجون من توفير حاجة السوق.

وجاء ذلك بالتزامن مع تراجع كبير في معدلات الشراء واكتفاء شريحة كبيرة من الجزائريين بمشاهدة السلع في واجهات المحال خلال عيد الأضحى، في ظل ضعف القدرة الشرائية.

وفي جولة لـ"العربي الجديد" على الأسواق، تبين ارتفاع أسعار الكثير من المواد المستوردة، مقارنةً بالعام الماضي، فأسعار البندق بدأت بـ5 آلاف دينار، وصولاً إلى 6000 دينار للكيلوغرام الواحد (41 دولاراً)، واللوز دون القشرة بـ 2500 دينار(17 دولاراً)، والفستق بـ 4000 دينار (27 دولاراً)، والمشمشية 1200 دينار للكيلوغرام (8.5 دولارات)، فيما قفزت أسعار الأجبان المستوردة بأكثر من 700 دينار (4.2 دولارات) للكيلوغرام الواحد.

ويؤكد ابراهيم معتوق، رئيس شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية في العاصمة الجزائرية، أن "هناك حالة من الركود التي تضرب أسواق هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار". ويضيف لـ"العربي الجديد" أن "أغلب التجار لم يتمكنوا من تصريف أكثر من 30 في المائة من جملة مشترياتهم، على الرغم من مرور رمضان وحلول عيد الأضحى الذي يرتفع فيهما عادة الإقبال على المكسرات والفواكه المجففة والأجبان والشوكولاتة".

ويرجع معتوق أسباب ارتفاع الأسعار إلى عدة عوامل، منها "زيادة التعريفة الجمركية على هذه النوعية من السلع، باعتبارها سلعا كمالية"، لافتاً إلى أن "هناك أيضاً سبباً غير مباشر، فعند ارتفاع الأسعار يضطر التاجر إلى تقليل حجم مشترياته، ما يعني ارتفاع التكاليف الثابتة، التي تنعكس بدورها على سعر المستهلك في النهاية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النقل التي أثرت مباشرةً بأسعار السلع في الجزائر".

ويقول جمال الدين حمزة، تاجر في شارع "المنظر الجميل" المشهور ببيع المواد الغذائية لـ"العربي الجديد"، إن "حجم المبيعات في تراجع عن العام الماضي بمعدل 50 إلى 60 في المائة، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية. فأصحاب المداخيل المتوسطة والمنخفضة، كانوا حرصاء على عدم حرمان طاولاتهم المكسرات والأجبان وغيرهما من المواد، من خلال شراء أوزان بسيطة من نوعيات معينة، كالفستق والبندق والكاكاو وجبن الروكفور الفرنسي والجبن السويسري المثقوب واسع الاستهلاك".

واعتاد عمر بوغليط، وهو موظف في إحدى الشركات العمومية، منذ سنوات على شراء المكسرات وغيرها من المواد الغذائية الثانوية، ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن "الأسعار ارتفعت بمعدل 300 في المائة على بعض المواد"، مشيراً إلى أن "انخفاض القدرة الشرائية دفعه إلى تقليل الكميات التي كان يشتريها عادة".

ويقول المواطن الجزائري إن "الدخل لا يكفي الآن لشراء مثل هذه الكماليات، إذ خرجت المكسرات والشوكولاتة وبعض الأجبان من القائمة بعد ارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى بعض أنواع العصائر الصناعية المستوردة".

وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت رفع تجميد الرسوم عن العديد من المواد المستوردة مطلع السنة الحالية، على غرار المنتجات الغذائية والزراعية، الفواكه، إضافة إلى العصائر والمشروبات وموادّ التجميل.

وفرضت الحكومة على استيراد هذه السلع وغيرها أعباءً جمركية تحت مسمى "الرسم الجمركي الوقائي المؤقت"، يراوح ما بين 30 إلى 200 في المائة، ما اضطر المستوردين وتجّار الجملة إلى رفع أسعار المنتجات لضمان هامش ربح جيد مع تطبيق الإجراءات الجديدة.

ويرى عبد الوهاب جعفر شريف، تاجر تجزئة، أن "حالة من الركود ضربت تجارته بـ 50 في المائة نتيجة ارتفاع الأسعار، مع عدم تمكن الناس من الشراء، بخاصة أن المكسرات والأجبان تعتبر من الكماليات"، على حد قوله. وأبدت الجمعية الجزائرية للتجّار والحرفيين تحفظاً على الرسوم المرتفعة والعالية التي مسّت الموادّ المستوردة، وترى أن هذه الرسوم فتحت المجال للاحتكار وأدت إلى ارتفاع الأسعار، ما أثر سلباً بالقدرة الشرائية، وخاصّة إذا لم تستطع المؤسسات الجزائرية والمنتجون المحليون رفع التحدي بزيادة الإنتاج كمّاً ونوعاً. إلى ذلك، يرى رئيس الجمعية طاهر بولنوار أن "الحكومة مطالبة بمراجعة هذه الرسوم، التي جاءت مرتفعة على بعض الموادّ.

فمثلاً، الرسم الجمركي على سلعة اللوز واسعة الاستهلاك وصل إلى أربعين في المائة، يضاف إليه الرسم الجمركي الأصلي بخمسة وعشرين في المائة، أي سعر هذه المادّة ارتفع أكثر من 70 في المائة إذا احتسبنا هامش ربح المستورد، دون احتساب هوامش ربح التجار".

ويضيف بولنوار لـ"العربي الجديد" أن "السيناريو نفسه طبق على الكاكاو والشوكولاتة، التي تعدى رسمها الجمركي الإضافي 50 في المائة، أي إننا أمام عملية رفع للأسعار بطريقة مقنعة".

المساهمون