تسجل أسعار الأغذية عالمياً، أعلى مستوى لها منذ أزمة المحاصيل عام 2011، بسبب زيادة الطلب والندرة التي تسببها مشاكل النقل وسلاسل التوريد، وسط مخاوف من ارتفاع الضغوط المعيشية في الكثير من الدول، إذ تتلاشى التحفيزات الحكومية التي ظهرت مع تداعيات جائحة كورونا، وتبدأ مدخرات المستهلكين في النفاد.
ووفق بيانات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فإنّ ارتفاع أسعار الطعام يرجع إلى الطقس الجاف الذي يؤثر على منتجي الحبوب الكبار، ومن ذلك الجفاف في الولايات المتحدة، والحريق في روسيا الذي دمر محصول الحبوب.
ويلقي ارتفاع أسعار الغذاء بتداعيات على الكثير من الدول، لا سيما في الشرق الأوسط، حيث شكل الغلاء وتردي الظروف المعيشية المتردية، دافعاً لثورات الربيع العربي، وفق محللين جيوسياسيين.
حالياً، يقوم الانتعاش بعد الوباء على ما فعلته الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية، قبل عقد من الزمن بالأسعار، مما يدل على حجم المشكلة، وفق وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إذ يؤثر الطلب المكبوت بشكل كبير في تضخم أسعار الغذاء.
ومنذ نهاية عام 2019، ارتفع مؤشر الأمم المتحدة لأسعار المواد الغذائية بنحو الثلث، فيما يتوقع استمرار الأسعار في الصعود خلال العام الحالي.
وتعد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل السودان، واليمن، ولبنان، وتونس، ومصر، الأكثر تعرضاً لأسعار الغذاء المرتفعة، بسبب وارداتها من القمح والسكر، وفقاً لـ "بلومبيرغ إيكونوميكس".
وتشهد بعض تلك الدول اضطرابات سياسية، فضلاً عن حرب أهلية، وانهيار اقتصادي، كما يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تفاقم تلك الاضطرابات.
وفي وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الجاري، أشارت منظمة "الفاو" إلى أنّها لا ترى مجالاً للتفاؤل باستقرار سوق الغذاء في 2022. وارتفع متوسط مؤشر "الفاو" لأسعار الغذاء لعام 2021 بنسبة 28.1% عن العام السابق، ليصل إلى 125.7 نقطة.
وقال عبد الرضا عباسيان، كبير الخبراء الاقتصاديين في المنظمة، في بيان إنّه "برغم أنّه يُتوقع في العادة أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى زيادة الإنتاج، فإنّ ارتفاع كلفة المدخلات، واستمرار جائحة كورونا، وتقلّب الظروف المناخية أكثر من أي وقت مضى، كلّها مسائل لا تترك مجالاً للتفاؤل بشأن عودة الأسواق إلى حالة أكثر استقراراً حتى في عام 2022".