أسعار الأدوية تقفز في إدلب.. احتكار وترقّب لسير المعارك

28 أكتوبر 2024
في إحدى صيدليات العاصمة السورية دمشق، 17 سبتمبر 2013 (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت أسعار الأدوية في شمال غرب سورية ارتفاعاً بنسبة 5%، مع زيادة في أسعار حليب الأطفال واختفاء بعض الأنواع، نتيجة المخاوف من معركة محتملة في إدلب واتهامات بالتلاعب بالأسعار.
- يعاني المرضى من ارتفاع الأسعار، مما يضطرهم لشراء نصف الجرعة أو أدوية أقل فعالية، وسط انتقادات لوزارة الصحة لعدم مراقبة القطاع الدوائي وتوفير الأدوية بأسعار مناسبة.
- نفى مدير الرقابة الدوائية ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى جهود لضبطها وتوفير أصناف بديلة موثوقة، لضمان سلامة المرضى وتوفير الأدوية بأسعار مناسبة.

شهدت أسعار الأدوية بمختلف أنواعها ارتفاعاً واضحاً في شمال غرب سورية وسط زيادة الطلب عليها من قبل مرضى الأمراض المزمنة خوفاً من انقطاعها مع زيادة الحديث عن معركة محتملة في إدلب بين هيئة تحرير الشام وقوات النظام وما ينتج عنها من إغلاق المعابر والطرق.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفعت أسعار الأدوية مؤخراً بنسبة  5%، فيما شهدت أسعار حليب الأطفال زيادات ملموسة، إذ ارتفعت علبة الحليب بمقدار 15 ليرة تركية، مع اختفاء بعض الأنواع الشهيرة مثل "سيليا 1" و"سيليا 2" من الصيدليات، في خطوة يُعتقد أنها تهدف إلى رفع الأسعار مع زيادة الطلب، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر حليب "فيتالي" من 165 ليرة تركية إلى 185 ليرة تركية، بينما زادت أسعار بعض الأصناف الدوائية الأساسية مثل السيتامول من 10 ليرات إلى 15 ليرة تركية للظرف الواحد، كما شهدت أدوية أخرى مثل ريموكلاف وستيوكودئين انقطاعاً تاماً من الصيدليات، وسط معلومات عن عدم وصولها من مناطق سيطرة النظام. (الدولار= 34.29 ليرة).

وفي هذا السياق، تُوجه اتهامات إلى مديرية الصحة التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" بالتلاعب بالأسعار من خلال فرض ضرائب على الأدوية والمستوردين تصل إلى 5%، إضافة إلى التغاضي عن المخالفات في الصيدليات، ويُعزى ذلك إلى الفوضى التي تسمح للصيادلة بتحديد الأسعار بحسب الطلب والظروف.

وقالت فدوى الرماح التي تعاني أمراض السكري والضغط أن الأدوية سرعان ما ترتفع مع كل حديث عن حملة عسكرية أو معركة قادمة، وكأنها فرصة للصيادلة للتلاعب بالأسعار والاحتكار مستغلين حاجة المرضى إلى الأدوية وحرصهم على تأمينها متجاهلين أن قضية غلاء الأدوية ليست مجرد قضية اقتصادية، بل هي مسألة إنسانية تؤثر على حياة آلاف الناس. وأضافت لـ"العربي الجديد" أنها توجهت إلى شراء دواء ديتروسبام فلاحظت انقطاعه من مختلف الصيدليات أو ربما احتكاره، بينما راح الصيادلة ممن لديهم الدواء يبيعونه ب85 ليرة تركية لكل علبة دواء بدلاً من 20 ليرة تركية قبل مدة قصيرة.

وتتساءل عن الأسباب التي أدت إلى اختفاء أنواع الأدوية وغلائها في ليلة وضحاها من دون أي تحرك يذكر من المعنيين لضبط أسعار الدواء والعمل على توفيره في مختلف الصيدليات.

وفي إحدى صيدليات إدلب الصغيرة، فوجئ محمود الجانودي بارتفاع أسعار حليب الأطفال بنسبة 10% عن أسعاره السابقة، وبينما يفكر وهو في حيرة من أمره عن الأنواع التي سيشتريها بما يتناسب وقدراته المالية شاهد قصصاً "مؤلمة لمرضى يدخلون الصيدلية ويطلبون نصف الجرعة الموصوفة لهم أو حتى ربعها، أو يرغب بعضهم في شراء أدوية تكون غالباً أقل فعالية لانخفاض أسعارها مقارنة بغيرها وبعض الأمهات يضطررن إلى توفير ثمن الطعام لعوائلهن من أجل شراء دوائهن وفق ما روته إحداهن للصيدلانية".

ويضع الجانودي اللوم على وزارة الصحة وحكومة الإنقاذ في إدلب لعدم مراقبة هذا القطاع الهام والنظر في الحلول والخطط المساهمة في رفع معاناة المرضى وتوفير الأدوية مجاناً أو بأسعار رمزية تساعد هؤلاء على الحصول على العلاج وسط الفقر وقلة مصادر الدخل.

من جهة أخرى، نفى مدير مديرية الرقابة الدوائية الدكتور إبراهيم الحساني ارتفاع أسعار الأدوية المتداولة، وقال لـ"العربي الجديد" رغم ارتفاع أجور الشحن، لم تشهد أسعار الأدوية في الشمال المحرر زيادة ملحوظة، بل على العكس، تم اتخاذ خطوات جادة من قبل لجنة دراسة الأسعار بالرقابة الدوائية لضبط الأسعار وتخفيضها في عدة أصناف، خصوصاً الأدوية المستخدمة خلال فصل الشتاء". 

وأوضح أن إجراءاتهم شملت دراسة دقيقة لعدد كبير من الأدوية التي لم تكن مسعرة من قبل، وكانت تباع بأسعار متفاوتة بين الصيدليات، حيث تم توحيد الأسعار وضبطها بناءً على معايير محددة، ومن أجل ضمان استمرار هذه الضوابط تقوم فرق الشؤون الصيدلانية بجولات رقابية منتظمة لتتبع الأسعار والاستجابة للشكاوى المتعلقة بتفاوتها، ما يسهم في الحفاظ على استقرار السوق وضمان حقوق المستهلكين.

ولفت الحساني إلى أن هناك عدداً لا بأس به من الأدوية الرخيصة جداً ذات المنشأ الهندي والصيني والتي كانت تُباع في السابق، والتي أُوقِف تداولها بسبب ضعف فعاليتها وجودتها، وفي مقابل ذلك، تم توفير أصناف بديلة موثوقة وذات فعالية عالية، مما يضمن سلامة المرضى وتحقيق أفضل نتائج علاجية. وأكد أن كل هذه الإجراءات تأتي في إطار الحرص على مصلحة المواطنين وضمان توفر الأدوية بأسعار مناسبة وجودة عالية رغم التحديات التي تواجه قطاع الشحن وتوريد الأدوية.

المساهمون