تسارع التضخم في المناطق الحضرية في مصر إلى أسرع وتيرة له منذ أكثر من خمس سنوات، حيث أدى الانخفاض الحاد في قيمة العملة الشهر الماضي إلى المزيد من الضغوط على المستهلكين في أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان.
وقالت وكالة الإحصاء الحكومية، اليوم الخميس، إن المؤشر ارتفع بنسبة 25.8% على أساس سنوي في يناير/ كانون الثاني، مقابل 21.3% في الشهر السابق. وجاءت الزيادة مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 48%، وهو أكبر عنصر منفرد في سلة التضخم. وعلى أساس شهري، بلغ معدل التضخم 4.7%، وهو أسرع معدل منذ عام 2016، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ".
كان الارتفاع متوقعاً على نطاق واسع بعد انخفاض الجنيه بنسبة 18% تقريباً الشهر الماضي وحده. فقدت العملة ما يقرب من نصف قيمتها مقابل الدولار منذ مارس/ آذار 2022. كانت هذه أحدث علامة على تحول مصر تدريجياً إلى سعر صرف مرن، وهي خطوة ساعدت السلطات في الحصول على صفقة بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي لاقتصاد يعاني من ارتفاع فواتير واردات الغذاء والوقود الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقد تشجع أرقام اليوم الخميس البنك المركزي على استئناف دورة التشديد النقدي بعد تعليق مفاجئ لسعر الفائدة الأسبوع الماضي. وقال صانعو السياسة لوكالة "بلومبيرغ" إنهم يقيمون تأثير 800 نقطة أساس مجتمعة لزيادة أسعار الفائدة في عام 2022 على الاقتصاد.
وتقول الحكومة المصرية إن معالجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى هي أولويتها القصوى بالنسبة للبلد الذي تعيش فيه نسبة كبيرة حول خط الفقر أو تحته. ويستهدف البنك المركزي التضخم بمتوسط 7%، زائدا أو ناقصا نقطتين مئويتين بحلول الربع الرابع من عام 2024. ومن المقرر عقد اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم في 30 مارس.
ومن المرجح أن تتسارع الأسعار أكثر على المدى القصير، مدفوعة بالارتفاع المتوقع في أسعار الوقود وزيادة الطلب خلال شهر رمضان، الذي يبدأ في نهاية مارس ويتسم بالتجمعات العائلية والوجبات الكبيرة.
ودفع هبوط سعر صرف العملة المحلية إلى ارتفاع أسعار المستهلك بسبب زيادة كلفة الواردات المقومة بالنقد الأجنبي. وسجل الدولار ارتفاعاً جديداً في بداية تعاملات البنوك المصرية اليوم الخميس، ليصل سعر الصرف الرسمي إلى 30.47 جنيهاً للبيع، مقارنة بـ15.74 جنيهاً في 20 مارس/آذار 2022.
وتعهدت مصر لصندوق النقد الدولي بمرونة سعر العملة، أي تركه للعرض والطلب، وعدم التدخل في أسواق العملة الأجنبية لتحقيق الاستقرار أو لضمان سعر للصرف، إلا في حالات التقلب الشديد، ضمن اتفاق الحصول على حزمة مساعدات مالية جديدة من الصندوق حجمها ثلاثة مليارات دولار على مدى 46 شهراً.
وأدى الارتفاع الأخير إلى تحول عوائد أذون وسندات الخزانة المصرية إلى مستوى سلبي عند تعديلها حسب التضخم. أدى ذلك إلى الحد من انجذاب المستثمرين الأجانب للأوراق المالية المحلية في وقت تسعى مصر إلى تدفق العملات الأجنبية.