عاش الروبل الروسي أسبوعاً عصيباً، وسط استقرار سعر صرف الدولار عند مستوى يفوق الـ90 روبل وقفز اليورو إلى مستوى 100 روبل لأول مرة منذ نهاية مارس/آذار 2022، على إثر اجتماع مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية تشكل ضغطا على العملة الروسية في الأسابيع الأخيرة.
ويأتي في مقدمة هذه العوامل تراجع عوائد تصدير النفط والغاز وإقبال المواطنين على شراء العملة بعد محاولة تمرد مؤسس شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة، يفغيني بريغوجين، وفق ما توضحه كبيرة المحللين بشركة "فريدوم فاينانس غلوبال" للتداول، ناتاليا ميلتشاكوفا، معتبرة في الوقت نفسه أن الاقتصاد الروسي تمكّن من التكيف مع العقوبات الغربية.
وتقول ميلتشاكوفا، في حديث مع "العربي الجديد": "هناك عوامل عدة ستحدد أداء الروبل هذا الصيف، وفي مقدمتها عوائد النفط والغاز التي تراجعت في النصف الأول من العام بصورة حادة على إثر انخفاض متوسط أسعار النفط بنسبة 20 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وكذلك تحوّل وجهة تصدير النفط الروسي من الغرب إلى الشرق والجنوب".
ورغم أن روسيا تمكنت من تعويض خسارة السوق الأوروبية بتوجيه كميات غير مسبوقة من النفط إلى المشترين الرئيسيين في آسيا المتمثلين بالصين والهند، إلا أنها لم تعوضها من حيث القيمة المالية للصادرات، ناهيك عن تراكم عوائد مدرجة بالروبية الهندية لا تدعم الروبل، حيث لا تستخدمها السلطات المالية الروسية كعملة احتياط للتدخل في بورصة موسكو مقابل اعتمادها على اليوان الصيني في ذلك.
وتلفت ميلتشاكوفا إلى أن هناك عوامل أخرى ساهمت في تراجع الروبل، مثل تزايد إقبال الروس على شراء العملة الأجنبية بعد الأحداث السياسية الداخلية الأخيرة في نهاية يونيو/حزيران الماضي، في إشارة إلى تمرد "فاغنر".
ومع ذلك، تستبعد احتمال انهيار جديد للروبل على غرار ما تعرضت له العملة الروسية في مارس 2022، مضيفة: "تكيف الاقتصاد الروسي بدرجة كبيرة مع العقوبات وانسحاب العلامات التجارية الأجنبية. لكننا لا نتوقع كذلك تعافياً هاماً للروبل على غرار ما حدث في صيف العام الماضي، حيث إن تدني عوائد النفط والغاز لا يساهم في ذلك".
وفي الأيام الأولى بعد اندلاع النزاع المفتوح بين روسيا أوكرانيا في نهاية فبراير 2022، قفز سعر صرف الدولار في بورصة موسكو إلى أكثر من 100 روبل، ولكن بعد مرور أسابيع معدودة، بدأ الروبل في استعادة مواقعه، بل عززها لأشهر طويلة إلى مستويات أعلى حتى مما كان عليها بدء الحرب وحتى أقل من 55 روبلا في بعض الأيام من صيف العام الماضي، وذلك لأول مرة منذ منتصف عام 2015.
إلا أن الموجة الحالية من تهاوي الروبل لم تشكل مفاجأة للخبراء الماليين الروس، إذ أشار المدير الاستثماري لشركة لوكو إنفيست لإدارة الأصول، دميتري بوليفوي، إلى أن التذبذب المتوقع لسعر صرف الدولار حتى نهاية العام يبلغ ما بين 85 و95 روبل، دون أن يستبعد أن يعود الدولار لفترات قصيرة إلى مستويات نحو 80 روبل في فترات تراجع الطلب.