ضربت أزمة المحروقات الحادة التي يرزح تحتها النظام السوري، قطاع الأفران والمخابز في العاصمة دمشق، وهو ما يعمّق معاناة الملايين من السوريين الخاضعين لسيطرة النظام السوري الذي تشير المعطيات إلى أن اقتصاده يتآكل نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليه.
وذكرت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، الاثنين، أن "أزمة المحروقات قد أصابت عدداً من الأفران ومخابز الحلويات"، في دمشق وريفها، مشيرة إلى أن عددا منها أغلق بسبب عدم القدرة على الاستمرار.
ونقلت عن الرئيس الأسبق للجمعية الحرفية لصناعة الحلويات محمد بسام قلعجي، قوله "إن كل أصحاب الأفران الخاصة والورش يمرون بضائقة كبيرة، لأن شركة محروقات كانت توزع عليهم في السابق كميات تكفيهم للعمل لمدة 5 ساعات فقط باليوم، ثم اكتفت الشركة بتوزيع ما يسمح لهم بالعمل لمدة ساعتين فقط".
الرئيس الأسبق للجمعية الحرفية لصناعة الحلويات محمد بسام قلعجي: كل أصحاب الأفران الخاصة والورش يمرون بضائقة كبيرة
وبيّن نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها ماهر الأزعط للصحيفة المذكورة أن أجور نقل البضائع ضمن محافظة دمشق ارتفعت خلال الأيام القليلة الماضية بنسبة تراوح بين 30 و40 بالمئة في ظل الشح الواضح بتوفر مادة المازوت.
أزمة نقل
وطفت منذ مطلع الشهر الجاري أزمة كبيرة شلّت الحياة العامة في المدن الكبرى الواقعة تحت سيطرة النظام بسبب شح المحروقات، وهو ما انعكس سلباً على كل القطاعات في هذه المدن التي "باتت شبه خالية من السيارات والمارة"، وفق مصادر محلية في العاصمة دمشق وفي حلب كبرى مدن الشمال السوري.
وأوضحت المصادر في حديث مع "العربي الجديد" أن سعر ليتر المازوت غير المدعوم (الحر) وصل إلى نحو 15 ألف ليرة (ما يعادل 3 دولارات تقريبا)، مشيرة إلى أن سعر ليتر البنزين غير المدعوم يراوح بين 16 و20 ألف ليرة سورية (أكثر من 3 دولارات).
وتخطى الدولار الواحد الاثنين للمرة الأولى حاجز ستة آلاف ليرة سورية، في ظل عجز واضح من حكومة النظام عن الحد من تدهور الليرة السورية. وتراكمت العديد من العوامل التي تدفع اقتصاد النظام السوري إلى حافة الانهيار لعل أبرزها العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ أكثر من عشر سنوات، إضافة إلى تبعات الحرب التي يشنها النظام منذ 11 عاماً على المناطق الخارجة عن سيطرته.
كما لعب خروج منطقة شرقي نهر الفرات وهي الغنية بالثروات وخاصة النفطية عن سيطرة النظام منذ عام 2013 الدور الأكبر في تآكل اقتصاده الذي يعتمد على استيراد كل شيء تقريبا. وكانت منطقة شرقي الفرات تنتج أكثر من مليون طن من القمح، فضلاً عن عشرات آلاف براميل النفط يومياً وهو ما خسره النظام على مدى سنوات.
تحول اقتصادي
ورأى الباحث الاقتصادي يونس كريّم في حديث مع "العربي الجديد" أن "هناك مؤشرات على عملية تحول في اقتصاد النظام"، مضيفاً: في الاقتصاد لا يوجد شيء اسمه انهيار اقتصاد دولة، وإنما عملية تحوّل سواء كان سلبياً أو إيجابياً وهو ما يحدث الآن في المؤسسات التي يديرها النظام السوري.
وتابع: "اليوم النظام يتخلى عن دور الدولة الراعية للمواطنين والتي تقدم لهم خدمات وتتحمل جانبا من الأعباء، نحو نظام يدعم رجال الأعمال والشركات الخاصة ويقدم لهم الاستثناءات على حساب المواطنين".
وأشار إلى أن "الدولة السورية حالياً عاجزة عن تقديم أي خدمات أو سلع أساسية وقطاع الصحة"، مضيفاً: "هذه الخدمات كلها موجودة لدى القطاع الخاص، وهو ما يعطينا تصورا لشكل النظام الاقتصادي الذي يُنتج الآن في سورية".
وأوضح أن هناك طبقة في سورية "لديها الكتلة النقدية الأكبر في البلاد، تديرها زوجة رأس النظام أسماء الاخرس من خلال رجال أعمال"، مضيفاً: "هناك نواة اقتصادية أخرى تديرها الفرقة الرابعة في قوات النظام التي يقودها ماهر الأسد وهو شقيق رأس النظام بشار الأسد، تقوم على تجارة المخدرات والترفيق وتجارة الأسلحة والآثار".
وبيّن أن في سورية اليوم أيضاً "طبقة أمراء الحرب، ورجال الأعمال المحسوبين على روسيا وإيران"، مضيفاً: "ربما يحدث تصادم بين كل هذه القوى المتحكمة بالاقتصاد وهو ما يعمق مأساة المواطنين أكثر".