أكد فلاحون وخبراء اقتصاد أن الحكومة المصرية لن تستطيع تأمين الكميات المستهدفة من القمح المحلي هذا العام (أربعة ملايين طن)، موضحين أن إنتاجية الفدان انخفضت بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، نتيجة للعوامل الجوية ونقص الأسمدة. وتعد مصر أكبر مستورد عالمي للقمح، وتستهلك نحو 15 مليون طن سنوياً يتم استيراد 10 ملايين طن منها.
وقال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، خالد حنفي، في تصريحات صحافية، إن كميات القمح التي تم استلامها من المزارعين والتجار منذ فتح باب التوريد (بيع القمح الى الحكومة) منتصف الشهر الماضي وحتى الآن وصلت الى حوالي 2 مليون طن قمح، مؤكداً أن سعر توريد القمح لم يتغير وهو 420 جنيهاً للأردب (الأردب= 150 كيلوغراماً)، وأنه يستهدف استلام 4 ملايين طن بزيادة قدرها 400 ألف طن عن العام السابق، وذلك في نهاية موسم التوريد منتصف شهر يوليو/تموز المقبل.
لا أموال مقابل القمح
واشتكى فلاحون من عدم توافر الأموال لدى الجهات المنوط بها استلام القمح وهي فروع بنك التنمية الزراعي والشركة القابضة للصوامع والمطاحن الحكومية، إضافة الى صعوبة التوريد والانتظار في طوابير طويلة.
وقال كمال أبو سنة، المزارع في محافظة المنيا (جنوب القاهرة)، لـ "العربي الجديد"، إن معظم الفلاحين باعوا محصول القمح للتجار في الحقول بأسعار تراوح بين 405 و407 جنيهات للأردب نقداً، بدلاً من الانتظار امام بنك التنمية للتسليم، ثم الانتظار لمدة 12 أو 15 يوماً لاستلام ثمن التوريد الذي يوازي 420 جنيهاً للأردب.
وأضاف أن إنتاجية المحصول هذا العام منخفضة بقيمة تراوح بين 5 و 8 أرادب للفدان (الفدان = 4200 متر مربع) نتيجة للعوامل الجوية التي أثرت على المحصول وعدم توفير أسمدة كافية. وأوضح أن الفدان في العام الماضي كان ينتج 23 أردباً ووصل في بعض الحقول إلى 28 أردباً، وانخفض الموسم الحالي إلى 17 و 20 أردباً.
استبدال الحكومة بالتجار
بدوره، قال المزارع موسى إبراهيم من محافظة الشرقية لـ "العربي الجديد" إن إنتاجية الفدان انخفضت، والفلاحون لم يوردوا القمح للحكومة لعدم توافر أموال لديها، ومعظم الفلاحين باعوا القمح للتجار. ولفت إلى أن "التجار أموالهم جاهزة ويستلمون المحصول من الحقل... والفلاح لديه التزامات أخرى وفي حاجة سريعة للأموال لسداد ديونه وإعادة تجهيز الأرض للمحصول الجديد". ولفت النظر إلى أن معظم الفلاحين باعوا ما لديهم من القمح والمتبقي لا يتعدى نسبة 10 أو 15% من الانتاج على الأكثر.
وقال أحد كبار مزارعي القمح في الشرقية خالد البيومي لـ "العربي الجديد" إن إنتاجية المحصول انخفضت بنسبة راوحت بين 15 و 20% مقارنة بالعام السابق، وإن اكثر من 85% من المحصول تم حصاده والمتبقي لا يتعدى الـ 15%.
وتوقع نائب رئيس غرفة الحبوب في اتحاد الصناعات، عبد الغفار السلاموني، أن يقل المستهدف توريده للحكومة هذا العام بنسبة 10% على الأقل. وأضاف لـ "العربي الجديد": "لا يمكننا الحديث عن حجم الكميات إلا في نهاية فترة التوريد منتصف يوليو/تموز المقبل".
مخالفة قانونية
وقال الخبير الاقتصادي، مستشار وزير التموين الأسبق، نادر نور الدين، إن توريد القمح سيقل هذا العام نظراً لانخفاض إنتاجية الفدان، وإن وزير التموين ما زال يستورد قمحاً رغم أن هذا الوقت مخصص لاستلام القمح المحلي، بمخالفة للقانون الذي يحظر استيراد القمح من الخارج في وقت استلام المحصول المحلي.
وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن وزير التموين يريد أن يثبت لحكومته أنه جمع كميات كبيرة من القمح، في الوقت الذي يستغل فيه التجار والمستوردون هذا التساهل، ويقومون بتوريد قمح مستورد بعد خلطه بقمح محلي للاستفادة من فارق السعر الذي يصل لنحو 400 جنيه في الطن.
وحذر نور الدين، من زيادة نسبة الفاقد من محصول القمح بسبب عدم تأهيل "الشون" الترابية (مراكز التخزين) للتخزين وتعرضها للرطوبة والهواء والحشرات الضارة التى تتسبب فى القضاء على المحصول وتؤدي لزيادة نسبة الفاقد إلى أكثر من 15%.
وأوضح أن عدد "شون" بنك التنمية والائتمان الزراعي يصل إلى نحو 362 شونة تمثل الترابية منها، 298 شونة، و20 شونة أسمنتية، و15 شونة أسفلتية و29 شونة ترابية أسمنتية، منتشرة على مستوى الجمهورية، وهي ذات سعة تخزينية تستوعب فى الوقت الحالي ما يقرب من 2 مليون طن قمح.
وفي المقابل أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود دياب، أن معدلات توريد القمح تسير بشكل جيد، وأن ما تم توريده حتى الآن يزيد عن نفس الفترة من العام الماضي بقيمة ٤٠٠ ألف طن.
وأضاف دياب لـ "العربي الجديد" أن مشكلة نقص الأموال ليست من تخصص وزارة التموين وإنما سببها تأخر من وزارة المالية، غير أنه أكد في الوقت نفسه أن جميع الموردين سواء كانوا مزارعين أو تجار يحصلون على مستحقاتهم خلال 5 أيام كحد أقصى.
وأضاف نحن في منتصف موسم التوريد وما زال الباب مفتوحاً، وبالتالي لا يمكن الحديث نهائياً عن انخفاض معدل التوريد أو الحكم مسبقاً بعدم القدرة على الكميات المستهدف توريدها.