أزمة ديون في أميركا: تجدد المخاوف من التخلف عن السداد

02 اغسطس 2021
مبنى الكابيتول في واشنطن (واين ماكنامي/ Getty)
+ الخط -

أصبح سقف الديون الأميركية ساري المفعول رسمياً، يوم الأحد، بعد تعليق لمدة عامين، حيث لم يحدد المشرعون في واشنطن بعد كيف سيتجنبون التخلف عن السداد المحتمل في وقت لاحق من هذا العام.

ويسمح مشروع قانون الميزانية في الولايات المتحدة، والذي دخل حيز التنفيذ في 2019، لوزارة الخزانة بإصدار ديون جديدة حتى 31 يوليو/تموز 2021. إلا أنه لم يتم الاتفاق على رفع حد سقف الديون بعد، وسط معاندة كانت متوقعة من الجمهوريين.

وسيدخل الكونغرس من 9 أغسطس/آب إلى 10 سبتمبر/أيلول عطلة صيفية، وبالتالي فإن الوقت المتبقي لحكومة الولايات المتحدة للتحايل على التخلف عن سداد ديونها محدود للغاية.

وحدّ الدين، هو المبلغ الإجمالي الذي يسمح للحكومة الفيدرالية باقتراضه، تم تحديده عند 22 تريليون دولار في عام 2019، فيما ارتفع الدين إلى 28.5 تريليون دولار في نهاية يونيو/حزيران.

المبلغ الإجمالي الذي يسمح للحكومة الفيدرالية باقتراضه، تم تحديده عند 22 تريليون دولار في عام 2019، فيما ارتفع الدين إلى 28.5 تريليون دولار في نهاية يونيو/حزيران

وقال ديفيد ويلكوكس، المحلل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، لـ "بلومبيرغ"، إن مطلع أغسطس "هو اليوم الذي تبدأ فيه دقات الساعة. إنه اليوم الذي يبدأ حقاً في جذب انتباه المشرعين لإعلامهم بأنهم بحاجة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وكانت وزيرة الخزانة، جانيت يلين، حثت الكونغرس على تعليق أو رفع الحد الأقصى للدين في أقرب وقت ممكن. وقالت للمشرعين، في 23 حزيران/يونيو: "الفشل في زيادة حد الدين ستكون له عواقب اقتصادية وخيمة للغاية، وقد يؤدي إلى أزمة مالية".

واعتبر مكتب الميزانية في الكونغرس، الأربعاء الماضي، أن الحكومة الفيدرالية ستنفد على الأرجح من النقد لدفع فواتيرها في أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني، ما لم يزد الكونغرس أو يعلق حد الاقتراض الفيدرالي.

وقالت وزارة الخزانة، وفق وول ستريت جورنال، إنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق، ستتخذ إجراءات استثنائية لمواصلة سداد فواتير الحكومة بالكامل وفي الوقت المحدد، كما فعلت في الماضي. هذه الإجراءات، مثل استرداد بعض الاستثمارات في برامج المعاشات التقاعدية الفيدرالية وتعليق الاستثمارات الجديدة في تلك البرامج، كانت قد حررت في السابق ما يكفي من النقود لتستمر عدة أشهر.

لكن مسؤولي وزارة الخزانة حذروا الكونغرس من أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تُستنفد بسرعة أكبر، وقد تتوقف القدرة عن دفع فواتير الحكومة في وقت مبكر من أغسطس، بسبب الوباء الذي زاد من عدم اليقين بشأن حجم وتوقيت الإنفاق الحكومي. وبدأت وزارة الخزانة بالفعل في اتخاذ تدابير خاصة يوم الجمعة لدعم السيولة.

أكد أحد كبار الجمهوريين في مجلس الشيوخ، جون ثون، لـ "وول ستريت جورنال"، أن "الحزب الجمهوري قد يصطف ضد أي جهد لرفع حد الاقتراض الحكومي هذا العام

في ظهر ذلك اليوم، توقف المسؤولون عن بيع الأوراق المالية للدولة والحكومات المحلية، والتي تساعد السلطات المحلية على استثمار عائدات السندات. قال رئيس لجنة الميزانية في مجلس النواب جون يارموث، والسناتور ديك دوربين الزعيم الديمقراطي رقم 2 في الغرفة العليا الأميركية، إنه لا توجد خطة ملموسة للتعامل مع سقف الديون من خلال تسوية الميزانية.

ويمكن تجاوز الجمهوريين، لكنه يترك حزب الرئيس جو بايدن يواجه وحده خطوة يحتمل ألا تحظى بشعبية. وتشمل البدائل الأخرى المفاوضات مع الجمهوريين لزيادة السقف مقابل مشاريع قوانين أخرى يحتاجون إلى تمريرها، وفق بلومبيرغ.

وفي السياق ذاته، أكد أحد كبار الجمهوريين في مجلس الشيوخ، جون ثون، لـ "وول ستريت جورنال"، أن "الحزب الجمهوري قد يصطف ضد أي جهد لرفع حد الاقتراض الحكومي هذا العام"، مما يزيد من عدم اليقين المحيط بكيفية معالجة الكونغرس للقضية.

وأضاف: "لا أعتقد أن هناك سيناتوراً جمهورياً واحداً يريد زيادة حد الدين العام حتى يتمكن الديمقراطيون من إنفاق مبالغ ضخمة من دون معرفة مصير الديون".

وقال شاي أكاباس، مدير السياسة الاقتصادية في مركز السياسات الأميركية، لـ "بلومبيرغ": "في حين أن هذه الممارسة، في ما يتعلق بتأخير رفع سقف الديون، أصبحت روتينية ومتوقعة، فإن هذا لا يعني أنها بدون تكلفة أو بدون عواقب. يعد التخلف عن السداد احتمالا صعبا، لكن السيناريوهات لا يمكن التنبؤ بها، لأنها عرضة للرياح السياسية السائدة اليوم".

وشرحت المحللة الاقتصادية كاثرين رامبل، في مقالة نشرتها "واشنطن بوست"، أن رفع سقف الديون كان يعتبر إجراءً ضرورياً وروتينياً للكونغرس، وهو يحافظ على عمل الحكومة وتهدئة الأسواق المالية.

ولفتت إلى أن زيادة سقف الديون لا تسمح بإنفاق جديد، إنها فقط ترفع الحد الأقصى لمقدار ما يمكن للحكومة أن تقترضه لسداد الفواتير التي التزمت بها بالفعل، وإذا لم تستطع الخزانة الاقتراض يحدث الكثير من الأشياء السيئة.

أدت مواجهة حدود الديون لعام 2011 إلى قيام وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني لأميركا لأول مرة

ومن بين الأشياء السيئة الأكثر إلحاحاً: "سيواجه العم سام مشكلة في دفع رواتب العسكريين والمدنيين، ومزايا الضمان الاجتماعي، وفواتير المقاولين الحكوميين، والسداد للدائنين المحليين والدوليين، وتقريباً كل فاتورة أخرى تراكمت بالفعل. والتخلف عن سداد سندات الدين، ولو لفترة وجيزة، سيجعل اقتراض الحكومة أكثر تكلفة في المستقبل، مع مطالبة الدائنين بمعدلات فائدة أعلى" على حد تعبير رامبل.

وحذرت من أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يؤدي إلى أزمة مالية عالمية. ذلك لأن الأسواق المالية تتعامل حالياً مع ديون الولايات المتحدة على أنها الأصول الأكثر أماناً.

وأدت مواجهة حدود الديون لعام 2011 إلى قيام وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد أند بورز بتخفيض التصنيف الائتماني لأميركا لأول مرة، وقالت الوكالة إن الحوكمة المالية الأميركية "أقل استقراراً وأقل فاعلية وأقل قابلية للتنبؤ". 

المساهمون