أزمة بنوك جديدة تلوح في الأفق الأميركي

أزمة بنوك جديدة تلوح في الأفق الأميركي

07 فبراير 2024
أحد فروع بنك "نيويورك كوميونيتي" (رويترز)
+ الخط -

حاول البنك الإقليمي المتعثر "نيويورك كوميونيتي بنكورب New York Community Bancorp" طمأنة المستثمرين يوم الأربعاء بأن لديه ما يكفي من النقود للاستمرار في تقديم خدماته للعملاء، معلناً عن زيادة ودائع العملاء وقرب استقرار الأوضاع، إلا أن المستثمرين أبقوا على مخاوفهم، بينما كانت الأسواق تتحدث عن أزمة جديدة، بدأت تلوح أعراضها في الأفق خلال الأيام القليلة الماضية.

وخسر سهم البنك الإقليمي نحو 60% من قيمته خلال الأيام الثمانية الماضية، وخفضت وكالة موديز لخدمات المستثمرين التصنيف الائتماني للبنك إلى "غير مرغوب فيه".

وقال أليساندرو دينيلو، الرئيس التنفيذي الجديد للبنك، في اتصال مع المستثمرين صباح الأربعاء: "التحدي اليوم ليس سهلاً. لكن هذا البنك لديه أساس قوي وسيولة قوية وقاعدة ودائع قوية، مما يمنحني الثقة في طريقنا إلى الأمام”.

وقال دينيلو إن البنك لم يشهد "أي تدفق للودائع إلى الخارج" من فروع التجزئة في الأسابيع الأخيرة.

وأعلن البنك في وقت سابق من يوم الأربعاء أنه عين دينيلو، الرئيس السابق لبنك "فلاجستار"، في منصب الرئيس التنفيذي  لبنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب"، على أن يبدأ ممارسة مهام عمله "فوراً". وكان بنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب" قد اشترى بنك "فلاجستار" في ديسمبر/كانون الأول 2022.

وقال البنك الذي يقع مقره في هيكسفيل، والذي استحوذ على بنك "سيغنيتشر بنك Signature Bank" المنهار في مارس/آذار الماضي، إن لديه خططاً لتعيين رئيس جديد للمخاطر ورئيس تنفيذي جديد للتدقيق، ليحلا محل المسؤولَين السابقين، اللذين تركا البنك مع انخفاض أسهمه.

وقال دينيلو في المكالمة: "ارتفعت الودائع لدى البنك بصورة إجمالية منذ نهاية عام 2023، حيث كان أداء جميع القطاعات قويًا، بما في ذلك فرق الخدمات المصرفية الخاصة والرهن العقاري". وأضاف "نحن بالفعل في وضع سيولة قوي... ونحن ملتزمون ببناء السيولة بشكل أكبر".

ومع ذلك، لم يقتنع المستثمرون. وانخفض سعر السهم بنسبة 12% إضافية صباح الأربعاء.

وقال البنك في بيان مساء الثلاثاء إن البنك يحتفظ بإجمالي ودائع تبلغ نحو 83 مليار دولار، منها ما يقرب من 22.9 مليار دولار فقط غير مؤمن عليها. وأشار إلى أن إجمالي السيولة المتاحة للبنك، والبالغة 37.3 مليار دولار، يتجاوز الودائع غير المؤمن عليها بنسبة تغطية تبلغ 163%.

وكتب توماس كانجيمي، رئيس مجلس إدارة البنك، في البيان: "على الرغم من تخفيض تصنيف وكالة موديز، فإن تصنيفات الودائع لدينا من موديز وفيتش وDBRS تظل درجة استثمارية، ومن غير المتوقع أن يكون لتخفيض وكالة موديز تأثير مادي على ترتيباتنا التعاقدية".

أيضاً قام بنك "جيه بي مورغان"، أكبر البنوك الأميركية، بتخفيض تصنيف أسهم البنك يوم الأربعاء من "الوزن الزائد" إلى "المحايد"، مشيرًا إلى الرياح المعاكسة لقدرة بنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب" على جمع الديون طويلة الأجل. وكتبوا: "يبدو أن تركيز البنك سيظل على الأرجح على الداخل، على الأقل على المدى المتوسط". "ونتيجة لذلك، نصح البنك المستثمرين "في الوقت الحالي بتجنب الاستثمار في البنك".

وقال دينيلو يوم الأربعاء إن البنك الذي تبلغ قيمته السوقية 116 مليار دولار سيعمل على تقليل تركيز استثماراته في سوق العقارات التجارية.

وانخفضت تقييمات العقارات المكتبية وعقارات التجزئة منذ أن غيّر الوباء مكان عيش الناس وعملهم وكيفية تسوقهم، كما أضرت سياسات بنك الاحتياط الفيدرالي المتشددة، لمكافحة التضخم الأعلى في أكثر من أربعة عقود، بالصناعة المعتمدة على الائتمان، الأمر الذي مثل خطراً كبيراً للبنوك الإقليمية المقرضة للشركات العقارية.

وتمتلك البنوك الأميركية حوالي 2.7 تريليون دولار من القروض العقارية التجارية، يقول خبراء بنك غولدمان ساكس إن نحو 80% منها تحتفظ به بنوك إقليمية صغيرة، من النوعية التي لا يتم تصنيفها على أنها "أكبر من أن يُسمَح لها بالإفلاس".

وتفاقمت المخاوف الأسبوع الماضي عندما أعلن بنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب" عن خسارة مفاجئة قدرها 252 مليون دولار في الربع الأخير مقارنة بربح 172 مليون دولار في الربع الرابع من عام 2022. كما أعلن البنك عن خسائر قروض بقيمة 552 مليون دولار، وهي زيادة كبيرة من 62 مليون دولار تم تسجيلها في الربع السابق. وأكد البنك أن "الزيادة ترجع جزئيا إلى الخسائر المتوقعة في القروض العقارية التجارية".

وأدى الانخفاض المفاجئ في أسعار الأسهم، وتخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني، إلى مخاوف بشأن البنوك التي يغلب على ودائعها الخروج من مظلة التأمين الفيدرالية، كونها تتجاوز من 250 ألف دولار.

ومثلت هذه النوعية حوالي 40% من إجمالي ودائع بنك "نيويورك كوميونيتي بنكورب" اعتبارًا من الربع الثالث من العام الماضي، وفقًا لتقرير أرباح البنك، وهي النسبة التي تعد أقل كثيراً من مثيلتها في بنكي "سيغنيتشر" و"سيليكون فالي"، قبل وقت قصير من زوالهما.

ولم يكن منظمو الأسواق بعيدين عن المشهد، حيث قال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، يوم الأربعاء إن البنك الفيدرالي "يولي اهتمامًا وثيقًا للغاية" للضغوط التي تواجه بنك "نيويورك كوميونيتي بانكورب".

وأضاف أن معظم البنوك التي تتعرض للضغوط في الآونة الأخيرة لا تواجه مشاكل شاملة مع القروض العقارية التجارية، بل يتركز الأمر في قطاع المكاتب.

وأضاف في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الاقتصادية صباح الأربعاء "نعتقد أن الأمر سيكون على أساس كل بنك على حدة. نحن نرى تصاعد الضغوط، والمشرفون على البنوك لدينا على اتصال وثيق مع المشرفين الآخرين في جميع أنحاء البلاد، وبالطبع، مع إدارة البنك، لمراقبة محافظهم الاستثمارية".

وقال أيضًا إنه ليس قلقًا حاليًا بشأن تأثيرات العدوى، حيث يبدو أن الضغوط تتعلق بـ"الانكشافات الفردية".

لكن وزيرة الخزانة جانيت يلين قالت للمشرعين يوم الثلاثاء: "لدي قلق بشأن العقارات التجارية".

وجاءت تعليقاتها خلال شهادتها أمام جلسة استماع لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، حيث أشارت إلى أن بعض المدن تضررت من زيادة مباني المكاتب الفارغة.

وقالت يلين إن "منظمي البنوك يركزون بشدة على هذه المشكلة، بما في ذلك من خلال العمل مع البنوك لإدارة المخاطر، وتكوين احتياطيات لتغطية الخسائر، وتعديل سياسات توزيع الأرباح، والحفاظ على السيولة".

وأضافت: "أعتقد أن الأمر يمكن التحكم فيه، على الرغم من أنه قد تكون هناك بعض المؤسسات التي تعاني من ضغوط شديدة بسبب هذه المشكلة".

المساهمون