أزمة "المركزي الليبي" تربك أسواق تونس

25 اغسطس 2024
ليبيون يجرون معاملات في أحد بنوك العاصمة طرابلس (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير أزمة مصرف ليبيا المركزي على الأعمال التونسية**: تعاني تونس من تداعيات أزمة مصرف ليبيا المركزي، مما يهدد بتعطيل المبادلات التجارية بين البلدين بسبب توقف الاعتمادات المستندية.

- **تحسن انسيابية السلع والأفراد بين تونس وليبيا**: شهدت العلاقات الاقتصادية تحسناً بعد إعادة فتح معبر رأس الجدير الحدودي، مما يعزز حركة السلع والأفراد ويؤكد على ضرورة إزالة العراقيل المتعلقة بحركة الأموال.

- **التحديات والآفاق المستقبلية للتبادل التجاري**: تواجه المعاملات التجارية تحديات بسبب تراجع قيمة الدينار الليبي، لكن هناك تطلع لزيادة المبادلات التجارية إلى ملياري دولار سنوياً من خلال تكثيف التعاون وإزالة القيود.

تطاول شظايا أزمة مصرف ليبيا المركزي قطاع الأعمال في تونس وسط قلق من تعثر جديد للمبادلات التجارية بين البلدين، نتيجة ارتباك عمل المصارف التونسية الليبية المشتركة التي تسيّر القسط الأكبر من العمليات الاقتصادية في الاتجاهين.

ويخيم الانقسام بين الأطراف السياسية في ليبيا على تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي برئاسة محمد عبد السلام الشكري، إذ رفض مجلسا النواب والأعلى للدولة الليبيان، قرار المجلس الرئاسي تكليف الشكري إدارة المصرف، وتطور الأمر أخيراً إلى تحشيدات عسكرية في طرابلس بين أطراف تسعى لتمكين الشكري من منصبه، وبين مجموعات أخرى تعارض ذلك وتناصر بقاء المحافظ الحالي الصديق الكبير، وسط مخاوف من توقف أنشطة المصرف الذي يشهد أيضاً انقساماً بين موظفيه.

وتلقى أزمة "المركزي الليبي" ردود فعل لدى قطاع الأعمال التونسي نظراً إلى أهمية السوق الليبية عند طيف واسع من المصنعين والمصدرين في تونس. ولا يخفي رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي عبد الحفيظ السكروفي، قلقه من استمرار الأزمة وتأثيراتها على المبادلات الاقتصادية بين البلدين، مؤكداً في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" أن الاعتمادات المستندية المفتوحة لدى البنوك لتسيير صفقات تجارية متوقفة منذ بداية أزمة مصرف ليبيا المركزي.

والاعتماد المستندي هو إجراء أساسي لتنفيذ عمليات التجارة الدولية، وهو بمثابة رسالة تعهّد صادرة عن البنك فاتح الاعتماد بناء على طلب أحد زبائنه المستوردين يتعهد فيه البنك بدفع مبلغ أو قبول سحوبات لصالح المستفيد. ويسيّر الليبيون عملياتهم التجارية في الغالب عبر البنوك ذات رأس المال المشترك التونسي الليبي أو البنوك غير المقيمة، ومنها مصرف شمال أفريقيا الدولي، والبنك التونسي الليبي.

وقال السكروفي إن "تأخر صرف الموازنة الليبية وتتالي الأزمات يمكن أن يعرقل أهداف زيادة المعاملات الاقتصادية بين البلدين وبلوغ هدف الملياري دولار من المبادلات التجارية سنوياً، الذي يسعى قطاع الأعمال إلى تحقيقه على المدى القريب".

ويؤكد رئيس مجلس الأعمال التونسي الليبي، أن انسيابية السلع والأفراد بين تونس وليبيا تحسنت في الفترة الأخيرة بعد إعادة فتح معبر رأس الجدير الحدودي وتهيئته بعد فترة إغلاق استمرت أكثر من ثلاثة أشهر. وقال إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تقتضي إزالة كلّ العراقيل بما في ذلك المتعلقة بحركة الأموال بين البلدين، مشدداً على ضرورة رفع القيود على حركة الأموال للأنشطة التجارية التي تتم عبر الحدود البرية.

والشهر الماضي أعيد فتح معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا عقب توقيع اتفاق بين البلدين على تسهيل حركة العبور والمسافرين وتعزيز المعبر بأجهزة التفتيش اللازمة، بعد أن أغلقته السلطات الليبية بسبب اشتباكات مسلحة بين قوات مسلحة محلية.

وأشار الخبير المختص في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير، إلى أن المعاملات التجارية بين البلدين في السوق الموازية ليست في منأى بدورها عن تداعيات أزمة مصرف ليبيا المركزي الليبي، لافتاً إلى أن تراجع قيمة الدينار الليبي يضرّ بالتجار.

وأفاد عبد الكبير في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن عدم التزام الدولة الليبية بسداد مستحقات السلع الموردة يقلص عرض مواد تجارية مهمة تعتمد عليها السوق الموازية ويعرقل التبادل التجاري غير الرسمي بين البلدين. وقال إن عدم استقرار سعر الصرف يضر أيضاً بصغار التجار ويربك انسيابية السلع بين البلدين، مؤكداً أن التقارب بين سعري صرف الدينار التونسي والليبي ينعش الحركية التجارية ويحد من قلق المتعاملين في السوق الموازية.

وتتطلع سلطات البلدين إلى الارتقاء بالمبادلات التجارية إلى ملياري دولار سنوياً على المدى القريب، من خلال تكثيف التعاون بين الغرف الاقتصادية المشتركة وإزالة القيود بالكامل. وشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين تطوراً إيجابياً، بعد زيادتها بنسبة 10.8% 2023، مقارنة بالعام السابق له، لتصل إلى نحو 1.07 مليار دولار مقابل 972 مليون دولار، كما قفزت التبادلات بنسبة 38% في 2022 مقارنة بعام 2021 الذي سجل 702 مليون دولار.

وتشمل أهم المنتجات التونسيّة المصدرة إلى ليبيا خلال العام 2023، المنتجات الغذائية والصناعية مثل الإسمنت والزيوت النباتية والعجين الغذائي وثاني فوسفات الأمونيا، وبعض المنتجات المعدنية والمحولات الكهربائية، بينما تتمثل أهم الواردات التونسية من ليبيا في منتجات الكيروسين والبيوتان والكبريت ومنتجات من الحديد والصلب وبعض المنتجات الصناعية الأخرى.

المساهمون