أزمة المركزي الليبي تتعقد.. دعوات أممية للتهدئة والنفط يتراجع

27 اغسطس 2024
داخل أحد المصارف في طرابلس، 16 مارس 2011 (Getty)
+ الخط -

دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى عقد اجتماع طارئ لجميع الأطراف المعنية بأزمة البنك المركزي الليبي، وحثت على تعليق جميع القرارات المتسببة في الأزمة أو المتخذة بعدها، فيما يعاني الليبيون من التوتر الكبير الحاصل وسط إغلاق المرافق النفطية في أنحاء البلاد، وتترقب أسواق النفط التطورات، مع اتجاه نزولي للأسعار.

وقال البيان الأممي الذي صدر مساء الاثنين: "تعتزم البعثة عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة المركزي الليبي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة"، ودعت إلى "تعليق العمل بكل القرارات الأحادية والرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط.. ووقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية، أو منافع فئوية، وضمان سلامة موظفي المصرف المركزي وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي".

ومنذ منتصف أغسطس/آب الجاري، تعيش ليبيا أزمة حادة بعد إصدار المجلس الرئاسي قرارا يقضي بعزل محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، وسط رفض مجلسي النواب والدولة، كون القرار صدر عن "جهة غير مختصة" بالنظر في المناصب السيادية. وفي حين تسببت الأزمة بتحشيدات مسلحة بين مؤيد ومعارض للقرار في طرابلس، أعلن عن اعتقال خمسة أشخاص من كبار الموظفين في المركزي الليبي وسط توقف تام لجميع منظومات المصرف منذ الخميس.

تصاعد أزمة المركزي الليبي

وتمكنت لجنة التسلم والتسليم المكلفة من الرئاسي، الاثنين، من دخول مقر المصرف المركزي، الأمر الذي دعا الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب لإعلان "حالة القوة القاهرة" على قطاع النفط ووقف الإنتاج والتصدير. وأعربت البعثة الأممية "عن عميق أسفها لما آلت إليه الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب، وتعتبر أن الإصرار على هذه القرارات أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب".

وأوضحت البعثة أنه "انطلاقا مما تضمنته ولايتها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2702 لسنة 2023، وخاصة في ما يتعلق بمنع النزاعات، تعتزم البعثة عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي". ويهدف الاجتماع إلى "التوصل لتوافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وإلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة"، بحسب البعثة.

وترعى بعثة الأمم المتحدة مفاوضات متعثرة منذ سنوات لإيصال البلاد إلى انتخابات تحل أزمة نشأت قبل ثلاثة أعوام وتمثلت في صراع بين حكومتين على السلطة، هما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدناً بالجنوب.

وقف الصادرات النفطية

وتثير النزاعات بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي قلقا من احتمالات إساءة استخدام الموارد المالية للبلاد. ويعتمد اقتصاد ليبيا بشدة على إيرادات النفط، وكانت هناك تحركات لفرض حالة القوة القاهرة على حقول النفط، وهو ما يعني قطع المصدر الأساسي للدخل في البلاد.

واستنكر رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة، الاثنين، قرار الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد إقفال حقول وموانئ النفط في البلاد، داعيا لمحاسبة من يقوم بـ"هذه الأفعال المشينة". ويأتي ذلك فيما أعلنت شركتان حكوميتان في ليبيا بدء تخفيض إنتاج الخام تدريجيا على خلفية احتجاجات وضغوط تواجهها.

وفي وقت سابق من أمس الاثنين، أعلن حماد، في بيان مصور، حالة "القوة القاهرة" على قطاع النفط في ليبيا ووقف إنتاج وتصدير الخام، احتجاجا على ما اعتبره "اقتحام" لجنة "تسلم وتسليم" مكلفة من المجلس الرئاسي لمقر المصرف المركزي بالعاصمة طرابلس لتمكين إدارة جديدة للمصرف عوضا عن المحافظ الصديق الكبير.

وإعلان حالة "القوة القاهرة" إجراء قانوني يلجأ إليه طرف ما في عقد عندما يتعرض لظروف طارئة خارجة عن إرادته تمنعه من الوفاء بالتزاماته التعاقدية، ما يعفيه من المسؤولية المترتبة على ذلك. وقد تشمل تلك الظروف كوارث طبيعية أو حروباً أو أعمالاً إرهابية أو أوبئة وأمراضاً. وقال بيان لحكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها دوليا وأمميا، عقب اجتماع عقده الدبيبة بمكتبه في طرابلس مع وزير النفط خليفة عبد الصادق، إن الأخير "استعرض خطة الوزارة من خلال المؤسسة الوطنية للنفط لزيادة الإنتاج وتفعيل الاتفاقيات العالمية بشأن الاستكشاف والتطوير"، وإنه شدد على "ضرورة متابعة أوضاع الحقول النفطية وعدم السماح بإقفالها تحت حجج واهية"، وأكد على "ضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال المشينة وإحالته لجهات الاختصاص".

وتقع غالبية حقول النفط في ليبيا بمناطق سيطرة حكومة حماد، ما يجعل لقرارها تداعيات خطيرة على اقتصاد البلاد، الذي يعتمد على تصدير النفط بشكل رئيسي.

التأثير على سوق النفط

وتوقفت مسيرة الصعود التي شهدتها أسعار النفط في الآونة الأخيرة لتتراجع في تعاملات اليوم الثلاثاء، بعد ارتفاعها بأكثر من سبعة بالمئة في الجلسات الثلاث السابقة على خلفية مخاوف حيال الإمدادات بسبب القلق من اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط وإغلاق حقول نفط ليبية.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 18 سنتا، أو 0.2%، إلى 81.25 دولارا للبرميل بحلول الساعة 0430 بتوقيت غرينتش، في حين هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 28 سنتا، أو 0.4%، إلى 77.14 دولارا للبرميل.

وقال ييب جون رونج، خبير الأسواق لدى آي.جي: "خسائر أسعار النفط ربما تبدو محدودة في جلسة اليوم، ما يشير إلى أن الأسعار تلتقط الأنفاس بعد ارتفاع حاد على مدى الأيام القليلة الماضية". وأضاف "مع ارتفاع أسعار النفط في ضوء المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتعليق الإنتاج في ليبيا، فالمشاركون في السوق الآن في حالة ترقب لتقييم المزيد من التطورات".

وحققت أسعار النفط مكاسب كبيرة في الجلسات الثلاث السابقة بدعم توقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية، وهو ما قد يعزز الطلب على الوقود. كما جاءت الارتفاعات وسط الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مطلع الأسبوع، فضلا عن إغلاق الحقول في ليبيا. وخلال تلك الفترة ارتفع خام غرب تكساس الوسيط 7.6% وارتفع برنت 7%.

المساهمون