ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا وبريطانيا، الثلاثاء، إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق؛ بسبب الطلب القوي على هذه الموارد في فصل الشتاء وتصاعد الخلافات الجيوسياسية بين المصدر الرئيسي روسيا والدول المستهلكة. يأتي ذلك، فيما أظهرت بيانات من شركة "جاسكيد" الألمانية أنّ تدفقات الغاز الروسية إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "يامال-أوروبا" توقفت صباح اليوم الثلاثاء.
وتدار مستويات التدفق ووجهته على خط أنابيب "يامال-أوروبا" حسب طلب المستهلكين. وتتراجع التدفقات المتجهة غرباً منذ يوم السبت مما دفع أسعار الغاز الفورية في أوروبا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ولم ترد شركة "غازبروم" التي تحتكر تصدير الغاز في روسيا على الفور على طلب "رويترز" التعليق، ولم تحجز الشركة طاقة لضخ صادرات عبر خط الأنابيب اليوم.
وصل سعر الغاز الهولندي المرجعي TTF في أوروبا إلى 162.775 يورو لكل ميغاواط ساعة في أواخر الصفقات الصباحية، بزيادة أكثر من 10% عن يوم الإثنين، بينما قفزت أسعار الغاز في المملكة المتحدة إلى 408.30 بنسات للوحدة الحرارية في الصفقات الصباحية المتأخرة.
وتجاوز كلا السوقين الأرقام القياسية السابقة المسجلة في أكتوبر/تشرين الأول، فيما تتزايد المخاوف بشأن الطلب في أشهر الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وهي حالياً أكبر بسبع مرات مما كانت عليه في بداية عام 2021.
وأثارت أسعار الغاز جنباً إلى جنب مع أسعار السلع الأخرى المتصاعدة بما في ذلك النفط الخام، مخاوف متزايدة بشأن ارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم.
كتب محللو "دويتشه بنك"، في مذكرة للعملاء، أنّ الغاز الأوروبي "واصل ارتفاعه الذي لا يرحم، إلى مستوى قياسي آخر".
يأتي ذلك في الوقت الذي استمرت فيه درجات الحرارة في الانخفاض مع اقتراب فصل الشتاء الأوروبي، فيما عملاق الطاقة الروسي "غازبروم" لم يحجز أي سعة إضافية في يناير/كانون الثاني لتدفق الغاز عبر أوكرانيا.
"هذه قصة مهمة خلال فصل الشتاء مع تداعياتها على النمو الأوروبي، وهي قصة ستجعل المستثمرين يتابعون عن كثب توقعات الطقس لمعرفة ما قد يحدث"، وفق "دويتشه بنك".
وكانت مخزونات الغاز في أوروبا قد استنفدت بالفعل بسبب الشتاء المطول العام الماضي. إضافة إلى ذلك، أدت الظروف الجوية السائدة الأكثر هدوءاً هذا العام إلى انخفاض حاد في إمدادات طاقة الرياح.
يلقي بعض المحللين باللوم في ارتفاع أسعار السوق على الجدل الدائر حول خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" في روسيا. وحذر وزير الشؤون الاقتصادية الألماني روبرت هابيك، يوم السبت، من "عواقب وخيمة" على خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" من روسيا إلى ألمانيا إذا هاجمت موسكو أوكرانيا.
من المقرر أن يضاعف خط أنابيب بحر البلطيق إمدادات الغاز الطبيعي الرخيص من روسيا إلى ألمانيا، والتي يقول أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي إنها ضرورية لمساعدتها على التحول من الفحم والطاقة النووية.
لكن المشروع الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات يورو (12 مليار دولار) يواجه منذ سنوات تأخيرات وتعرض لانتقادات شديدة من حلفاء ألمانيا في شرق الاتحاد الأوروبي مثل بولندا والولايات المتحدة.
ويقول منتقدون إنّ "نورد ستريم 2" سيزيد اعتماد أوروبا على الغاز الروسي ووصفته أوكرانيا بأنه "سلاح جيوسياسي". ويأتي ثلث إجمالي إمدادات الغاز في أوروبا من روسيا.
(فرانس برس، رويترز)