أزمة الغاز الروسي تتصاعد في أوروبا... بولندا تطلب من ألمانيا تجميد خط "نورد ستريم 2"

13 ديسمبر 2021
منشأة لمعالجة الغاز الروسي الذي سيصل إلى ألمانيا عبر "نورد ستريم 2" (Getty)
+ الخط -

تتسع أزمة الغاز الروسي في أوروبا، إذ تتصاعد المطالب بتجميد خط أنابيب "نورد ستريم 2" المقرر أن ينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، بينما تعارض الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية المشروع، خوفاً من تزايد النفوذ الروسي في قطاع الطاقة بالقارة الباردة.

وطلب رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي من نظيره الألماني أولاف شولتز "عدم افتتاح" خط أنابيب "نورد ستريم 2"، وهو موضع خلاف بين ألمانيا وبولندا.

وزار شولتز وارسو للمرة الأولى منذ تسلّمه منصبه، الأسبوع الماضي، خلفا لأنجيلا ميركل، بعد أن كان زار أيضا كلا من باريس وبروكسل.

وكرر مورافيسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع شولتز، مساء الأحد، حجج بولندا حول خطر "الابتزاز" الروسي في وجه أوكرانيا و"زعزعة الاستقرار عند الخاصرة الشرقية لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي".

 يمتد الخط البالغ قدرته 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، على 1230 كيلومتراً تحت مياه بحر البلطيق، وتصل تكلفته إلى 10 مليارات يورو

وأكد شولتز، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس، أن بلاده "ستبذل قصارى جهدها لضمان بقاء أوكرانيا دولة عبور" للغاز، بينما اعتبر رئيس الوزراء البولندي أنه "سيكون من الأفضل عدم الموافقة على افتتاح نورد ستريم 2".

وخط الأنابيب هذا الذي يدعمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة، ولقي دعما من المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل باسم ضمان تزود أوروبا بالغاز، يلقى انتقادات من دول عدة.

وأبرز الدول المنتقدة هما الولايات المتحدة وبولندا القلقتان من تعزيز اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، إضافة إلى أوكرانيا التي تقول إن المشروع سيضعفها دبلوماسيا واقتصادياً باعتبارها حتى الآن دولة العبور الرئيسية للغاز الروسي نحو أوروبا.

وكانت الوكالة الفيدرالية الألمانية لتنظيم قطاع الطاقة قد أعلنت، في فبراير/ شباط الماضي، أنها علّقت بصورة مؤقتة آلية الترخيص لخط أنابيب الغاز المثير للجدل، مبررة ذلك بعقبة قانونية.

وتزامنت هذه الخطوة مع فرض الإدارة الأميركية عقوبات ضد سفينتين روسيتين وشركة على صلة بروسيا، تشارك في تنفيذ مشروع خط "نورد ستريم 2"، بينما سبق أن فرضت واشنطن عقوبات على شخصيات ومكونات ذات صلة بالمشروع.

موسكو تحذر من المساس بمشروعات الغاز

في المقابل حذرت موسكو، واشنطن من مغبة ممارسة الضغوط على أحد بشأن المصادقة على خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم 2"، الذي اكتمل تشييده مؤخرا.

ويمتد الخط الذي تبلغ قدرة نقله 55 مليار متر مكعب من الغاز في العام، على 1230 كيلومتراً تحت مياه بحر البلطيق، وتصل تكلفته إلى 10 مليارات يورو (11.3 مليار دولار).

وقامت شركة غازبروم الروسية بتوفير نصف تكاليف المشروع، في حين قدمت خمس شركات أوروبية النصف الآخر، وهي  "يونيبر" و"فنترسهال" الألمانيتان، ومجموعة "رويال داتش شل" الإنكليزية الهولندية، و"إنجي" الفرنسية و"أو.ام.في" النمسوية.

وتستهدف روسيا الحفاظ على صادراتها من الغاز إلى أوروبا بعيدا عن أوكرانيا التي تتوتر العلاقات معها بشدة وتكاد تصل حالياً إلى حد الصراع العسكري.

وفي حين ظلت أوكرانيا طريق عبور رئيسياً لصادرات الغاز الطبيعي الروسي عبر الأنابيب إلى أوروبا، سعت موسكو لتقويض هذا الدور من خلال إنشاء مشاريع خطوط أنابيب دولية للتحايل على أوكرانيا وحرمان كييف من عائدات عبور كبيرة، وعلى الأخص خط أنابيب "نورد ستريم 2" إلى ألمانيا وخط أنابيب "ترك ستريم" إلى تركيا.

روسيا تستخدم الطاقة للضغط على أوكرانيا

وتستخدم روسيا الطاقة بشكل متكرر أداةً جيوسياسية في أوكرانيا، سواء كإجراء عقابي في شكل قطع الغاز الطبيعي، مثل ما حدث في عامي 2006 و2009 في ظل حكومة فيكتور يوشينكو الأوكرانية الموالية للغرب، أو مكافأةً على الولاء السياسي، عندما خفضت أسعار الغاز الطبيعي لإدارة فيكتور يانوكوفيتش الموالية لروسيا في عام 2010.

وفي عام 2020، أفاد مشغل نظام نقل الغاز في أوكرانيا أن أحجام العبور الروسية عبر أوكرانيا بلغت 55.8 مليار متر مكعب، بانخفاض عن 89.6 مليار متر مكعب في عام 2019. وبالنسبة للفترة من 2021 إلى 2024، من المتوقع أن ينخفض نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى 40 مليار متر مكعب سنوياً.

وقد ترك هذا السياق الجيوسياسي، وفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية، نهاية الشهر الماضي، قطاع الطاقة الأوكراني ضعيفاً للغاية. ومع أن كييف سعت إلى زيادة إنتاجها المحلي من الطاقة وتنويع مصادر وارداتها من الغاز الطبيعي بعيداً عن روسيا، إلا أن كلا المجهودين يواجهان تحديات خطيرة.

ويرى مسؤولون أوربيون أن التصعيد الروسي يستهدف مناطق أبعد من أوكرانيا، ليطاول الدول الأوروبية ويضع أيضاً الولايات المتحدة، الرامية إلى إفساح المزيد من المجال لصادرات غازها نحو القارة العجوز، في مأزق.

استفحال أزمة الطاقة في أوروبا

وتواجه أوروبا أزمة غاز مستفحلة تهدد دول القارة بشتاء قارس وعتمة، كما تهدد المواطنين بزيادات قياسية في فواتير الكهرباء وتضخم مرتفع في الأسعار، خاصة الوقود، وسط تباطؤ الإمدادات الروسية وارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوياتها في أشهر، ما أثار مخاوف بشأن التضخم على نطاق أوسع.

وتتزامن الأزمة التي لم تشهدها دول القارة من قبل مع توجيه روسيا شحنات الغاز نحو الشرق، وتحديداً إلى الصين والهند ودول جنوب شرق أسيا، بالإضافة إلى قرار السلطات الألمانية تعليق منح رخصة تشغيل خط أنابيب "نورستريم 2" الروسي المثير للجدل، ما رفع مستويات القلق من نقص الإمدادات مع حلول فصل الشتاء.

المساهمون