وسط أزمة طاقة عالمية وانعكاس التدفقات التجارية نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا يلعب التجار دورًا حاسمًا في تأمين الإمدادات في عالم يائس للحصول على وقود ميسور التكلفة.
وأدت الأزمة لتنحية المخاوف الوجودية بشأن مستقبل الوقود الأحفوري جانبًا في الوقت الحالي. وحلت مكانها تأكيدات أنه لا يزال إلى حد كبير العمود الفقري للاقتصاد الحديث حتى مع تحول العالم ببطء نحو نظام خالٍ من الكربون.
وقال راسل هاردي، الرئيس التنفيذي لمجموعة فيتول، أكبر متداول للنفط في العالم من حيث الحجم، لوكالة "بلومبيرغ"، إن "أمن الطاقة هو رقم واحد، والسعر هو الثاني، والاستدامة هي رقم ثلاثة".
ومرت صناعة الطاقة العالمية بعام مضطرب بين الارتفاع القياسي والتراجع، منذ أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دباباته إلى أوكرانيا في فبراير/ شباط، كما سجلت الأسعار العالمية للغاز الطبيعي والفحم ارتفاعات جديدة.
بالنسبة للموردين الفعليين للنفط الخام والوقود، فإن الاضطرابات الناجمة عن العقوبات على روسيا تخلق تدفقات تجارية جديدة وفرصًا ستزيد من أرباح الشركات مثل "فيتول" و"بي بي بي" وغيرهما. وسينتقل المزيد من الصادرات من بحر البلطيق والبحر الأسود إلى آسيا قبل القيود الأوروبية الجديدة المقررة في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول.
وقال سعد رحيم؛ كبير الاقتصاديين في مجموعة "ترافيجورا"، إن النفط يجرى تداوله الآن دون المستوى الذي كان عليه قبل الحرب، بسبب الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي، مثل قوة الدولار ومخاوف الركود. لكن هذا لا يعكس الأساسيات والعوامل التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الطلب، وتطغى على السوق بقدرة احتياطية ضئيلة، مثل إلغاء سياسة صفر كوفيد وعودة السفر الدولي في الصين أو توقف الولايات المتحدة عن تشديد سياستها النقدية.
وأضاف رحيم لـ"بلومبيرغ" أنه "في مرحلة ما، يجب أن يكون هناك حل شامل، بدلاً من محاولة اختيار الفائزين والخاسرين، لن نتوقف عن النفط والغاز غداً، بل ستكون هناك فترة انتقالية".
سيتطلب الحفاظ على تشغيل السخانات عبر نصف الكرة الشمالي هذا الشتاء والشتاء المقبل الكثير من إمدادات النفط والطاقة التقليدية، حتى مع سعي البلدان إلى مستقبل خالٍ من الكربون، وهو أمر حاسم للأجيال المقبلة.
ما ستتم مراقبته باهتمام في الأشهر والسنوات المقبلة هو أرباح شركات النفط والطاقة، وأنماط استثماراتها، وكيف ستوازن بين تمويل أصول الوقود الأحفوري التقليدية والمشاريع المتجددة.