أزمة الشيكل متواصلة في الضفة الغربية .. هل تعزل إسرائيل الفلسطينيين مالياً عن العالم؟

04 يونيو 2024
ظروف قاسية تواجهها البنوك الفلسطينية - غزة 4 يونيو 2006 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سلطة النقد الفلسطينية تعلن قرب انتهاء أزمة الشيكل بعد جهود ناجحة لاستئناف شحن العملة الورقية المتراكمة إلى إسرائيل، مما يعكس التزامها بمعالجة شكاوى المواطنين وإزالة القيود على الإيداعات.
- تفاؤل حذر بحل الأزمة المالية مع استئناف شحن العملة وتجديد الضمانات الإسرائيلية للبنوك، مما يبرز أهمية العلاقات المصرفية في استقرار الاقتصاد الفلسطيني.
- تشجيع سلطة النقد لاستخدام الدفع الإلكتروني كبديل للتعاملات النقدية، كجزء من استراتيجية التحول الرقمي في المدفوعات، لتخفيف الضغط على البنوك وتسهيل المعاملات المالية.

بعد أيام من معاناة شركات ومواطنين فلسطينيين، بسبب قرار غير معلن بإيقاف قبول عدد من البنوك إيداعاتهم بعملة الشيكل، العملة الإسرائيلية، فيما عرف باسم أزمة الشيكل في الأراضي الفلسطينية، أوشكت الأزمة على الانتهاء.

بيان سلطة النقد بشأن أزمة الشيكل

أصدرت سلطة النقد الفلسطينية بياناً أكدت فيه نجاح جهودها مع "الأطراف الشريكة"، لاستئناف عمليات شحن العملة الورقية المتراكمة من الشيكل إلى الجانب الإسرائيلي الأسبوع المقبل. وذكرت، في بيان اليوم الثلاثاء، أنها تعاملت في الأيام الأخيرة مع شكاوى تقدم بها مواطنون بشأن قيود وضعتها بعض البنوك لدى قيامهم بإيداع عملة الشيكل لتغذية حساباتهم المصرفية.

وقالت سلطة النقد إنها "لاحظت، منذ إطلاق الاحتلال تهديدات بقطع العلاقة المصرفية مع البنوك الفلسطينية، إقبالاً متزايداً من المواطنين، ومن الشركات والتجار على وجه الخصوص، لإيداع ما بحوزتهم من عملة الشيكل في البنوك، الأمر الذي تسبب بتكدس العملة الورقية في خزائن المصارف بما يفوق طاقتها الاستيعابية"، لكنها شددت على أن وضع قيود على أي عملية إيداع مستوفية لشروط الامتثال يعتبر سلوكاً غير مقبول ينبغي التراجع عنه دون إبطاء، في إشارة إلى رفض بنوك إيداع مواطنين أموالاً بالشيكل في حساباتهم.

ورفضت جمعية البنوك في فلسطين الإدلاء بتفاصيل إضافية لـ"العربي الجديد". وجاء ردها بأن بيان سلطة النقد بشأن أزمة الشيكل يمثلها، وأن المشكلة كانت تتعلق بتراكم الشيكل الإسرائيلي بسبب عدم السماح بترحيل المتراكم منه، وإعلان سلطة النقد ترحيله الأسبوع القادم يعني حل المشكلة.

هل تقطع إسرائيل الفلسطينيين عن النظام المصرفي العالمي؟

وقال جعفر صدقة، المختص في الشأن الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن أزمة الشيكل وتراكمه لدى البنوك الفلسطينية مزمنة، مع الرفض المتكرر من قبل البنوك الإسرائيلية بين فترة وأخرى استقبال الأموال، لكنها هذه المرة تضاف إلى مخاوف البنوك الفلسطينية من التهديدات التي أطلقها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في ما يتعلق بعدم تجديد الضمانات التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية لبنكي ديسكونت وهبوعليم، لمواصلة العلاقة مع البنوك الفلسطينية، ما يعني قطع البنوك الفلسطينية عن النظام المصرفي الإسرائيلي والعالمي.

وهذان البنكان هما المراسلان بين البنوك الفلسطينية والعالمية، وهما اللذان يجريان اتصالات البنوك الفلسطينية مع المنظومة البنكية، ويعملان بنكين رابطين مع المنظومة المصرفية في إسرائيل وكل العالم المالي. أما رسالة الضمانات، فهي رسالة حكومية إسرائيلية لهذين البنكين تجدد سنوياً، وتتضمن حصانة لهما من أية دعاوى قضائية قد يتعرضان لها نتيجة تعاملهما مع البنوك الفلسطينية، وتقديم تعويضات عن أي غرامات قد تفرض عليهما، نتيجة دعاوى مرفوعة في دول أخرى.

ويشير صدقة إلى أن شحن العملة الأسبوع المقبل، كما أعلنت سلطة النقد، "قد يهدئ من مخاوف البنوك الفلسطينية، لكن المخاوف، برأيه، ستزول أو ستتعمق مع نهاية الشهر الحالي، حيث تنتهي مدة ورقة الضمانات الحالية، التي جددها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر فقط لثلاثة أشهر في نهاية مارس/ آذار الماضي، وليس لسنة كاملة كما جرت العادة".

واستبعد صدقة أن تقدم الحكومة الإسرائيلية على خطوة كهذه، قائلاً: "ربما يتلكأ سموتريتش في تجديد هذه الرسالة لعدة أيام، ولكن المتوقع أن تتم المصادقة على تجديد الضمانات من قبل المجلس الوزاري المصغر كما حصل المرة الماضية". ولكن في حال حدوث ذلك، يقول صدقة إنها "خطوة ستدفع السلطة الفلسطينية نحو الانهيار، وهذا غير مقبول في جميع دول العالم، بما فيها أغلبية دوائر صنع القرار في إسرائيل نفسها لأسباب أمنية وسياسية، وأيضاً لأسباب اقتصادية، لأن الاقتصاد الفلسطيني لن يكون الخاسر الوحيد من هذه الخطوة، بل الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً".

وفي تلك الحالة، كما يشير صدقة "لن يكون أمام الفلسطينيين، سلطة وقطاعاً خاصاً ومواطنين، سوى المواجهة، وربما تكون فرصة لاتخاذ خطوات كانت السلطة قد أحجمت عنها لمدة 30 عاماً، وتتعلق بتداول الشيكل، أو اتخاذ قرار باتجاه إصدار عملة وطنية، أو غيرها من الخطوات، وستكون هناك معركة ستفرض على الفلسطينيين، ولا بد من خوضها".

ويتابع المتخصص في الشأن الاقتصادي: "إذا أخذنا بعين الاعتبار السيطرة الإسرائيلية على الحدود والمعابر، وتحكمها بشكل كامل بحركة الأفراد والبضائع والتدفقات النقدية، وكون بنكي ديسكونت وهبوعليم هما البنكان المراسلان للبنوك الفلسطينية مع معظم البنوك العالمية، فمعنى هذا القرار أننا سندخل في مشكلة كبيرة وستؤثر على إمكانية الاستيراد من الخارج وحتى من إسرائيل، طالما أنها لا تستقبل الأموال من البنوك الفلسطينية".

وأضاف: "حتى التحويلات الخارجية تتم عبر هذين البنكين، فكيف سندفع ثمن الواردات من الخارج. إن اتخاذ مثل هذا القرار ستكون له تداعيات خطيرة، ولكن بقدر ما يحمله من مخاطر سيحمل فرصاً لتغيير الواقع وتغيير طبيعة العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، والتي تقوم على التحكم المطلق في كل شيء، مقابل خضوع وتبعية تامة للطرف الفلسطيني".

وأشارت سلطة النقد الفلسطينية، في بيانها، إلى أنها تعمل مع المصارف على خلق بدائل لمساعدة المواطنين على إتمام عمليات الإيداع، لا سيما في حال وجود التزامات مالية يتوجب عليهم سدادها. وتجري في الوقت نفسه اتصالات على المستويات كافة من أجل إزالة العقبات غير المبررة أمام شحن الفائض من عملة الشيكل وفقا للأصول، وبشكل مستدام. يذكر أن سلطة النقد الفلسطينية، ومنذ سنوات تشجع وتطلق حملات للترويج لاستخدام خدمات الدفع الإلكتروني، بدلا من الدفع النقدي، في ظل مشكلة تراكم الشيكل الإسرائيلي لدى البنوك.

وأعادت سلطة النقد في بيانها الأخير المتعلق بقيود البنوك على إيداع أموال بالشيكل التوضيح بأن الأدوات والآليات التي توفرها للدفع الإلكتروني متاحة من خلال منصات متعددة، بشكل مجاني وسهل الاستخدام، وآمن، ويتيح الاعتماد عليها بديلاً لتداول العملة الورقية والتحديات المرتبطة بذلك، وأنها تعمل لتطبيق استراتيجية تحول رقمي في المدفوعات كمقدمة لتطبيق سياسات خفض استخدام النقد الورقي باعتبارها حلاً مثالياً للتعامل مع القيود على حركة النقود الورقية.

المساهمون