تشهد سوق السيارات تغيّرات ملحوظة، حيث يدفع النقص في السيارات الجديدة، نتيجة أزمة إمدادات أشباه الموصلات، المستهلكين، إلى شراء السيارات المستعملة بدلاً من ذلك. واقع أدى إلى ارتفاع أسعار الأخيرة بالتزامن مع ارتفاع الطلب.
في بريطانيا، ارتفع متوسط الطلب على السيارات المستعملة بنسبة 15.2 في المائة على أساس سنوي، مما أدى إلى زيادة مفاجئة في الأسعار لمعظم المركبات، وفقًا لشركة "أوتو ترايدر". وتم تحديد الارتفاع في أسعار السيارات المستعملة، باعتباره المحرك الرئيسي للتضخم في المملكة المتحدة، في يوليو/تموز، والصناعة تعج بالتنبؤات حول المدة التي ستستمر فيها الطفرة، وفق تقرير نشرته "فايننشال تايمز".
فقد بدأ ملايين الناس العمل من المنزل خلال الوباء، مما ساهم في زيادة الطلب على أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى، والرقائق التي تحتوي عليها تلك العناصر. لذا، بشكل أساسي، فقد صانعو السيارات مقاعدهم على طاولة الرقائق.
أبسط المركبات الجديدة، غير المجهزة بالكثير من الإضافات، لديها ما لا يقل عن ثلاثين شريحة، سيارات الدفع الرباعي الفاخرة لديها المئات. ومن المتوقع أن يستمر النقص في الرقائق في جميع أنحاء العالم حتى أواخر عام 2022، مع امتداد أزمة إنتاج السيارات الجديدة بشكل متوقع حتى عام 2023، وفقًا لتقارير عديدة.
وقال مارك لافيري، الرئيس التنفيذي لشركة "كامبريا أوتوموبايلز"، وهي مجموعة وكلاء للسيارات: "لم أر قط شيئًا كهذا، هناك مجموعة من الظروف الغريبة التي تتحكم في السوق".
فقد تسبب الوباء في تراكم أعداد المشترين، ما أدى إلى زيادة الطلب. جمع المستهلكون الذين كانوا يجلسون في المنزل أثناء عمليات الإغلاق أكوامًا إضافية من الأموال التي تم إطلاقها عندما تم تخفيف قيود فيروس كورونا. كما ازداد الطلب بسبب إحجام الناس عن استخدام وسائل النقل العام بسبب خطر الإصابة بفيروس كورونا، والاتجاه السائد في الإقامة داخل المملكة المتحدة بدلاً من السفر، فضلاً عن القبول المتزايد لشراء السيارات عبر الإنترنت.
ومع ذلك، فإن النقص في السيارات الجديدة، بسبب أزمة المعروض من أشباه الموصلات، قد أدى إلى تحول سوق السيارات المستعملة الناري إلى اللون الأحمر.
وخفضت جمعية مصنعي وتجار السيارات، وهي مجموعة تجارة السيارات في المملكة المتحدة، توقعاتها للتسجيلات الجديدة في عام 2021، من 2.4 مليون إلى 1.8 مليون سيارة بسبب العرض المحدود للسيارات الجديدة. الأسبوع الماضي، أبلغت الجمعية عن أسوأ شهر في يوليو لإنتاج السيارات في المملكة المتحدة منذ عام 1956.
في المقابل، أعطت شركات صناعة السيارات الأولوية لإنتاج النماذج الكهربائية، من أجل تجنب الغرامات وتلبية المتطلبات التنظيمية في بريطانيا، مما يترك السيارات الكهربائية غير متأثرة نسبيًا بنقص الرقائق. وهذا يعني أن السيارات التي تعمل بالبطاريات كانت استثناءً نادرًا في سوق السيارات المستعملة المزدحمة.
ولا تقتصر مشكلات العرض على السيارات الجديدة فقط، حيث يتعرض تدفق السيارات إلى السوق المستعملة للضغط أيضاً. كان سوق السيارات الجديدة في المملكة المتحدة ضعيفًا في السنوات الثلاث السابقة، مما أدى إلى عدد أقل من السيارات المستعملة المسلّمة إلى التجار.
وفي الوقت نفسه، فإن مشغلي الأساطيل ومجموعات التأجير التي عادة ما تشتري سيارة جديدة وتبيعها لاحقًا للسوق المستعملة، تحتفظ بالسيارات لفترة أطول بسبب ضعف الطلب خلال الفترة الماضية نتيجة الإغلاقات.
الواقع ذاته يتكرر في السوق الأميركية، حيث ازدهار أعمال السيارات المستعملة، وفق موقع "سمول بيزنس تراند".
ولفت جيري إندرز، صاحب معرض للسيارات المستعملة في ولاية بنسلفانيا لأكثر من 40 عامًا: "لقد وجدنا أن الناس يبحثون عن سيارات مستعملة من طراز قديم بأميال منخفضة".
في عام 2019، تم بيع 17 مليون سيارة جديدة في الولايات المتحدة. وفي عام 2020، تم بيع 14 مليون سيارة جديدة. خلال الوباء، تم إغلاق شركات صناعة السيارات وسادت أزمة الرقائق وأشباه الموصلات. في الواقع، السعر الحالي للسيارة المستعملة في عدد من الولايات المتحدة أعلى بنسبة 10 إلى 30 في المائة على الأقل من قيمتها الفعلية.
وبدأت تتوارد معلومات عن أن TSMC، وهي أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات في العالم، تستعد لرفع أسعارها بنسبة تصل إلى 20 في المائة، مما يوجه ضربة أخرى لصناعة السيارات المحاصرة.
ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، تخطط الشركة لزيادة تكاليف رقائقها الأكثر تقدمًا بنسبة 10 في المائة، بينما سترتفع العناصر الأقل تقدمًا المستخدمة بشكل شائع في السيارات بنسبة 20 في المائة. وذكرت الصحيفة أن زيادة الأسعار من المقرر أن تأتي إما في وقت لاحق في عام 2021 أو في عام 2022.
وكانت "تويوتا" هي الأحدث بين شركات السيارات التي أعلنت عن تخفيضات كبيرة في إنتاج المصانع. ووفق التوقعات، ستواجه المصانع في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا أيضًا اضطرابًا. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت فورد أنها قد تفقد 50 في المائة من طاقتها، في حين أن شركات "نيسان" و"هوندا" و"جاكوار" و"لاند روفر" قالت أيضا إنها ستخفض إنتاج المصانع.