أزمة الجيل الخامس: ذعر شركات الطيران يحاصر المطارات الأميركية

20 يناير 2022
مخاوف من تأثيرات الجيل الخامس على سلامة الطيران (ستيفاني رونلد/ فرانس برس)
+ الخط -

الذعر يلف حركة الطيران الدولية. عدد كبير من الشركات الكبرى الأميركية والدولية ألغت رحلاتها إلى مطارات الولايات المتحدة، وأخرى تحذر من كارثة تحدق بسلامة المسافرين. الأزمة تدور حول مشروع إطلاق خدمة الجيل الخامس في غالبية الولايات الأميركية وضمناً في أبراج حول عدد من المطارات الرئيسية.

إلا أن الحملة التشكيكية الضخمة أدت إلى تأجيل شركتي الاتصالات "آي تي أند تي" و"فيريزون" توفير الخدمة حول المطارات بدءاً من الأربعاء، فيما أطلق الجيل الخامس لحوالي 90 مليون أميركي في غالبية الولايات.

وبادرت شركات طيران أميركية كبرى إلى الإعلان عن مخاوفها من مشروع شركتي الاتصالات، وانتقل القلق إلى الدول الأخرى، وسط تدافع نحو تأجيل آلاف الرحلات الجوية أو تأخيرها.

إذ يقول الرؤساء التنفيذيون لأكبر شركات الطيران في الولايات المتحدة إن التداخل من الخدمة اللاسلكية الجديدة على أداة رئيسية على متن الطائرات أسوأ مما كانوا يعتقدون في الأصل ويهدد سلامة الطيران والركاب.

وكانت الشركتان تخططان لتنشيط الخدمة اللاسلكية الجديدة 5G بعد تأجيلين سابقين لإطلاق الخدمة في أوائل ديسمبر/ كانون الأول. وتستخدم خدمة 5G الجديدة عالية السرعة جزءاً من الطيف الراديوي قريباً من ذلك المستخدم بواسطة أجهزة قياس الارتفاع، وهي أجهزة تقيس ارتفاع الطائرات فوق الأرض. وتخطط الشبكات الخلوية لنقل العمليات إلى نطاق جديد من ترددات الراديو يسمى النطاق C.

تطمينات لم تجد نفعاً

في العام الماضي، أنفقت Verizon وAT&T مجتمعتين 67 مليار دولار للحصول على تراخيص طيف C-Band اللازمة لترقية شبكاتهما إلى الجيل الخامس، وفقاً لمجلة فوربس.

وقررت لجنة الاتصالات الفيدرالية، التي تدير مزادات الطيف الراديوي، أنه يمكن استخدام النطاق C بأمان في محيط المطارات. وحددت لجنة الاتصالات في عام 2020 حاجزاً بين نطاق 5G والطيف الذي تستخدمه الطائرات لحل أي مخاوف تتعلق بالسلامة.

لكن بعض منظمي الطائرات قلقون من أن أجهزة قياس الارتفاع الراديوية للطائرات، والتي تقيس مدى ارتفاع الطائرة فوق سطح الأرض لمساعدة الطيارين على الهبوط بمركباتهم في ظروف الرؤية المنخفضة والعمل أيضاً على ترددات C-Band، يمكن أن تتعطل بواسطة 5G. ورأى مدير إدارة الطيران الفيدرالية ستيفن ديكسون، المسؤول عن سلامة الطيران، مشكلة محتملة.

يوم الجمعة، طُلب من الشركتين تأجيل تفعيل C-Band 5G بالقرب من عدد غير محدد من "المطارات ذات الأولوية"، بينما أجرت إدارة الطيران الفيدرالية مزيداً من الدراسة.

الشركتان رفضتا المخاوف، فيما لاحظت مجموعة التجارة الصناعية اللاسلكية CTIA أن حوالي 40 دولة قد نشرت الشريط C-Band من 5G دون تقارير عن تداخل ضار مع معدات الطيران. وفي وقت سابق، قالت طيران الإمارات، وهي أكبر مشغل للطائرة بوينغ 777 في العالم، إنها علّقت رحلاتها إلى تسع وجهات أميركية اعتبارا من أمس الأربعاء.

وفي اليابان، قالت شركتا الطيران الرئيسيتان "أول نيبون" والخطوط الجوية اليابانية، إنهما ستقلصان عدد الرحلات بطائرات بوينغ 777.

وقررت لوفتهانزا الألمانية إلغاء رحلة من فرانكفورت إلى ميامي وتغيير بعض الطائرات من بوينغ 747-8 إلى 747-400. وأعنت الخطوط الجوية النمساوية التابعة للوفتهانزا تغيير طائراتها المستخدمة في الرحلات إلى نيوارك في نيوجيرزي من 777 إلى767.

قوانين الفيزياء هي نفسها في الولايات المتحدة وفرنسا. إذا سُمح لشركات الطيران الأميركية بتشغيل رحلات جوية كل يوم في فرنسا، فإن ظروف التشغيل نفسها يجب أن تسمح لها بذلك في الولايات المتحدة

وذكرت الخطوط الجوية الكورية أنها تجنبت استخدام طائرات 777 و747-8 في ست رحلات ركاب وشحن إلى الولايات المتحدة، بينما أعلنت الخطوط الجوية التايوانية عن إعادة جدولة بعض الرحلات.

المخاوف التي أبدتها شركات الطيران استمرت وتفاعلت إلى حد إعلان التأجيل الثالث لإطلاق الخدمة، على الرغم من عرض كل من الرئيس التنفيذي لشركة AT&T جون ستانكي، والرئيس التنفيذي لشركة فيريزون هانز فيستبيرغ، تقليل قوة شبكات 5G بالقرب من المطارات، كما فعلت فرنسا.

قال ستانكي وفيستبيرغ في خطاب، الأحد: "قوانين الفيزياء هي نفسها في الولايات المتحدة وفرنسا. إذا سُمح لشركات الطيران الأميركية بتشغيل رحلات جوية كل يوم في فرنسا، فإن ظروف التشغيل نفسها يجب أن تسمح لها بذلك في الولايات المتحدة".

وأضاف فيستبيرغ، في مذكرة صادرة عن شركته يوم الثلاثاء: "بينما تواجه صناعة الطيران العديد من التحديات، فإن 5G ليست واحدة منها".

تراخيص وفوائد 5G

وتسمح إدارة الطيران الفيدرالية للطائرات المزودة بمقاييس ارتفاع دقيقة وموثوقة بالعمل حول 5G عالية الطاقة. لكن لن يُسمح للطائرات ذات أجهزة قياس الارتفاع القديمة بالهبوط في ظل ظروف الرؤية المنخفضة.

وكان من المؤكد أنه سيُسمح لـAT&T وVerizon بإطلاق خدمة C-Band هذا الشهر بموجب التراخيص الممنوحة بالفعل، فيما على شركات الطيران إعطاء شركتي الاتصالات قائمة بما يصل إلى 50 مطاراً، حيث يُعتَقد أن قوة خدمة النطاق C يجب أن تنخفض حتى 5 يوليو/ تموز.

وحتى ذلك الموعد، ستتحدث شركات الاتصالات إلى إدارة الطيران الفيدرالية وشركات الطيران حول الإجراءات المحتملة طويلة الأجل في ما يتعلق بخدمة 5G بالقرب من المطارات.

ومع ذلك، بموجب شروط الاتفاقية مع إدارة الطيران الفيدرالية، ستتمتع AT&T وVerizon بالسلطة الوحيدة لتقرير ما إذا كان سيتم إجراء أي تغييرات في الخدمة.

كان نيكولاس كاليو، رئيس اتحاد النقل الجوي، أكثر صمتاً في تعليقاته حول الاتفاقية، على الرغم من أنه شكر المسؤولين الفيدراليين للتوصل إلى الصفقة مع AT&T وVerizon.

"السلامة ستظل دائماً على رأس أولويات شركات الطيران الأميركية"، بحسب كاليو، الذي تابع: "سنواصل العمل مع جميع أصحاب المصلحة للمساعدة في ضمان أن تتعايش خدمة الجيل الخامس الجديدة مع الطيران بأمان". وأصدرت إدارة الطيران الفيدرالية بياناً موجزاً حول التأخير، قائلة إنها تتطلع إلى "استخدام الوقت والمساحة الإضافيين لتقليل اضطرابات الرحلات المرتبطة بنشر 5G".

بموجب شروط الاتفاقية مع إدارة الطيران الفيدرالية، ستتمتع AT&T وVerizon بالسلطة الوحيدة لتقرير ما إذا كان سيتم إجراء أي تغييرات في الخدمة

وترى نينا بروكس، مديرة الأمن والتسهيل وتكنولوجيا المعلومات في إيه سي آي وورلد، في تقرير لموقع "إيربورت تكنولوجي"، فائدتين رئيسيتين لتكنولوجيا الجيل الخامس في المطارات: تعزيز التطبيقات الحالية، مثل معالجة طلبات الركاب وإدارة الأمتعة وعمليات المطارات، وتمكين التقنيات الجديدة، مثل الحوسبة المتطورة وإنترنت الأشياء، وإنشاء التوأم الرقمي والذكاء الاصطناعي.

ويلفت نائب رئيس شركة "سيتا" للاتصالات وتبادل البيانات جيل مورانغ إلى أنه "يمكن أن توفر هذه التقنية صيانة تنبؤية، مثل مراقبة أجزاء الكبح وتحسين استخدام الوقود ومغادرة الطائرات في الوقت المحدد، مع اتخاذ قرارات أسرع على متن الطائرة، وتساعد على تحسين العمليات وتحسين تجربة الركاب".

مطالب شركات الطيران

إلا أن كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات الطيران الأميركية رفعوا كتاباً إلى إدارة جو بايدن، يوم الاثنين، محذرين من "اضطراب كارثي" لعمليات السفر والشحن إذا قامت شركات الاتصالات بطرح تقنية الجيل الخامس كما هو مخطط لها.

وطلبت الشركات "أن يتم تطبيق 5G في كل مكان في البلاد باستثناء نطاق 2 ميل (3.2 كيلومترات) تقريباً من مدارج المطارات" في بعض المطارات الرئيسية.

تقول AT&T وVerizon إن أجهزتهما لن تتداخل مع إلكترونيات الطائرات، وأكدت الشركتان لصحيفة الغارديان أنهما كانتا تقيدان طواعية الانتشار بالقرب من بعض المطارات. والجيل الخامس هو أحدث جيل من الشبكات الخلوية، بعد الجيل الرابع، والتي تم تقديمها في أواخر عام 2009 وتستخدم في معظم الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة اليوم.

كل 10 سنوات تقريباً منذ 1980، تظهر شبكة من الجيل الجديد توفر سرعات أعلى وقدرات موسعة. وسمح الجيل الأول بالمكالمات الهاتفية، والجيل الثاني بالمراسلة، والجيل الثالث بالوصول إلى الإنترنت. اليوم، وفق الجيل الرابع، يمكن للمستخدمين تنزيل التطبيقات وبث الفيديو بسهولة وسرعة نسبيين.

من المتوقع أن يقدم الجيل الخامس مستويات جديدة من السرعة، ما يجعل من الممكن، على سبيل المثال، تنزيل فيلم على الهاتف في ثوانٍ والسماح بتوصيل المزيد من الأجهزة بالشبكة في وقت واحد. هذا الإجراء الأخير مهم بشكل متزايد، خاصة في الأماكن المزدحمة، وفقاً لـ"الغارديان".

تجادل شركات الاتصالات وأنصارها بأن صناعة الطيران كانت على علم بتكنولوجيا النطاق C لعدة سنوات لكنها لم تفعل شيئاً للتحضير

تتفق كل من لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، وإدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، وشركات الاتصالات على إمكانية وجود شبكات 5G والسفر عبر الخطوط الجوية معاً. في الواقع، لقد فعلوا ذلك بالفعل في ما يقرب من 40 دولة.

أشارت شركات الاتصالات إلى عدم وقوع أي حوادث في البلدان الأخرى، حيث تعمل شبكات الجيل الخامس، وتسير الخطوط الجوية الأميركية رحلات بانتظام إلى تلك البلدان.

وتجادل شركات الاتصالات وأنصارها بأن صناعة الطيران كانت على علم بتكنولوجيا النطاق C لعدة سنوات لكنها لم تفعل شيئاً للتحضير، إذ اختارت شركات الطيران عدم ترقية أجهزة قياس الارتفاع التي ربما تكون عرضة للتداخل، وفشلت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، في إطلاق معدات المسح على الطائرات حتى الأسابيع القليلة الماضية.

المساهمون