أزمة أسعار الأدوية تستفحل في لبنان: الحياة للأغنياء فقط

27 نوفمبر 2021
داخل صيدلية في بيروت (Getty)
+ الخط -

"الوصول إلى الأدوية إن وُجِدَت لم يعد متاحاً إلّا للأغنياء فقط في لبنان"، عبارة تردّدها أكثرية المواطنين الذين باتوا عاجزين عن شراء الأدوية في ظل مسار رفع الدعم التصاعدّي من دون أن تقدِّمَ الدولة أي بديل للصمود والعيش.
يقول رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي، في تصريح له بعد اجتماع مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إن "سبعين في المائة من أفراد الشعب اللبناني لا يستطيعون شراء الدواء".
ويشير إلى أن "هناك 35 مليون دولار حوّلت إلى وزارة الصحة لدعم أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والسرطانية وقد حدد وزير الصحة فراس أبيض الأولويات بناءً على هذا المبلغ، فخصّص للمستلزمات الطبية مبلغ 10 ملايين دولار ولأدوية الأمراض المستعصية والمزمنة 25 مليون دولار، منها 17 مليون دولار لأدوية الأمراض المستعصية والسرطانية، ويبقى نحو 7 أو 8 ملايين دولار لأدوية الأمراض المزمنة".
ويضيف "هذا المبلغ لا يكفي، لذا تم وضع دعم على شطور معينة، ومع ذلك بسبب انهيار قيمة الليرة إذا احتسبنا فقط فرق الدعم لدواء ما بنسبة 65 في المائة فالباقي، أي 35 في المائة غير المدعوم، يصبح أعلى من سعر الدواء".
ومن الحلول التي تم التطرق إليها في الاجتماع، يقول عراجي: "شراء أدوية الجنريك لأنها تخفف علينا المصاريف، إضافة إلى دعم صناعة الدواء الوطنية".
وقررت وزارة الصحة اللبنانية نتيجة قرار مصرف لبنان حصر الدعم بـ35 مليون دولار رفع الدعم عن أدوية الأمراض المزمنة بشكل جزئي مع اعتماد آلية الإبقاء على دعم 25 في المائة للأدوية الرخيصة، 45 في المائة للمتوسطة و65 في المائة لباهظة الثمن، ومع ذلك وفي مقارنة سريعة للأسعار نجد ارتفاعا غير مسبوق لأسعار الأدوية بحيث تفوق قدرة المواطنين على شرائها.

ويلفت أحد الصيادلة في بيروت، متحدثا لـ"العربي الجديد"، إلى أن أسعار الأدوية ارتفعت أكثر من 4 و5 مرّات، ومنها أدوية وصل سعرها إلى مليون ليرة لبنانية على صعيد أدوية الأمراض المزمنة، وهي أدوية يجب تناولها يومياً وبشكل منتظم، مشيراً إلى أن "الكثير من الأدوية ما زال مقطوعاً من السوق، وهو ما يجعل أسعارها أغلى من السعر الرسمي المحدد من قبل وزارة الصحة نتيجة بيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية".
مع الإشارة إلى أن نقيب الصيادلة غسان الأمين قال لـ"العربي الجديد" سابقاً، إن "رفع الدعم أولاً عن أدوية الـ(أو تي سي)، أي التي لا تحتاج إلى وصفة طبية ومن ثم جزئياً عن تلك المزمنة سيجعلها متوفرة في الأسواق، وإن بأسعار مرتفعة جداً، وهو ما قد لا يمكن الناس من شرائها"، بيد أن الكثير من الأدوية ما زال مقطوعاً في غالبية الصيدليات، وهو ما يؤكده الصيدلي، باعتبار أن الأسعار سترتفع في القريب العاجل، وهو ما يدفع البعض إلى مواصلة مسار التخزين لكسب أرباح طائلة عند رفع الدعم بشكل كلي، كما حصل مع بداية الأزمة.
ومن الأدوية التي شهدت أسعارها ارتفاعاً كبيراً مع رفع الدعم الجزئي عنها أدوية الأمراض المزمنة، أي المرتبطة بأمراض السكري والكولسترول، تريغليسيريد، والضغط وغيرها.
وعلى صعيد أدوية الضغط مثلاً كونكور 5mg كان سعره يصل إلى 19 ألف ليرة لبنانية وأصبح اليوم 69 ألف ليرة لبنانية، أدوية السكري كانت ما بين 70 و80 ألف ليرة وأصبحت تتخطى 700 ألف، وكذلك مثلاً أدوية الكولسترول هناك دواء كريستور كان بحدود 18750 ليرة أصبح بـ125 ألف ليرة، ليبيتور كان بحدود 40 ألف وأصبح بـ516 ألف ليرة، وإذا رفعنا العيار أكثر يتخطى 800 ألف سعر العلبة الواحدة، علمأ أن الدولار الواحد تخطى 24 ألف ليرة في السوق السوداء.

في المقابل، وعلى الرغم من إبقاء الدعم على أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية والنفسية والعقلية بيد أن تكاليف العلاج باتت مرتفعة جداً في المستشفيات، كما أن الأدوية المرتبطة بها رفع الدعم عنها وزادت كلها أعباء المرضى.
ويقول رئيس جمعية "بربرا نصار" لدعم مرضى السرطان هاني نصار، لـ"العربي الجديد": "هناك أدوية كثيرة لا تزال مفقودة عند وزارة الصحة وفي السوق، ولكن المشكلة أصبحت بكلفة العلاج، إذ إن الدواء وإن كان موجوداً فالمريض ليس قادراً على دفع الفاتورة الاستشفائية وفرق الضمان وغيرها من التكاليف، وعلى سبيل المثال كلفة جلسة علاج كيميائية باتت تفوق المليون ليرة".
من ناحية ثانية، يشير نصار إلى أنه "مع أن الدعم أبقيَ على الأدوية السرطانية لكن هناك أدوية يتناولها مريض السرطان رفع الدعم عنها، مثل أدوية الحماية التي بات سعرها بحدود 200 ألف، أدوية الغثيان أصبحت بحدود 180 ألفا، والمريض يحتاج لعلبة كل جلسة، وهذا عبء إضافي بالنسبة إليه".

المساهمون