أرامكو تخالف توجهات السوق وتتجه لزيادة استثماراتها وإنتاجها النفطي

07 أكتوبر 2020
السعودية تعتزم رفع إنتاجها إلى 13 مليون برميل نفط (فرانس برس)
+ الخط -

دفع ركود الطلب على النفط الخام خلال جائحة فيروس كورونا شركات النفط إلى التفكير في إمكانية أن تكون سوق الوقود الأحفوري قد بلغت ذروتها وأن الوقت قد حان لنقلة عالمية جديدة في الطاقة.
غير أن مصادر بصناعة النفط ومحللين قالوا لوكالة "رويترز" إن شركة أرامكو السعودية تعتزم زيادة قدرتها الإنتاجية بحيث يمكنها ضخ أكبر قدر ممكن من احتياطيات المملكة الضخمة عندما ينتعش الطلب قبل أن يفقد النفط قيمته بفعل التحول إلى مصادر نظيفة للطاقة.
وقالت المصادر إن أرامكو تعتقد أن بوسعها خفض الأسعار عن منافسيها ومواصلة تحقيق الربح حتى عندما تنخفض الأسعار، بما يحرم المنافسين من الربح، وذلك لأن المملكة تملك نحو 20 في المئة من الاحتياطيات العالمية المؤكدة كما أن تكاليف الإنتاج تبلغ أربعة دولارات فحسب للبرميل.

 

وقال مسؤولون ومصادر إن الرياض تعتزم الآن تنفيذ ما بدا تهديدا منها في مارس/ آذار خلال حرب أسعار النفط مع روسيا لزيادة الطاقة الإنتاجية من 12 مليون برميل يوميا إلى 13 مليونا.
ويتناقض نهج أرامكو تناقضا صارخا مع الشركات الغربية المنافسة لها مثل "بي.بي" و"شل" التي تعتزم تقييد الإنفاق على إنتاج النفط حتى يمكنها الاستثمار في الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة استعدادا لعالم يعيش في ظل نسب منخفضة من الانبعاثات الكربونية.
وأضافت المصادر أن الشركة النفطية العملاقة التي تديرها الدولة تعدل، بهذا التركيز الجديد على النفط، خطط التوسع الطموح في أنشطة المنبع (التكرير والتسويق) وتهدف الآن إلى اقتناص أصول في مشروعات قائمة في أسواق رئيسية مثل الهند والصين بدلا من بناء معامل عملاقة باهظة الكلفة من البداية.
وقالت أرامكو في بيان إننا "نتوقع أن يستمر نمو الطلب على النفط في الأجل البعيد تدفعه الزيادات السكانية والنمو الاقتصادي. وستدعم أنواع الوقود والمواد البتروكيماوية نمو الطلب... والتكهن بذروة وشيكة في الطلب على النفط لا يتفق ببساطة مع واقع استهلاك النفط".
 

خذ المال
تقول مصادر مطلعة على عملية رسم السياسات في المملكة إن إمكانية أن يكون النفط الخام قد بلغ ذروته تجعل اتجاه السعودية أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم لاستغلال احتياطياتها منه أكثر إلحاحا، ما دام ذلك بإمكانها لتوليد المال اللازم لتمويل الإصلاحات الاقتصادية السعودية.
ويحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنشاء صناعات جديدة لتقليل اعتماد المملكة على النفط، وذلك من خلال رؤية المملكة 2030 الطموح الرامية لتنويع الموارد الاقتصادية، إلا أن بن سلمان يحتاج لكي تنجح الخطة إلى سيولة مالية كبيرة ومبيعات أرامكو من النفط هي مصدر الإيرادات الرئيسي أمامه.
وقال أحد المصادر إن "ولي العهد قال إنه سيعمل على التنويع، لكنه لم يقل إنه سيقضي على صناعة النفط. وما دام بالإمكان تحقيق دخل أكبر منها فلم لا؟ خذ المال واستثمره في مجال آخر".
وأضاف: "لنتفق على أنه في ضوء الوضع الاقتصادي العالمي لن يتحقق التنويع الكامل بحلول 2030. فتخليص اقتصاد عملاق مثل السعودية بالكامل من الاعتماد على النفط يتطلب على الأقل 50 عاما أخرى. ولذا فما دام النفط معنا لنستخلص منه المزيد من المال إذا كان هذا مستطاعا".
 

تكلفة منخفضة
قالت مصادر مطلعة على تفكير المملكة في مجال النفط إن خطة أرامكو لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا محورية لاستراتيجيتها، إذ إنها تريد أن تكون جاهزة لاقتناص حصة أكبر من السوق عندما ينتعش الطلب.
وتقول المصادر والمحللون إن السعودية تحتاج أيضا للاستعداد للغموض المتوقع أن يكتنف أسعار النفط بعد وباء كوفيد-19 لضمان مواصلة خطط الإنفاق والإصلاحات الاقتصادية من دون أن تتأثر إلى حد كبير بسعر النفط عند 40 أو 60 دولارا للبرميل.
والتفكير السائد في السعودية هو أنه ما دام من المتوقع أن تظل أسعار النفط منخفضة وربما تتأرجح حول 50 إلى 60 دولارا للبرميل لسنوات فمن المفترض أن تتدعم أسعار النفط بفعل إغلاق الحقول في مناطق، مثل الولايات المتحدة التي ترتفع فيها كلفة إنتاج النفط.
وقالت المصادر إنه ربما يؤدي المرور بذروة الطلب على النفط أيضا إلى حرب أسعار جديدة ونهاية لمساعي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها للحد من الإمدادات، ولذا تريد الرياض أن تتسلح وتتأهب للمعركة.
وسيواجه كل منتجي النفط حاجة مماثلة لتحقيق الاستفادة المالية من احتياطياتهم ومن استثمارات الطاقة قبل أن تفقد قيمتها. وبخلاف السعودية، سيعتمد اقتصاد أعضاء أوبك مثل فنزويلا والعراق وإيران اعتمادا كبيرا على النفط والغاز.


مراجعة قطاع المصب
أحد الجوانب الرئيسية الأخرى في استراتيجية أرامكو يتمثل في مراجعة التنظيم الإداري الجديد للتطوير المؤسسي الذي أنشأته الشركة في أغسطس/ آب الماضي لخطط الشركة ذات الكلفة الباهظة للاستحواذ على أصول في قطاع المصب أي التكرير والتوزيع.

 

وكانت أرامكو قد راهنت رهانات كبيرة على البتروكيماويات وعلى تكرير النفط كوسيلة للتخفيف من أثر تباطؤ في نمو الطلب على النفط.
غير أن المصادر قالت إنه في صناعة ربما تكون على أعتاب ركود طويل الأجل تتطلع أرامكو الآن لشراء أصول يريد مستثمرون التخلص منها بدلا من إقامة مشروعات من الصفر.
وقالت المصادر  إن أرامكو أرجأت على سبيل المثال خططا لبناء مجمع للتكرير والبتروكيماويات باستثمارات تبلغ عشرة مليارات دولار مع شركة نورينكو الصينية العملاقة للصناعات الدفاعية في الصين.

وأضافت المصادر أن الشركة السعودية مهتمة بالاستثمار في مشروع آخر في الصين، حيث ستشتري حصة في مصفاة ومجمع بتروكيماويات تشيجيانغ جنوبي شنغهاي وتضع يدها على منشأة لتخزين النفط.
ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين في شركة تشيجيانغ للبترول والبتروكيماويات للتعليق.
كذلك تحرص أرامكو على الاستثمار في الهند وتجري مباحثات مع شركة ريلاينس إندستريز الهندية لشراء حصة نسبتها 20 في المائة في نشاطها النفطي والكيميائي، غير أن المفاوضات طالت حول سعر الصفقة.

(رويترز)
 

المساهمون