أعربت أربعة أحزاب اشتراكية مصرية عن انزعاجها من الخبر المتداول في وسائل الإعلام الرسمية، عن طرح 10% من أسهم "شركة أبو قير" للأسمدة للبيع في البورصة المصرية بمبلغ 2.2 مليار جنيه، أي بما يوازي 143 مليون دولار.
وتبلغ قيمة الشركة كلها 22 مليار جنيه مصري، ما يجعلها من أكبر الشركات في مصر، وهي شركة مساهمة تخضع لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981، وأغلب الشركاء من جهات عامة مصرية، بالإضافة إلى صندوق العاملين فيها، وصندوق الاستثمار السعودي الأهلي كابيتال بنسبة 8%.
وقالت الأحزاب في بيانها المشترك: "الشركة ناجحة بكل المقاييس، حيث تمتلك 3 مصانع (أبو قير 1 و2 و3) ووحدة خاصة أخرى لإنتاج الأسمدة، ومصنع بلاستيك لإنتاج شكاير الأسمدة. وتنتج الشركة 23 مليون طن من الأسمدة سنوياً، وتبيع 55% من إنتاجها لوزارة الزراعة بسعر مدعوم للفلاحين، وصادراتها آخر عام 1.6 مليون طن بمبلغ 2 مليار دولار، وحققت أرباحاً بـ 3.5 مليارات جنيه عام 20/21".
ومن هذا المنطلق، قالت الأحزاب: "إذاً فنحن إزاء شركة رابحة بكل المقاييس، وتمد السوق المحلي بسلعة بالغة الأهمية للزراعة، كما وتصدر الباقي للخارج، فلماذا البيع؟ يجب ملاحظة أنّ السماد سلعة حيوية مطلوبة بشدة في بلد زراعي كبلدنا، فلماذا نفرّط بأصول هامة تمدنا باحتياجاتنا، ثم نعود فنستوردها أو نشتريها بالسعر العالمي من القطاع الخاص المصري أو الأجنبي؟".
وتابعت الأحزاب: "أقصى طموح لأي دولة، إنشاء صناعات استراتيجية واستثمارات ناجحة مثل هذه، فلماذا نصفي شركاتنا الاستراتيجية؟ السبب الواضح هشاشة وضعنا الاقتصادي نتيجة للسياسات الحكومية التي تتميز بتخلف هيكلنا الإنتاجي عن ملاحقة احتياجاتنا، حيث نستورد أكثر من نصف احتياجاتنا من الغذاء، كما نستورد مستلزمات إنتاج وسلع وسيطة لأننا لا نمتلك صناعات ثقيلة، بل نصفي ما لدينا منها، مثل مصنع الحديد والصلب وشركة المراجل البخارية".
وأكدت الأحزاب الموقعة على البيان المشترك أن السياسات الاقتصادية الحكومية تتميز بالإغراق في الاستثمارات على مشاريع خدمية مثل الطرق والكباري على حساب الاستثمارات في الإنتاج الزراعي والصناعي، وعلى حساب الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، مع تبديد الكثير من الفائض في أشكال من الترف، بجانب نواحي الفساد المختلفة.
وأكدت أن "الحكومة تحل مشاكلها بتصديرها للطبقات الشعبية من طريق فرض الضرائب غير المباشرة على الفقراء، وترفع أسعار الوقود والكهرباء والرسوم الحكومية، ولكنها تخفضها على المستثمرين، مسببة ما لدينا من عجز مزمن في كل من الموازنة العامة للدولة".
وتابعت: "كما أننا نمتلك عجزاً ضخماً مزمناً في ميزان المدفوعات مع الخارج، ونعاني من فجوة استثمارية بين مدخراتنا المتواضعة واستثماراتنا. تحل الحكومة تلك المشكلة باستمرار بالاستدانة من الخارج والداخل حتى وصلت ديوننا الخارجية إلى 137.9 مليار دولار، وقاربت قيمة إجمالي الديون الخارجية والداخلية كل قيمة الناتج المحلي الإجمالي".
واعتبرت الأحزاب أن النتيجة الحتمية للاستدانة، هي الخضوع لشروط الدائنين الذين يصرون على أن يضمنوا إمكانية سداد ديونهم من طريق تملك الأصول الإنتاجية والخدمية لمصر، إذ تفرض اتفاقيات صندوق النقد المختلفة ضرورة ما تسميه التنمية المعتمدة على القطاع الخاص الذي يشمل المصري منه والأجنبي، مع تقليص دور الدولة، أي بيع أصول الدولة كما تم ويتم. ويعني هذا أنّ "الدولة بهذه السياسة الاقتصادية تعيش على إنتاجنا الحالي، وعلى تراكم إنتاج الأجيال السابقة علينا ببيع الشركات والأصول التي تم بناؤها من مدخراتنا، وعلى حساب الأجيال القادمة التي سيقع عليها عبء سداد أقساط الديون التي نستدينها".
وأكدت الأحزاب رفضها "خصخصة شركة أبو قير للأسمدة"، ورفضها "السياسات الاقتصادية التي لا تنمي الإنتاج المحلي، وتقود للعجز والاستدانة، وتوقعنا في فخ الديون الأجنبية الذي عانينا منه قبلاً مثل عهد الخديوي إسماعيل.. نرفض خصخصة شركاتنا وأصولنا المحلية. ونطالب بسياسات إنتاجية تتوجه للاعتماد على أنفسنا وإشباع احتياجات الطبقات الشعبية".
الأحزاب الموقعة هي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وحزب العيش والحرية تحت التأسيس، والحزب الشيوعي المصري، والحزب الاشتراكي المصري.