أجبان اليمن مصدر رزق للأهالي

26 ديسمبر 2022
المواطنون يبحثون عن فرص عمل بإمكانيات بسيطة من أجل كسب لقمة العيش (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

يقف الشاب أحمد العريقي معظم ساعات اليوم لبيع الجبن "البلدي" محلي الصنع على أحد الأكشاك كما يطلق عليه في منطقة الحوبان على المدخل الشرقي لمدينة تعز جنوب غربي اليمن.

يقول العريقي لـ"العربي الجديد" إنّه يجلب هذه السلعة الغذائية من مراكز بيع خاصة في مدينة تعز أو من باعة وتجار يأتون بها من بعض مناطق تعز الريفية التي تشتهر بصناعة وإنتاج مختلف أنواع الجبن.

وتعتمد كثير من الأسر اليمنية على صناعة الجبن البلدي كمصدر دخل رئيسي خصوصاً القاطنين في المناطق المحلية الريفية، إذ تُستخرج المادة الرئيسية لصناعته من حليب الماعز وغيرها من المواشي مع إضافة مزيد من الحليب إليها، وإنتاج العديد من الأنواع والأصناف المتداولة في اليمن مثل "العوشقي" والقاحزي" و"الهاملي".

ويشير مبارك المقبني، وهو من سكان ريف تعز، ويعمل في صناعة الجبن، لـ"العربي الجديد" إلى نوع آخر يطلق عليه "العوبة"، أو ما يعرف كذلك في بعض المناطق بالأجبان الخضراء، والذي يؤكد أنّه الأكثر طلباً من المستهلكين في عموم المناطق اليمنية، إذ يشبه هذا الصنف "الزبادي" إلى حد بعيد، ولا تزيد مدة صلاحيته عن يومين لأنّ عملية إنتاجه يراعى فيها عدم إضافة أي مواد حافظة.

وتتفاوت الأسعار من سوق إلى آخر في اليمن بحسب النوع ومدة الصلاحية، إذ يتراوح سعر الطبق الواحد من "الجبنة المدورة" بين 3000 ريال و7000، بينما يزيد في بعض المناطق كصنعاء وعدن وشبوة والحديدة مع احتساب تكاليف نقل وحفظ السلعة من مناطق الإنتاج إلى الأسواق في هذه المناطق (الدولار = نحو 1200 ريال).

ويشرح العامل في إنتاج الجبن، نعمان الوازعي، لـ"العربي الجديد" عملية إنتاج هذه الأنواع من الأجبان بالقول إنّها تمر بعدة مراحل تبدأ بتجفيف المادة المستخرجة من حليب الماشية، والتي يطلق عليها كيس "اللفح" أو "الملبن" كما يعرف في كثير من المناطق المنتجة، ثم إعداد وتجهيز المواد الحاملة أو الأطباق ووضعها على النار لإنضاجها.

وتتضمن خريطة إنتاج هذه السلعة في اليمن مناطق مقبنة وهجدة وموزع والبرح في غرب تعز، فضلاً عن مناطق بالحديدة، بينما ينتج بشكل ضئيل ومحدود في مناطق اليمن الشرقية بالاعتماد على حليب الإبل.

ويفضل كثير من المستهلكين هذه الأصناف من الأجبان المنتجة محلياً، ويحرصون على البحث عنها وشرائها وفحص جودتها ونوعيتها، إذ تعتبر وجبة رئيسية في كثير من موائد اليمنيين، ولا سيما في تعز والمحافظات والمناطق القريبة منها.

ويقول أحد سكان إب، وسط اليمن، عبد الله المصعبي، لـ"العربي الجديد" إنه يحرص على شراء هذا الصنف من الجبن المنتج محلياً بالرغم من ارتفاع سعره مقارنة بالأنواع المستوردة. وتتطلب العملية بالنسبة للمواطن علي الدعيس، رحلة بحث شاقة في أسواق مدينة إب للحصول على الجبن، فهو لا يباع عادة إلّا في أماكن محددة، وفي عمليات تداول عشوائية غير منظمة.

ساهمت الحرب بالرغم من تبعاتها القاسية على اليمنيين في ازدهار كثير من الأعمال والمهن والصناعات التي كانت قد دخلت في مرحلة من الإهمال الشديد بسبب العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية.

يشرح العامل في إنتاج الجبن، نعمان الوازعي، لـ"العربي الجديد" عملية إنتاج هذه الأنواع من الأجبان بالقول إنّها تمر بعدة مراحل تبدأ بتجفيف المادة المستخرجة من حليب الماشية

ويشكو عاملون في الصناعات الإنتاجية الغذائية المحلية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الأعمال الحرفية والمهنية من تأثير الحرب عليهم، كما يلفتون إلى ما تتعرض له الأسواق المحلية في اليمن من إغراق واسع بالسلع المقلدة، مع عدم الاهتمام بمنتجاتهم، والمساهمة في الترويج الداخلي والخارجي لبضائعهم.

يأتي هذا بالإضافة إلى عدم إيلاء الكوادر ذات الخبرة الطويلة عناية خاصة، ووضع البرامج والخطط المناسبة لنقل خبراتهم وتجاربهم للكوادر الجديدة من الشباب التي يمكن الدفع بها إلى العمل بهذه المهن والصناعات، حسب عاملين في هذا المجال.

بدوره، يرى الباحث الاقتصادي مختار السعيدي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ الإغراق ضاعف فاتورة استيراد اليمن من الخارج، وتسبب بالمقابل في تهميش كثير من الصناعات الإنتاجية المحلية المتوسطة التي يمكن دعمها وتطويرها، وتوسيع رقعة انتشارها لتغطية جزء من احتياجات السوق المحلية مثل منتجات الألبان ومنها الجبن المنتج محلياً، ويجد منتجوها صعوبة بالغة في تسويقها وإيصالها إلى مختلف الأسواق في المناطق اليمنية.

ويطالب السعيدي بتنويع عملية الإنتاج بطرق حديثة بما يساعد سكان هذه المناطق على تحسين دخلهم.

 

المساهمون