آراء متضاربة حول ربط غلاء فواتير الطاقة بسياسات المناخ

21 أكتوبر 2022
يتكبد المواطنون في غالبية الدول أعباء كبيرة لسداد فواتير الطاقة (Getty)
+ الخط -

تُلقي العديد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي باللوم على سياسات تغير المناخ في ارتفاع أسعار الطاقة، وهذا ما دفع بوكالة "فرانس برس" إلى تقصّي مدى صحة هذا الادعاء عبر التواصل مع خبراء للاطلاع على ما إذا كان هذا الادعاء صحيحا أم لا.

إليك التفاصيل.

أحد مستخدمي "تويتر" البارزين في الولايات المتحدة، ويُدعى جيم سلايتر، كتب في 4 أكتوبر/تشرين الأول الحالي إن "ارتفاع أسعار الطاقة كلها جزء من أجندة المناخ. اجعل خيالهم "الطاقة الخضراء" يتحقق بجعل الوقود الأحفوري لا يمكن تحمله". ومثل هذه الانطباعات برزت في أستراليا وبريطانيا وكندا وغيرها.

أما الخبراء، فمنهم من يقول إن بعض السياسات المناخية قد ترفع بعض الأسعار على المدى القصير، لكنها تساعد في خفض التكاليف على المدى الطويل بشكل عام، في حين أن الارتفاع الحالي مدفوع إلى حد كبير بحرب أوكرانيا.

في هذا السياق، يقول أستاذ سياسة المناخ في جامعة الأبحاث السويسرية في زيورخ، أنتوني بات: "من المحتمل أن تتسبب سياسات المناخ الحالية في انخفاض أسعار الطاقة الآن، على الرغم من تعقيدها، وقد تتسبب في بعض الحالات في ارتفاع الأسعار على المدى القصير".

وأضاف أن "السبب الرئيسي للارتفاع الحالي في أسعار الطاقة هو الجغرافية السياسية، لا سيما حرب أوكرانيا، فضلا عن عوامل أخرى لا علاقة لها بسياسة المناخ كالجفاف والأضرار التي لحقت بمحطات الطاقة النووية".

فواتير طاقة المنازل 

من جهتها، الباحثة الأولى في مجال الطاقة في "معهد التغيّر البيئي" في جامعة أكسفورد، تينا فوسيت، قالت إن السياسات التي تلزم الشركات بالاستثمار في تعزيز كفاءة الطاقة قد ترفع أسعار الوحدات، لكن تعزيز الكفاءة يبقي التكاليف على المستخدمين منخفضة بشكل عام.

وأوضحت أن "بعض سياسات المناخ والطاقة، مثل التزامات شركات الطاقة، تؤدي إلى زيادة التكلفة لكل كيلوواط/ساعة. ومع ذلك، فإذا كانت المخططات جيدة وأظهر التحليل أنها يمكن أن تكون فعالة للغاية من حيث التكلفة، فإنها ستقلل من فواتير الطاقة من خلال توفير طاقة العملاء".

أما بات فيقول إنه في بلدان مثل ألمانيا، أدت سياسات المناخ إلى ارتفاع أسعار الكهرباء من خلال تثبيت التعريفات على مصادر الطاقة المتجددة التي جرى تمويلها برسوم إضافية على أسعار الكهرباء، لكن التأثير كان قصير المدى فقط، حيث انخفضت الرسوم لاحقا إلى ما دون أسعار السوق.

الطاقة المتجددة

وفي ما يتعلق بالطاقة المتجددة، خلصت دراسة، نُشرت في مجلة الطاقة المستدامة "جول" Joule في سبتمبر/أيلول 2022، إلى أن "التحوّل السريع للطاقة الخضراء من المرجح أن يؤدي إلى توفير إجمالي صافٍ يصل إلى عدة تريليونات من الدولارات، حتى من دون احتساب الأضرار المناخية أو الفوائد المشتركة لسياسة المناخ".

الباحثة المشاركة في الاقتصاد البيئي في جامعة أكسفورد، سوغاندا سريفاستاف، تعتقد أنه بمجرد بناء البنية التحتية، "تصبح الرياح وأشعة الشمس مجانية. أنت تدفع فقط تكلفة تركيب المعدات، لكن مصدر الوقود وفير. ومن ناحية أخرى، بالنسبة للوقود الأحفوري، حتى بعد بناء محطة للطاقة، عليك أن تدفع ثمن الوقود باستمرار".

النفط والغاز

وردا على الانتقادات الموجهة إلى تدابير مثل قانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن، يقول المتخصصون إن مثل هذه السياسات المناخية لا ترفع أسعار النفط والغاز.

الأستاذ المشارك في الهندسة المدنية والبيئية بجامعة رايس في تكساس، دانيال كوهان، قال إن القانون "لا يفعل شيئا لمعاقبة صناعات الوقود الأحفوري أو رفع تكلفة هذه الأنواع من الوقود، باستثناء ضريبة صغيرة على تسرب الميثان".

وقال كوهان: "في الواقع، من خلال دعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة، سيؤدي ذلك إلى خفض الطلب على هذه الأنواع من الوقود وتقليل تكاليفها".

أما بات فقال من جهته إن الضرائب على منتجات الوقود الأحفوري مثل البنزين، والتي تُفرض جزئيا في بعض البلدان لأسباب بيئية، "يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لكن الإيرادات الضريبية تُستخدم لأشياء أخرى، مثل استبدال الضرائب الأخرى. لذا، بينما قد ترتفع أسعار الطاقة، تنخفض أسعار أخرى، ويكون التأثير الصافي في الأساس لا شيء".

حرب أوكرانيا

وكانت أسعار الطاقة ترتفع بالفعل عام 2021، وارتفعت الفواتير منذ غزو روسيا أوكرانيا في فبراير/شباط على نحو ملحوظ. وفي السياق، أشارت "وكالة الطاقة الدولية" IEA، في تحليل في أكتوبر/تشرين الأول 2021، إلى أن العوامل الكامنة وراء ارتفاع أسعار الغاز والفحم والكهرباء والبنزين شملت الانتعاش المفاجئ بعد وباء كورونا.

وأدى غزو أوكرانيا لاحقا في فبراير/شباط 2022 إلى تعطيل الإمدادات وفرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي.

وانتقد رئيس وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، التأكيد أن "أزمة الطاقة العالمية الحالية هي أزمة طاقة نظيفة"، ووصفها بأنها "أسطورة" و"مغالطة" في مقال نشرته الشهر الماضي صحيفة "فايننشال تايمز". بيرول كتب أنه "عندما يلقي الناس باللوم بشكل مضلل على سياسات الطاقة النظيفة والمناخ في أزمة الطاقة الحالية، فإنهم، عن قصد أو بغير قصد، يقومون بإبعاد الأضواء عن الجناة الحقيقيين المتسببين في أزمة إمدادات الغاز".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون