"دافوس في الصحراء" ينطلق الثلاثاء في السعودية

23 أكتوبر 2022
بدأت فكرة المنتدى عام 2017 في إطار خطة السعودية لتنويع اقتصادها (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن يصل مئات من الرؤساء التنفيذيين وقادة القطاع المالي إلى الرياض هذا الأسبوع لحضور منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار"، والذي يطلق عليه "دافوس في الصحراء"، ويقول محللون إنه سيسلط الضوء على القوة الجيوسياسية للسعودية، رغم توتر علاقتها مع الولايات المتحدة.

أُطلقت المبادرة في 2017 كنافذة على العالم لأكبر مصدّر للنفط في العالم، فيما يحاول تنويع اقتصاده بعيداً عن الذهب الأسود، تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتأتي نسخة العام الحالي من المؤتمر بعد استقبال المملكة زيارات من رئيس الوزراء البريطاني وقتها بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الأميركي جو بايدن، مما يبرز تنامي النفوذ السعودي وسط أزمة الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وهو ما ينطبق أيضاً على الحضور خلال المؤتمر الاستثماري الذي يعقد بين الثلاثاء والخميس، ويضم أكثر من 6 آلاف مشارك و500 متحدث، بزيادة 200 متحدث عن العدد القياسي السابق.

نفوذ اقتصادي وجيوسياسي

وبحسب الباحث في معهد بيكر بجامعة رايس، كريستيان أولريتشسن الذي قال لوكالة "فرانس برس" فإن "تشابك الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة وارتفاع أسعار النفط أدى إلى منح السعودية مستوى أكبر من النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي هذا العام، مقارنة بكل نسخة سابقة باستثناء النسخة الأولى في 2017".

وفي مؤتمر صحافي للتعريف بتفاصيل المؤتمر، شدد الرئيس التنفيذي لـ"مبادرة مستقبل الاستثمار" ريتشارد آتياس على أن المؤتمر ليس عن السعودية، بل هو "مؤتمر دولي يعقد في السعودية، يظهر أن الرياض والمملكة أصبحت بالتأكيد مركزاً عالمياً".

وأشار آتياس إلى أنّ قائمة الحضور تتضمن قادة أعمال من دول أميركا اللاتينية التي لم تكن ممثلة في السنوات الماضية، بالإضافة إلى "وفد ضخم من الصين" يضم أكثر من 80 مديراً تنفيذياً صينياً.

حضور أميركي في "دافوس في الصحراء"

وتوقع آتياس في تصريحات لوكالة "رويترز" حضور أكثر من 400 مشارك من الولايات المتحدة هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن تلك هي أكبر مشاركة من دولة أجنبية.

ويشارك في نسخة العام الحالي التي تعقد في الفترة من 25 وحتى 27 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، جيمي دايمون الرئيس التنفيذي لبنك "جيه.بي مورغان"، وجون ستودزينسكي نائب رئيس شركة بيمكو، ومدير تنفيذي من "بي.إن.واي ميلون" كمتحدثين في المنتدى، وقال متحدثون باسم شركاتهم إن جميعهم ما زالوا يعتزمون الحضور.

كما أن مديرين تنفيذيين كباراً من "غولدمان ساكس" و"بلاكستون" و"بريدجووتر أسوشيتس" و"بوينغ" و"فرانكلين تيمبلتون" على جدول المؤتمر. 

وأظهرت بيانات رفينيتيف أن "جيه.بي مورغان" حقق ما يقرب من 77 مليون دولار من رسوم الخدمات الاستثمارية المصرفية في السعودية العام الماضي، بينما حققت "غولدمان ساكس" 42 مليون دولار. ولا يزال "جيه.بي مورغان" في الصدارة، إذ جنى ما يزيد عن 39 مليون دولار من تلك الرسوم حتى الآن هذا العام.

وقال عادل حمايزية، المدير في هايبريدج للاستشارات والزميل الزائر في جامعة هارفارد: "في الأغلب، لا أرى شركات أميركية تتجنب فعلياً السعودية بسبب التوترات السياسية الأخيرة".

وتابع قائلاً إن "الشركات الأميركية ستكون شريكاً مهماً في مجال الاستثمار السعودي وخطط النمو في القطاعات التقليدية، وكذلك أيضاً في القطاعات ‭‭‭'‬‬‬الأحدث‭‭‭'‬‬‬ ومنها السياحة والترفيه وإنتاج السيارات الكهربائية والتكنولوجيا وقطاع صناعات الدفاع المحلي الوليد".

وتعكس مبادرة مستقبل الاستثمار رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتنمية وتقليل اعتماد اقتصاد المملكة على النفط، من خلال إنشاء صناعات جديدة توفر فرص عمل لملايين السعوديين، وجذب رؤوس الأموال والكفاءات الأجنبية.

الاستثمار الأجنبي المباشر ثابت

وما زال حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة أقل من المستهدف، على الرغم مما تشهده المملكة من تحركات في قطاعات جديدة، مع انفتاحها على آفاق جديدة. وبالتزامن مع حصول بوينغ على عقد دفاعي بقيمة 80 مليون دولار العام الماضي، أعلنت شركة فيديكس عن خطة استثمارية بقيمة 400 مليون دولار لمدة عشر سنوات في المملكة، أكبر اقتصاد في العالم العربي.

وبلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة في النصف الأول من العام 15.3 مليار ريال (4.07 مليارات دولار)، أي تقريبا خمس حجم الاستثمارات التي دخلت المملكة في عام 2021 البالغة 19.3 مليار دولار، والتي تضمنت استثمارات بقيمة 12.4 مليار دولار في البنية التحتية لشبكة أنابيب النفط التابعة لعملاق النفط أرامكو.

وهذا الرقم يقل كثيراً عن هدف المملكة لعام 2030 البالغ 100 مليار دولار سنوياً في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى الوصول بالاستثمار الأجنبي المباشر إلى ما يعادل ستة بالمئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

ولا يزال الغموض يسود البيئة التنظيمية والضريبية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، ونقص العمالة المحلية الماهرة، حتى بعد أن أعطت الرياض مهلة للشركات لتأسيس مقرات إقليمية في المملكة بحلول عام 2024 وإلا ستواجه خسارة عقودها الحكومية المربحة.

وقال جاستن ألكسندر، مدير شركة "غالف إيكونوميكس" والمحلل المتخصص في الشأن الخليجي لدى "غلوبال سورس بارتنرز" عن "تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ظلت إما ثابتة أو منخفضة... أقل حتى من واحد بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما لم تحقق بعض الأسماء البارزة التي ضخت استثمارات نجاحات كبيرة، حتى بعد حصولها على دعم حكومي".

وهذا ما جعل الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي) يحاولان الوفاء بالوعود التي قطعها ولي العهد بتنويع موارد الاقتصاد، بمساعدة من الفوائض المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط.

وأدى تدهور الآفاق الاقتصادية العالمية وتقلبات سوق النفط إلى زيادة المخاطر أمام متابعة الحكومة تنفيذ رؤية 2030، والتي تتضمن مشروعاً بقيمة 500 مليار دولار لبناء منطقة اقتصادية ضخمة عالية التقنية على البحر الأحمر تسمى نيوم، تهدف في نهاية المطاف إلى استيعاب تسعة ملايين شخص.

وقال نيل كويليام الزميل المشارك بمركز "تشاتام هاوس" للأبحاث، إن "الحكومة السعودية لا تستطيع تحمل دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى أجل غير مسمى، لكن في الوقت الحالي لا يوجد بديل حقيقي لأن الشركات المحلية غير مؤهلة للعب هذا الدور، فيما لا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر مخيباً للآمال".

(الدولار = 3.75 ريالات سعودية) 

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون