من المؤكد أنّ تحوّل قطاع النقل من المحروقات إلى الكهرباء أمر ضروري لتعزيز حماية البيئة وتحصين الصحة العامة، لكن بلوغ مرحلة "صفر" انبعاثات من شأنه أن يشكل تهديداً وجودياً للسيارات الصغيرة والرخيصة، كما هي الحال بالنسبة لليابان، على سبيل المثال، حيث تستهدف السلطات انتقالاً كاملاً على هذا الصعيد بحلول العام 2050، على أن تمنع بيع السيارات الجديدة العاملة بالوقود فقط في منتصف ثلاثينيات هذا القرن.
يُطلق على هذه السيارات باليابانية اسم "كي" Kei، بمعنى "خفيفة"، ويُقصد بها هنا فئة من السيارات تشكل نحو ثلث مبيعات السيارات المحلية الجديدة في اليابان، حيث إنها وسيلة مواصلات شائعة خارج المدن الكبرى، ويستخدمها خاصة المزارعون والأسر التي تحتاج إلى مركبات متعددة للتنقل، باعتبارها رخيصة وتُصنَع أساساً للبيع في السوق المحلية، وهي مزوّدة بمحركات محدّدة، بموجب القانون، بمقاس 660 سنتيمتراً مكعباً تعادل 40 إنشاً مكعباً.
ومع تعهد رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، في العام 2020، بإزالة الكربون من بلده بحلول العام 2050، وتخطيطه لحظر بيع سيارات البنزين بحلول منتصف العام 2030، وجدت شركات صانعة للسيارات المدمجة نفسها أمام أزمة، ومن بينها "هوندا موتور" Honda Motor، و"نيسان موتور" Nissan Motor، حيث إن الكلفة الإضافية المترتبة على التكنولوجيا الخضراء تجعل سياراتها أعلى كلفة بالنسبة للراغبين بشرائها.
بالأرقام، يمكن أن تضيف تكنولوجيا الكهرباء إلى السعر بين مليون ومليونَي ين، أي ما بين 9600 دولار و19200 دولار إلى سعر "كي"، الأمر الذي قد يضاعف سعرها، وفقاً لمركز "أبحاث طوكيو توكاي".
رئيس الاتحاد الياباني للمركبات الصغيرة هيتوشي هوري، نقلت عنه شبكة "بلومبيرغ" الأميركية قوله إن "الملاءمة والقدرة على تحمّل التكاليف هما بمثابة شريان الحياة بالنسبة للسيارات المدمجة التي هي وسيلة نقل مهمة تعمل كبنية تحتية بديلة تحل محل وسائل النقل العام".
وسيارات "كي" شائعة في الأرياف، حيث أنظمة النقل العام محدودة، بينما تُعد مناسبة تماماً للطرق الضيّقة في اليابان، والتي يكفي عرض 85% منها فقط لمرور سيارتَي "كي"، وفقاً لتصريحات أدلى بها رئيس "اتحاد مصنعي السيارات اليابانية" والرئيس التنفيذي لشركة "تويوتا موتور كورب" أكيو تويودا، في ديسمبر/ كانون الأول الفائت.
وقد دفعت عقود من الركود الاقتصادي في اليابان المستهلكين إلى تفضيل سيارات "كي"، حيث بيعت نحو 1.7 مليون وحدة في العام الماضي إجمالاً رغم تأثيرات وباء كورونا، في حين ظلت المبيعات ثابتة في السنوات الماضية، وفقاً لـ"اتحاد المركبات اليابانية المصغرة".
وعلى ضوء تأثير كورونا سلباً في النشاط الاقتصادي عموماً، وعودة معدل البطالة في اليابان إلى نحو 3%، فإن ثقة المستهلكين تنحو باتجاه الهبوط، فيما من المرجح أن يضع ارتفاع أسعار سيارات "كي" عبئاً ثقيلاً على ذوي الدخل المنخفض، خاصة كبار السن، والنساء اللواتي يعمل كثيرات منهن بدوامات جزئية ويكسبن أقل من الرجال في المتوسّط.