Don’t Breathe... من أفضل أفلام صيف 2016

12 سبتمبر 2016
(يوتيوب)
+ الخط -
مفاجأة سعيدة تلقتها دور السينما قبل أسبوعين، حين عرض فيلم Don’t Breathe، الفيلم الذي لا يشارك في بطولته أي نجم معروف، ويقوم بإخراجه فيد ألفاريز الذي أخرج فيلماً واحداً غير ناجح من قبل، وميزانيته نفسها محدودة جداً بالنسبة للأفلام الأميركية اليوم (10 ملايين دولار فقط)، ولا تقف وراءه شركة إنتاج أو توزيع كبرى، ولكن هذا الفيلم. الذي لا يمتلك أي سبب منطقي للنجاح. أصبح أهم فيلم في العالم منذ صدوره، احتل قمة شباك التذاكر الأميركي لأسبوعين متتاليين (وكان الوحيد الذي أزاح Suicide Squad)، إلى جانب المديح النقدي الضخم الذي ناله على مستواه الفني، ليصبح Don’t Breathe من أفضل أفلام صيف 2016 الأميركية.

الفيلم تدور أحداثه حول 3 شباب يقومون بعمليات سطو على البيوت الفارغة، ويقررون بفعل الطمع القيام بعملية أخيرة تبدو سهلة، وهي السطو على بيت رجل أعمى، قائد جيش سابق فقد عينيه في حرب العراق، وبعد دهس ابنته بسيارة عائلة غنية يتم دفع تعويض ضخم له (يبلغ مليون دولار) في مقابل تنازله عن القضية، والشباب الثلاثة يقررون أن السطو على البيت وسرقة الأموال ستكون عملية سهلة، ويبدؤون في المهمة التي تنقلب عليهم تماماً، حين يستيقظ الرجل الأعمى، ويبدو أقوى كثيراً مما ظنوا، حيث يغلق عليهم أبواب البيت وتتبدل الأدوار بين الجاني والمجني عليه.

هذا الفيلم رائع فعلاً، وفي العديد من تفاصيله، أكبر تلك التفاصيل هو الكيفية التي يجدد فيها في صنف مثل "سينما الرعب" ويستخدم كل المعطيات القديمة التي تخصها، مثل "رعب السطو" و"البيوت المهجورة" و"الأماكن المغلقة" وكذلك "رعب الظلام"، ولكنه يدمج كل تلك التفاصيل بشكل مختلف، وهو أقوى تأثيراً لأنه لا يقوم على المبالغة، العدو هنا ليس شبحاً، والحصار لا يحدث بسبب تدخلات فوق الطبيعية، العدو هو رجل أعمى يفترض أن يكون الضحية، وفجأة يتحول كل شيء لكابوس.

من جانب آخر، هناك شيء شديد القوة في الفيلم وهو التلاعب العاطفي والأخلاقي مع المُشاهد بشأن الجانب الذي سينتمي إليه ويتمنى أن ينجو، نحن أمام عصابة (اثنين تحديداً) نتورط معهم ونعرف أطيب مما يبدو عليهم، وفي كل الأحوال هم أضعف كثيراً من خصمهم. ذلك الخصم الذي ــ في النهاية ــ هو مجرد رجل أعمى يجلس في بيته وأتوه ليسرقوه، هذا التداخل الرائع جداً بين (الجاني الضعيف) و(المجني عليه القوي) من ضمن المنجزات المهمة في هذا الفيلم، تحديداً في النصف الأول من الأحداث الذي تحدث فيها مطاردات في البيت.
أما الجانب الثالث من أهمية الفيلم هو الجانب الإنتاجي، والقدرة في ظل الجنون الذي يسود العالم اليوم من الناحية الاقتصادية، وأن الأفلام أصبحت تكلفتها 200 و300 مليون دولار، يأتي من بعيد جداً وفي ذروة الصيف فيلم تجاري بميزانية محدودة، يجمع الجمهور وفي نفس الوقت يقدم عملاً فنياً مهماً، يجمع الجمهور والنقاد في صف واحد، وبـ10 ملايين دولار فقط، مما يجعل الأمور متاحة، السينما قبل المؤثرات الضخمة والانفجارات الكبرى.

وبالحديث عن الإخراج فإن الأورغواياني فيد ألفاريز قدم عملاً إخراجياً ممتازاً، وهو البطل الأول في هذا الفيلم، كل التفاصيل البصرية والسمعية، الطريقة الفعالة التي يقدم بها الشخصيات، أو التي يبني بها ديكور البيت ذا الممرات الكثيرة التي تشعرك طوال الوقت بالحصار، أوقات الصمت والضغط والشعور بـ"لا تتنفس"، والذي يصيب المشاهدين أيضاً وليس فقط المتفرجين، كل شيء في إخراجه لهذا العمل كان رائعاً، وبإيقاع منضبط جداً، وبقيادة فعالة للممثل "ستيفن لانج" الذي منحه روح العمل، "لانج" يقدم أداء قديراً جداً لدور الرجل الأعمى، الملامح الجامدة والجسد القوي، وحتى العين التي تثير الرعب أكثر من التعاطف كانت أمورا في صلب قوة الفيلم؛ لأنها تتناقض مع الهشاشة التي نفترض أن يكون عليها، وهذا الخليط الاستثنائي كان فعالاً جداً، ليقدم واحدة من أفضل التجارب الفنية والتجارية التي عرضت في صيف 2016 على الإطلاق.




دلالات
المساهمون