تستعيد "جمعية أمزيان" في مدينة الناظور شمال المغرب تجربة الكاتب المسرحي الحسين القمري (1944) من خلال محترف للمسرح الأكاديمي، الذي يختتم اليوم، في دورة جديدة تنعقد أكثر من مرة في السنة.
التظاهرة التي يشرف على محترفاتها المسرحي ياسين بوقراب، مفتوحة للمشاركات من كافة المناطق في البلاد، ويشارك فيها حالياً 32 مسرحياً ومسرحية من خلفيات مختلفة بين الدراما والكوميديا والتجريب، وقد جرى اختيارهم من بين 89 متقدم، من بينهم الممثلين المسرحيين سكينة فضل وإكرام الحجازي ونعيم أزوغ، وكركار عز الدين وآخرين.
المحترف الذي تنظمه الجمعية الأمازيغية يكشف عن غياب المؤسسات الرسمية التي توفر التدريب الضروري للمسرحي المغربي خارج الحواضر الكبرى مثل الرباط وطنجة ومراكش والدار البيضاء، واقتصار الجهات والمعاهد الأكاديمية المتخصصة في الفن الرابع على المدن المركزية في المغرب.
في هذا السياق، تركّز الدورة على تجربة القمري وهو ابن مدينة الناظور، والذي قدّم عدة مسرحيات إشكالية ذات مضامين ناقدة على المستوى السياسي والاجتماعي، إلى جانب أعمال تاريخية، وأخرى تهكمية الطابع، تحكي عن التناقضات والتحولات التي عاشتها المغرب. من أبرز أعمال القمري "جحا يتسلم بطاقته الوطنية"، و"بطولة العرش"، و"عمالقة يذوبون سفينة نوح"، وغيرها.
تضمّنت المحاور التي عالجتها الورش المختلفة أساليب التمثيل المسرحي نظرياً وتطبيقياً، كما ناقشت العلاقة بين المخرج والممثل، والممثل والنص، وكيفية تقمّص الشخصية، وقراءة السيناريو وتحليله.
من جهة أخرى، وبالنظر إلى تاريخ محترفات التدريب المسرحي في المغرب، فقد كانت الأساس في تطوير الحركة المسرحية المغربية، التي بدأت بفرق للهواة، وكان للمسرحيين الطيب الصديقي والطيب العلج تأثير كبير بمحترفاتهما التكوينية التي انطلقت في الثمانينيات، لكن هذا الدور الريادي لورش التكوين والملتقيات والمحترفات تراجع في السنوات الأخيرة مع تراجع المسرح نفسه.
لا شك أن المحترفات وورش تكوين الممثل تفيد الأخير في التحكم بالجسد وقراءة النص وأداء الشخصية، وتفيد أيضاً في التشبيك بين المسرحيين، وتقديم الوجوه الجديدة، لكنها لن تجعل من أي كان مبدعاً حقيقياً أو ممثلاً عبقرياً، فهذا يحتاج إلى ابتكار من الممثل نفسه، وبالضرورة وجود حركة مسرحية جدية حاضرة طيلة العام وليست مرتبطة فقط بأيام المهرجانات أو العروض التجارية.
الأمر لا يقتصر على المغرب فقط، فلطالما نادى مسرحيون عرب، مثل المصريين أحمد زكريا وعبد الفتاح صبري، والسوداني نبيل ساتي، والتونسي يوسف بحري، بضرورة تبني فكرة المحترف، مع ضرورة تعزيز التجريب، ووضع خطة لإعادة تكوين منهجية للمخرج والممثل وكل المشتغلين بالمسرح، وكذلك يحتاج إلى إعادة النظر في المناهج المتبعة حالياً، وابتكار مناهج أكثر حيوية.