فن الأقنعة: سجلّات بصرية لأيام الحَجْر

17 يونيو 2020
تيودور بوتيتش/ رومانيا
+ الخط -

تظلُّ لوحة الفنان النمساوي إيغون شيلي (1890 - 1918) لزوجته التي رحلت حبلى نتيجة إصابتها بالإنفلونزا الإسبانية من بين أشهر اللوحات في تاريخ الفن التي تناول الأوبئة، خاصة أنه رحل بسبب الوباء نفسه بعد أيام قليلة من رسمها، في مرحلة شهدت ازدهار الفنون التي امتزج محتواها بالرسوم العلمية والروح الوطنية لمواجهة المرض.

يعكس معرض "فن الأقنعة - الإبداع في ظروف الحجر" الذي افتتحه مكتب "اليونسكو" في بيروت في الحادي والعشرين من الشهر الماضي، مقاربات مئتين وخمسين فنّاناً من مئة وعشرين بلداً لجائحة "كوفيد - 19"، بوصفها حدثاً عالمياً يؤثّر في البشرية جمعاء.

تكرّم التظاهرة التي تتواصل حتى حزيران/ يونيو من العام المقبل، فنّانين كرّسوا تجارب بارزة عالمياً، هم المكسيكي ألفارو بانكيرت (1934) الذي قدّم على مدى ستّة عقود رسومات مستوحاة من ثقافة شعوب الكومياي (أهل البلاد الأصليين في الولايات المتّحدة والمكسيك) والأماكن التي سكنوها لآلاف السنين، إلى جانب الفنّانة البصرية اللاتفية سبيلا ياجرناسون (1938) التي تُعدّ من أبرز الفنّانين التعبيريّين خلال خمسينيات القرن الماضي، وعارضت في أعمالها القيود الصارمة للكتلة ضمن رؤية مفاهيمية، والروماني تيودور بوتيتش (1938) الذي ركّزت لوحاته على المناظر الطبيعة في مقاطعته ترانسيلفانيا التي ولد فيها.

ألفارو بانكيرتومن المحتفى بتجاربهم أيضاً الإيطالي تونيني موريزي (1940) الذي ينتمي إلى الحركة المستقبلية عبر تبنّي الأسلوب البسيط والهندسي والدقيق للباوهاوس بهف الجمع بين الفن والحِرَف والتكنولوجيا معاً، والبرازيلي زي (1943 - 2013) وتناول الحياة اليومية في بلاده باستخدام الطباعة الحريرية.

تتضمّن الأعمال المشاركة ردود فعل أصحابها تجاه القناع الطبّي الذي يشكّل رمزاً صارخاً لخطر العدوى بالفيروس التاجي، وتعبيراتهم حول الخوف من المجهول والأمل في غد مختلف، وربما لا تزال الغاية الأساسية تطغى على فنون الأوبئة حتى اليوم ممثّلة في تعزيز الوعي، بحيث تظلّ الرسائل المباشرة حاضرةً لدى معظم الفنّانين.تونيني موريزي

المعرض الذي تشارك في تنظيمه "منظّمة البحر الأبيض المتوسط" (ميدوس)، يسعى بشكل أساسي إلى توثيق فترة الحَجْر، حيث يحضر عربياً الفنان العراقي طلال محمود بمنحوتة حجمها 15 سنتيمتراً، تمثّل كبير الآلهة البابلية (مردوخ) على شكل لوحة من البرونز، والفنّان القطري محمد العتيق الذي ينوّع في تقنياته المستخدمة في أعماله التجريبية، ويقدّم الرسم والكولاج على القماش ويبرز عمله وجهاً أحمر تلتفّ حوله دوائر حلزونية، بالإضافة إلى مواطنته حصّة كلا التي توظّف مفردات تنتمي إلى التراث وتمزجها في أحيان كثيرة بالحرف العربي.

ويشارك أيضاً كلّ من سمر كامل بعمل يبدو القناع فيه احمراراً يغطّي الجزء السفلي من الوجه ويتداخل مع عناصر الطبيعة من حولنا، وأحمد ممدوح بِكراتٍ زهرية اللون تتقافز على خلفية صفراء تاركة ظلالها في الأسفل في إحالة إلى شكل فيروس كورونا كما صوّره العلماء، وشادي أديب سلامة بلوحة يظهر فيها طائر أسود مختبئ في غصون متشابكة من الشجر.

ينشر مكتب اليونسكو على منصّاته الإلكترونية أعمال المشاركين التي تُجمَع كلّ أربعة في ملصق واحد، حيث تظهر أسماء وليد الزواري من تونس، وحكيم العاقل من اليمن، ولينا كيلكيان وكارمن شبيب من لبنان، ومي السعد من الكويت وآخرين.

دلالات
المساهمون